مهماه بوزيان الخبير الطاقوي :

يمكن للجزائر لعب دور المسهل في المساعي التوافقية داخل المنظمة

حاورته: فضيلة بودريش

السعر المتوازن لن يتحقّق قبل عام  2019

يتحدث بوزيان مهماه خبير في شؤون الطاقة في حوار خصّ به «الشعب»، عن أسباب وتداعيات إرجاء قرار تثبيت إنتاج البترول إلى غاية شهر جانفي، الذي كان مقررا في لقاء الدوحة الأخير بين الدول المنتجة للنفط داخل وخارج «الأوبيب»، من خلال تشريح دقيق ومستفيض، ويحلل آفاق واقع الإنتاج والاستثمار في مجال المحروقات، مع توقعاته للمنحى الذي سوف تستقر عليه أسعار برميل النفط، ومستقبل منظمة «الأوبيب» .
«الشعب»: انعقد اجتماع الدوحة للدول المنتجة للنفط داخل وخارج منظمة «الأوبيب»، من أجل دراسة الحلول الناجعة لتصحيح الأسعار وامتصاص الفائض ، دون أن يتوصل إلى تجميد الإنتاج..هل من شأن ذلك التأثير على تعافي واستقرار الأسعار في الوقت الراهن؟
بوزيان مهماه : في البداية يجب إثارة العديد من الاستفهامات..هل مسار الدوحة كان كفيلا بتجاوز الأسباب الجوهرية التي أدت إلى الانهيار العنيف لأسعار برميل النفط، وهل كان بإمكانه تصحيح الأسعار؟ وعند محاولة تلمس عناصر الإجابة نجد أن الأسباب متعددة الأوجه ومتداخلة المستويات من بينها الاقتصادية والطاقوية والسياسية، كما أنها متراكبة. إذا كان الجميع يرجع السبب الرئيسي المؤدي إلى هذا الوضع في تخمة الأسواق بالمعروض النفطي، واستمرار وجود هذا الفائض المعروض، لكنني أرى أنه يتعين علينا فهم وتفسير الأسباب الكامنة وراء حالة تشبع هذه الأسواق وإغراقها بالمزيد من التدفقات للخام النفطي.
للعلم ندرك جيدا أن الولايات المتحدة الأمريكية، بعد عام 2010، فاجأت الجميع بزيادة إنتاجها النفطي، وكان الجميع يعتقد بأنها مجرد «طفرة» لما يسمى بالنفط والغاز الصخريين، لكنه فيما بعد أصبح الأمر عبارة عن «ثورة حقيقية» تنبئ بتغيير في مشهد الطاقة العالمي. فقبل ست سنوات من الآن، كان المتوقع أن تستورد الولايات المتحدة كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، بهدف التعويض عن عجز في إنتاجها المحلي، واليوم تعد ضمن كبار المنتجين والمصدرين. وقد ظهرت موجة «تسونامي»، «الطاقة غير التقليدية» في وقت لم يتعافَ فيه الاقتصاد العالمي بعد من آثار الأزمة. لكنها ظهرت أيضا متزامنة مع موجة ما يعرف بالربيع العربي، لذا ينبغي التنبيه بأن العامل الجيواستراتيجي حاضرا بقوة في أزمة أسعار النفط الحالية.
وضمن هذا المنظور من التحليل نجد بأن عدم تتويج اجتماع الدوحة للدول المنتجة للنفط داخل وخارج منظمة «الأوبيب» المنعقد بتاريخ 17 أفريل 2016، وما تمّ إقراره من تغيير أعمال القمة إلى موعد لاحق، ما هو إلا أحد تداعيات الأزمة الجيوسياسية التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. خاصة وأن التوافق على تثبيت حصص الإنتاج كان يصبّ في مصلحة جميع المنتجين، مما كان من المفروض أن يؤدي إلى استقرار الأسعار ثم تعزيزها، لكن الاتفاق لم يحدث!
