حظيت التجربة الجزائرية لترقية التشغيل والتقليص من سقف نسبة البطالة بالاهتمام والاعجاب، ووصفت خلال مؤتمر العربي في دورته الـ40 الذي تختتم أشغاله اليوم، بالنموذجية التي يمكن الاستعانة بها وتعميمها على الكثير من الدول التي ارتفعت بها أرقام البطالة بشكل مخيف، خاصة وسط فئة الشباب، واتفق وزراء وخبراء من بعض الدول العربية على أن أحداث ما يصطلح عليه بالربيع العربي أثّر على استقرار بعض الدول، فتراجع استثمارها، وتواجه اليوم أزمة بطالة، ناهيك عن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، فما هي التحديات وهل هناك حلول ناجعة؟ تلك الاستفهامات طرحناها على بعض المشاركين في مؤتمر العمل العربي الذي احتضنته الجزائر طيلة أسبوع كامل..
محمد لقمان (مدير المنظمة العربية للعمل):
التخفيض من البطالة إلى النصف عربيا من 2010
إلى 2020
كشف محمد أحمد لقمان مدير المنظمة العربية للعمل أنه من المقرر أن يتم في شهر ماي الداخل إصدار أول تقرير عربي حول سوق العمل يتضمن جميع تفاصيل سوق العمل من أرقام، يشرح راهن سوق التشغيل وتحدياته ويمكن من خلاله لأصحاب القرار الاعتماد عليه في اتخاذ القرارات الصائبة في مواجهة البطالة وترقية التشغيل.
واعترف مدير منظمة العمل العربية بوجود مشكلة كبيرة تواجه الوطن العربي تتمثل في البطالة، وشدد على ضرورة أن تتصدر أولويات حكومات الدول العربية دون استثناء، بالنظر إلى تزايد انتشارالبطالة والفقر نهاية 2011 وخلال سنة 2012، لكنه وبالموازاة مع ذلك استحسن تصدر قضايا التشغيل أجندة الدول العربية، بالنظر إلى الوعي بتأثيرات خطرها، وقال أنهم يعولون على تصدرها أولويات الحكومات العربية خاصة في ظل ما عاشته الدول العربية، وأبدى اهتمامه باستقرار منطقة الربيع العربي من أجل الاهتمام بالشباب والمرأة.
ويرى الدكتور لقمان أن عودة الاستقرار يعد عاملا جذابا للاستثمار، وبالتالي استحداث مناصب شغل وكذا خلق الثروة، وتحدث عن رغبة المنظمة في ضخ أموال للصناديق التي تدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للشباب، كونها تستوعب نسبة كبيرة من البطالين، على جانب تنمية الريف، لأن نسبة كبيرة للسكان في المنطقة العربية تتمركز في المناطق الريفية. ومن الخيارات التي طرحها مدير منظمة العمل العربية من أجل امتصاص البطالة، إعادة النظر في برامج التعليم والتدريب بما يتناسب وطلب سوق التشغيل، ولم يخف أنها مازالت تسير وفق أنظمة سوق العمل القديمة، واغتنم الفرصة ليدعو مؤسسات التدريب والتعليم حتى لا تبقى خططها ومناهجها ثابتة كون التحول قائم واستيعابه مهم جدا لأي تطور وتناسق.
وتحدث عن وجود عقد عربي لتخفيض البطالة إلى النصف في الفترة الممتدة ما بين 2010 إلى آفاق عام 2020، لكنه لم يخف أنه من سوء حظ المنطقة العربية أنها واجهت الأزمة الاقتصادية، مما أسفر عن تزايد في البطالة غير أنه بدى متفائلا بفضل تجربة الجزائر التي نجحت في تخفيض نسب البطالة.
واعتبر أن التأمين عن البطالة في الجزائر تجربة نموذجية يمكن تعميمها على العديد من الدول وذكر في سياق متصل أن تمكن الجزائر من التخفيض من مشكلة البطالة خلال الثلاث سنوات الفارطة يعد حافزا حقيقيا.
