تسعى الجزائر منذ عدة سنوات على وجه الخصوص، للرفع من قدراتها الإنتاجية في مجال الوقود، لكبح الاستيراد والتفكير بعد تغطية الطلب المحلي التوجه نحو الأسواق الخارجية للتصدير، حيث تفكّر كمرحلة أولى الوصول إلى إنتاج 60 مليون طن سنويا في آفاق عام 2019، وبالتالي مضاعفة الحجم الحالي المقدر بـ 30 مليون طن. ولعل الشّروع في إنجاز وتأهيل المصافي يعكس حجم الرهان المرفوع، في إطار برنامج ضخم بمختلف مناطق الوطن يتصدّره مصفاة العاصمة، التي سينطلق في أشغال إعادة تهيئتها وترميمها مع شريك صيني رائد من شأنه أن يعزّز إنتاج هذه المادة الحيوية التي تملك الجزائر فيها إمكانيات مادية وبشرية كافية بمعايير عالمية.
لعل المنتظر من أهداف البرنامج الضّخم والواعد الواضح المعالم، يكتسي أهمية كبيرة ليحوّل الجزائر من دولة مستوردة لهذه المادة إلى دولة منتجة، لذا نذكر أنّ جزءا من هذا البرنامج الوطني يتضمّن إنجاز 3 مصافي جديدة ستدخل مرحلة الإنتاج خلال السداسي الأول من آفاق عام 2020 لإنتاج مالا يقل عن ٧ . ٣ مليون طن من البنزين و9 مليون طن من المازوت.
ودون شك سيمثل إنشاء هذه المصانع الثلاثة، المرحلة الثانية من برنامج ضخم من الاستثمارات في مجال التكرير، وسيتولّى في المرحلة الأولى مهمّة إعادة تأهيل وتوسيع، وكذا ترميم مصافي كل من ولاية سكيكدة وأرزيو و الجزائر العاصمة، ويأتي العمل المكثّف من أجل الرفع من القدرات الإنتاجية للمواد الطاقوية المتعلقة بالوقود، وبالتالي التقليص من حجم الكميات الضخمة والسقف العالي من الاستيراد، خاصة خلال هذا الظرف الحالي، الذي لا يخلو من الصعوبة المالية والتحدي الاقتصادي لتنويع الاقتصاد، ويمكن القول أن تقوية الإنتاج بعد تأهيل المصافي وإنجازها بمعايير عصرية ومتطورة سيكون فرصة ثمينة لليد العاملة الجزائرية لتنفتح ولتتحكّم في التكنولوجيا الحديثة المتعلقة بالصناعة البترولية، ومن جهة أخرى يمكن القول كذلك، أنها فرصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتساهم في هذه البرامج بفعالية، كونها سوف ترفع من سقف الإنتاج وتكبح الاستيراد، وتفتح آفاق مستقبلية للجزائر لتصدر على المديين المتوسط والبعيد، وبإمكان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحصول على أسواق محلية ومن جهتها شركات المناولة ستكون لديها بدورها فرصة للازدهار، لكن يشترط أن تكون مختلف المؤسسات على درجة عالية من الاحترافية من خلال احترام معايير الجودة والإتقان.
وكانت شركة صينية قد ظفرت بعقد إعادة تهيئة وتحديث أكبر مصفاة نفط بالعاصمة من أجل إعادة توسيعها وتأهيلها، حيث يرتقب أن يوقّع العقد اليوم 6 نوفمبر، وسيكون فرصة للكشف عن تفاصيل هذه الصفقة، التي تم خطفها من شركة «تيكنيب» الفرنسية، بعد أن قام مجمّع سوناطراك في جوان 2015 بإلغاء العقد، عقب عدم التزام الشريك الفرنسي بآجال الإنجاز، علما أنّها تسلّمت المشروع منذ عام 2010 لكنها لم تتقدّم كثيرا في الأشغال، علما أنّ قيمة تكلفة الانجاز بلغت آنذاك غلافا ماليا يناهز 908 مليون دولار، والشروع في أشغال تهيئة وترميم مصفاة الجزائر مقرّر مع مطلع عام 2017، كما كشف عن ذلك مؤخرا الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك أمين معزوزي. والمنتظر من الشريك الصيني أن ينقل الخبرة إلى الشريك الجزائري، ويحترم آجال الإنجاز، لأن السوق معروف عنها أنها تتغير بسرعة، حتى لا تتكبّد الجزائر المزيد من النفقات من خلال الاستمرار في استيراد كميات معتبرة لتغطية الطلب المحلي.