وسيكون لكل هذا انعكاسات وخيمة على السوق النفطية، حيث ستزداد الأسعار هشاشة وستكون أكثر حساسية للتغير، وسنشهد تذبذبات في الأسعار صعودا وهبوطاً. وعلى الرغم من أن برميل النفط، في الأسابيع الأخيرة، اكتسب تقدما إيجابيا تدريجيا على الأرض، لكننا ننبه بأن سعر برميل النفط يكون قد دخل حيز «الدائرة المفرغة»، الكل يتمنى تعافي الأسعار، لكن في حال ارتفاعها فوق الـ 60 دولار للبرميل ستتاح الفرص مجددا للنفط والغاز الصخريين للضخ في الحين، مما سيتسبب مجددا في تعويم السوق، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى تراجع الأسعار، حينها سيعمد كل المنتجين إلى زيادة حصصهم الإنتاجية لتعويض الفارق في المداخيل بسبب تراجع الأسعار، مما سيعمّق من حالة هشاشة سعر البرميل، في نفس الوقت ستتوقف حقول النفط والغاز الصخريين لبعض الوقت في انتظار تعافي الأسعار مجدداً، وهكذا دواليك، والجميع أي ما تعلق ب (إستثمارات، منتجون، بنوك، ..) مرهونون بهذه «الدائرة المفرغة». علما أن هذه الحلقة سوف تؤدي إلى وجود فائض مستدام من الذهب الأسود في السوق العالمية، وبالتالي تسجيل حالة هشاشة مستدامة لأسعار النفط.  لكني رغم كل هذا أستطيع القول بأن انعقاد الاجتماع في حد ذاته يعد إنجازا تاريخيا لصالح النفط بخلاف «الأوبك»، لأن روسيا كانت ترفض الاجتماع مع الدول المنتجة للنفط. والمهم أن المجتمعين اتفقوا في الأخير على إرجاء الاتفاق إلى قمة جوان القادم.
 يصعب التوصل إلى اتفاق ملزم خلال لقاء جوان
ما هي الأسباب الحقيقية وراء تعثر تتويج لقاء الدوحة الأخير بأرضية وفاق؟
 يمكن القول إن المنظور السياسي طغى على الاجتماع أكثر من الجانب النفطي، حيث إن حدّة الاستقطاب بين إيران والسعودية وتدهور العلاقات الديبلوماسية بينهما، إلى جانب الوضع الأمني الصعب في اليمن وسوريا والعراق، كل هذا أثر، وأجل اتخاذ القرار، الذي كانت الدول المنتاجة للنفط تتطلع إليه، ويتعلق الأمر بمسعى «تثبيت الإنتاج» عند حدود متوسط سقف جانفي / فيفري 2016.
هل يمكن أن ينتظر تحقيق توافق عقب لقاء جوان المقبل؟
 رغم أن أكبر مهدّد لأي اتفاق عدم تطابق وجهات النظر بين السعودية وإيران فيما يتعلّق بمستويات الإنتاج وخفضها أو تجميدها، لكن ينبغي عدم إغفال وضعية بقية المنتجين الآخرين داخل «الأوبيب» على غرار العراق (ثاني منتج داخل المنظمة) الذي مازال لم يلتزم بأي اتفاق، إلى احتمال عدم قبول ليبيا لأي اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى خفض إنتاجها. لذا لا ينبغي توقع الكثير من لقاء جوان المقبل، لأنه من الصعب الوصول إلى اتفاق ملزم للجميع. لكن التوافق الممكن هو «إرجاء إيران» ومنح «إعفاء تفضيلي» لكل من العراق وليبيا. وهذا من المستبعد أن يحدث، حتى وإن تمّ ترقيع اتفاق في إطار تفاوضي شامل، فإن هذا «التوافق الحرج» سيؤدي إلى أسعار مستقرة للبرميل النفطي لكنها منخفضة، وستكون هشّة بحيث ستستقر لفترة قصيرة وتعاود التأرجح مجددا.