أمل عبد الرزاق (وزيرة العمل اليمنية):
الجزائـــــر مستعـــــدة
لتزويدنــــا بخــبراء
أما السيدة أمل عبد الرزاق، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في اليمن، لم تخف بأنها جد معجبة بتجربة التشغيل الجزائرية، ووجدت أنها تتسم بالكثير من المرونة لتطبق عربيا، وأكدت أنها بحثت مع وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الطيب لوح إمكانية الاستفادة من التجربة الجزائرية التي ترى أنها رائدة، وأوضحت في سياق متصل، أن الوزير الجزائري أبدى استعداده لتزويد اليمن بالخبراء، ووقفت على أن هذه التجربة بإمكانها خلق العديد من مناصب الشغل وسط الشباب على وجه الخصوص، وأعلنت في ذات المقام أنه خلال الأيام القليلة المقبلة ستعقد اللجنة اليمنية الجزائرية المشتركة، وسيتم تحديث الاتفاقيات الثنائية، في صدارتها عقد اتفاقية تسمح بالاستفادة من التجربة الجزائرية.
وترى أن تقرير المدير العام لمنظمة العمل العربية أقر أرقاما مخيفة على اعتبار أن نسبة البطالة في الفترة الاخيرة ارتفعت بـ 3 مليون عاطل عن العمل، تضاف إلى 17 مليون بطال التي كانت موجودة من قبل وتعتقد أن الوضع يتطلب تجسيد برامج للمعالجة، وخلصت إلى القول أنهم شهدوا أزمة سياسية كانت لها أثار سلبية على التشغيل في اليمن لكن بدت متفائلة كون منظمة العمل العربية في الأيام المقبلة ستعكف على تطبيق برنامج خاص لمعالجة البطالة ودعم التشغيل، معترفة أنهم في حاجة الى فترة طويلة من أجل معالجة أزمة التشغيل.
حامد بويسي (مدير تشغيل تونسي):
الجزائر تشهد نهضة لافتة
اشترط حامد بويسي، مدير تشغيل جهوي بتونس، على ضرورة دعم أُصر التواصل والتعاون الاقتصادي العربي بوجود دول تتمتع بخيرات طبيعية، لكن عدد شعوبها قليل بينما هناك دول تفتقد للموارد ولها كثافة سكانية وراهن على دور التعاون المشترك للمجتمع المدني والغرف، وتحدث عن تسجيل تزايد في عدد المستثمرين الجزائريين بتونس.
واعترف مدير التشغيل التونسي بالنهضة التي تعرفها الجزائر خاصة، في مجال البنى التحتية والاستثمار المولد لمناصب الشغل، التي تفاجأ بها، وقال أنها مؤشر على التطور الذي تعرفه الجزائر، ويرى أن الدولة تعنى بالبنى التحتية أما القطاع الخاص يهتم بفتح مناصب الشغل الدائمة. وبخصوص المخاض الذي عرفته تونس لم يخف أنه في البداية، فقدوا مناصب شغل لكنه يقر بأن الاقتصاد التونسي خلال سنة 2012 شهد انتعاشا ويسير نحو تنامي الاستثمار.
عبد الوهاب خولالن (عضو المركزية النقابية):
يجب إرساء مبدأ تكافؤ الفرص
واستعرض عبد الوهاب خولالن عضو المركزية النقابية بالاتحاد العام للعمال الجزائريين نقاط القوة والنقائص في تجربة التشغيل الجزائرية، وأوضح أن سوق العمل الجزائرية تتوفر على آليات لا توجد في العديد من دول العالم على غرار أنساج -وأنجام -وكناك التي تحرص على مكافحة البطالة وسط الشباب على وجه الخصوص، لكنه دعا إلى إصلاح العديد من الاختلالات التي تتسبب فيها البيروقراطية واعترف أنه في جهاز أنام، لا توجد شفافية تامة لعروض العمل وفي بعض الأحيان لا يكون تبليغ عن مناصب الشغل الشاغرة لدى المؤسسات الاقتصادية، والحل في رأيه إرساء مبدأ تكافؤ الفرص والأولوية للكفاءة. واعتبر خولالن أن التجربة الجزائرية رائدة بشهادة مكتب العمل الدولي، ويرى أن خلق الثروة يكون عن طريق إنشاء المؤسسة وتفعيل الاستثمار والاعتماد على الشباب في هذه العملية جد مهم وضروري، ولأن الدول المتقدمة ترتكز اقتصادياتها على المؤسسات الصغيرة.