 الأسعار على المدى المتوسط لن تتجاوز سقف الـ 50 دولارا
على ضوء السناريوهات المحتملة ما هو منحى أسعار برميل البترول المتوقع تسجيله على المديين القريب والمتوسط؟
 نتيجة للوضع المتقلب الذي آلت إليه أسواق النفط، وحالة اللايقين التي أصبحت تسودها، والهشاشة الكبيرة التي أضحت تميز سعر برميل النفط، والحساسية التي تطبع بورصات عقود الخام، أصبح من الصعب جدا مباشرة توقعات قطعية بشأن أسعار النفط المستقبلية، والمستويات التي يمكن أن تصل إليها الأسعار، أو حتى الوثوق بهذه التوقعات المتقلبة والمتجادلة فيما بينها في الكثير من الأحيان، غير أن هناك مؤشرات يمكن الاعتماد عليها للقول، بأن ما تبقى من هذه السنة (2016) سيشهد استمراراً لحالة عدم التوازن في الأسواق للعام الثالث على التوالي،
والأسعار على المدى المتوسط لن تتجاوز مستوى الـ 50 دولاراً للبرميل، والمستوى القريب من السعر العادل والمتوازن الذي تدعو له الجزائر لن يكون قبل سنة 2019، وأي ارتفاع حاد للأسعار، كنتيجة محتملة لتغيرات ظرفية أو مفصلية، في المدى المنظور سيقابله انهيار عاصف في مرحلة قادمة.
ومن المتوقع أن نرى تحولات في المشهد  المتعلق بالوضع الطاقوي العالمي على المدى المتوسط، لأن تاريخ أزمات النفط يؤكد أنه في أعقاب كل أزمة حادة تبرز تغيرات جوهرية (اندماج الأخوات السبع الكبار، إنشاء الوكالة الدولية للطاقة، التحول نحو الاستثمار في أعالي البحار وفي البحار العميقة، ..).
 ما هو الدور الذي يمكن للجزائر أن تلعبه دبلوماسيا لإثراء التشاور  داخل «الأوبيب»من أجل تحقيق إجماع على موقف مشترك يقود إلى إرساء سعر عادل ومنصف في السوق النفطية؟
 اليوم نشهد حدوث تحول تاريخي في رؤية منظمة «الأوبيب»، حيث تخلت عن دورها كفاعل أساسي يؤثر في أسعار النفط، من خلال آلية فعالة تستمد تأثيرها من نظام الحصص، وتبّنت شعارا جديدا «لن نكون مدراء السوق بعد الآن، لنسمح للسوق بإدارة نفسه». والمتعارف عليه أن الهدف الكامن وراء تأسيس منظمة «الأوبيب» عام 1960، يكمن في العمل على تحقيق استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية والتغلب على التقلبات الضارة واعتماد السبل والوسائل التي تضمن ذلك، من خلال آلية التنسيق في السياسات البترولية بين الدول الأعضاء، وتقرير ما يحقق ويحفظ مصالحها الفردية والمجتمعة كدول منتجة، وضمان حصولها على دخل مضطرد، في إطار من المساواة في السيادة بين الدول الأعضاء واحترام مصالحها، ومراعاة إمداد الدول المستهلكة بانتظام واعتدال، وضمان عائد منصف للمستثمرين في مجال البترول. لكن مسار الدوحة في اجتماعيها الأول (16 فيفري 2016) والثاني (17 أفريل الجاري) بين المنتجين من داخل وخارج «الأوبيب» لبحث مخرج لأزمة برميل النفط الحالية هو إقرار واضح بأمرين أساسين، فالأمر الأول يتمثل في أن المنظمة فقدت القدرة على ممارسة آلية الضبط لأسواق النفط بمفردها، والأمر الثاني يتعلّق بفقدان المنظمة لقدراتها الداخلية المتعلقة بالانضباط والالتزام وكذا تكريس سيطرة كبير المنتجين بداخلها على القرار، مما جعل من التراكمات السلبية الداخلية بين الدول الأعضاء تحديا يهدّد استمرار المنظمة كفاعل أساسي في السوق النفطية. فعلى سبيل المثال توجد حاليا داخل المنظمة ثلاث مقاربات متباينة لطروحات متنافرة، فهناك المقاربة الأولى التي تنبنى على ضرورة الالتزام بنظام الحصص المقررة وتكييفه بانتظام، حتى يستمر في تحقيق فاعليته كأداة لتحقيق سعر عادل ومتوازن ومستدام لبرميل النفط في الأسواق وهو طرح تدافع عنه كتلة تضم كلا من الجزائر وفنزويلا والإكوادور، و هناك مقاربة ثانية تستند على فكرة «المحافظة على الحصص السوقية» كمكسب، وتصر على إغراق الأسواق بالنفط، بهدف تخفيض سعره. الطرح الذي غذى تحولاً جذريا في إستراتيجية «الأوبيب» صوب الدفاع عن الحصص السوقية، بدلا من خفض الإنتاج لدعم الأسعار. بينما نجد كذلك من بين أعضاء المنظمة مجموعة أخرى غير منسجمة لكنها تتقاسم هما أساسيا يكمن في السعي من خلال استغلال عوائد النفط لإعادة بناء نفسها وتقوية اقتصادها المترهل بسبب الحصار الدولي وتجميد ودائعها أو كنتيجة للأوضاع المضطربة التي تعصف بكيان الدول وتضم هذه المجموعة كلا من إيران والعراق ونيجيريا وليبيا، وإذا كان الإشكال البارز اليوم داخل المنظمة والذي تتجه إليه كل الأنظار هو المطلب الإيراني المتجذر والملح لاستعادة حصتها من إنتاج أوبك والعودة على الفور إلى مستويات ما قبل العقوبات التي فرضت عليها، لكن ينبغي أن لا نغفل التماس العراق للحصول على استثناءات تفضيلية تبعا لوضعها، ولاحقا نفس الشيء بالنسبة لليبيا حينما يأخذ مسار الوفاق مداه وتستعيد الدولة الليبية سيطرتها وتحكمها في منشآتها النفطية، دون أن نغفل وضع نيجيريا.
في ظلّ هذا الوضع المتنافر داخل «الأوبك»، من مصلحة الجزائر المحافظة على سياستها المتوازنة التي تعتمد على دعم التوافق وتغليب الروح الجماعية، لذا بإمكانها، من خلال تجربتها الرائدة في على مستوى المنطقة وكذا موثوقية التزاماتها وجدية الوساطة الدبلوماسية التي تميز مساعيها، أن تلعب دور المسهل في المساعي التوافقية.
     خفّض دول «الأوبيب» إنتاجها إلى 30 مليون ب/ي  
 هل سيكون للخلاف السعودي الإيراني تأثير عميق على مستقبل الأوبيب، وبالمقابل و هل بإمكان باقي الأعضاء النجاح في تضييق هذا الخلاف، انطلاقا من المصلحة المشتركة ؟
 يوجد مبدأ أساسي في عمل المنظمات والمتمثل في ضرورة الحفاظ على «ثقافة المنظمة»، كونها الآلية الخفية المحركة للسلوكات والأفعال والموجهة لدينامكية التنمية والتطوير، والمعززة لروح التوافق داخلها والموصلة لصنع القرارات بنجاح وما تتضمنه من مقاربات متشابكة واختيارات بين البدائل المطروحة تحقيقاً للأهداف المشتركة. يفترض هذا ما ينبغي أن تكون عليه منظمة «الأوبيب» في عملها. لكن الوضع، بعد مسيرة نصف قرن من الزمن، يظهر تبايناً حاداً داخلها، حيث وصلت خلافاتها إلى مستوى من الجدية، بالإمكان أن تتسبب في التأثير التدريجي على تناسق رؤى أعضاء المنظمة، مما سيتيح الفرصة للولايات المتحدة لتحقيق حلمها الذي راودها. ولعلّ من تجليات ذلك الخلاف السعودي الإيراني، والذي أخذ أبعاداً متشعبة. وفي المقابل تعلن إيران عودتها وبشكل واسع بعد رفع العقوبات عنها وأنها ليست بحاجة للحصول على تصريح من منظمة «الأوبيب» لزيادة إنتاجها النفطي في السوق العالمي.
إن صعوبة التقريب بين وجهات النظر المتنافرة بل تكمن في كون الصراع حول حصص إنتاج الخام النفطي داخل «الأوبيب» بين المملكة العربية السعودية وإيران ما هو إلا أحد تجليات صراع النفوذ والزعامة في منطقة الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بوضع أسس صلبة تسمح بتضييق مساحة الخلافات داخل «الأوبيب» يتعين على الجميع الالتزام بإطار عمل المنظمة واحترام القواعد التي تمّ التوافق حولها، وتطبيقها بين جميع الأعضاء على قدم المساواة، وإن اقتض الأمر إعادة تجديد «العقيدة الاقتصادية» للمنظمة، وإعادة التوافق على معايير جديدة ناظمة للعلاقات بين الأعضاء، لتعيد توزيع المنافع وفضائل العمل المشترك بين الجميع بإنصاف. والحل يكمن في الحفاظ على المصلحة المشتركة بأن تقدم دول «الأوبيب» مجتمعة بخفض إنتاجها إلى مستوى ثلاثين مليون برميل يوميا.
  توظيف الذكاء الاقتصادي
في ظلّ المستجدات ذات البعد السلبي ما هي الخيارات التي يمكن أن تتبناها الجزائر لضمان النمو؟
 عندما نركز على فكرة ضمان النمو ضمن منظور تخطيط السياسات وتنفيذ العمليات ونجاعة الأداء وسلاسته، يتعين علينا إطلاق قدرات المؤسسات الوطنية الكبرى حتى تتمكن من رفع طاقتها وتحقيق زيادات محسوسة ومستدامة في معدل نموها كمؤسسة، وحتى تستجيب لحتمية زيادة احتياجاتها من الموارد المالية، ينبغي ببساطة توظيف الذكاء الاقتصادي في المجال التشغيلي للمؤسسات، ومن أبسط الممارسات الرشيدة في هذا الاتجاه، العمل على إعطاء الأولوية للحفاظ على الموارد الذاتية لهذه المؤسسات من خلال اللجوء، في ظلّ «الجدارة الائتمانية» التي تتصف بها على غرار مؤسسة سوناطراك مثلا، للاقتراض من المؤسسات المالية بغية تمويل الاستثمارات المخطط لها، مما سيمكنها من توسيع أرباحها في ظلّ المناخ المالي العالمي الحالي المتسم بالركود مما دفع بالعديد من البنوك، خاصة في المنطقة الآسيوية، لطرح حزم متنوعة من القروض المنخفضة الفائدة مع فترات سداد ميسرة.
لعله أصبح من المسلمات، وليس جديدا على الجميع إذا قلنا بأن مسعى «فك الارتباط بالمحروقات» يعدّ خياراً محتوماً، بالنسبة للاقتصاد الجزائري، وكذلك الحال بالنسبة للتوجه الجديد الذي يتوخى تكريس التنويع الاقتصادي (التنويع في المصادر والموارد وأنماط التمويل، وفي الأسواق والشركاء، وفي النشاط الاقتصادي،..) والذي يتعين على الاقتصاد الوطني مباشرته هيكليا «تغيير هيكلي معزز للنمو» من خلال إحلال جملة العناصر الضرورية لتشكيل هذا المنظور الجديد، وإذا كنا نجد توافر الموارد البشريّة والماليّة ضرورة، فإن الاستخدام الأمثل والشّامل للموارد الاقتصاديّة حتى لا يكون هناك مورد منها معطّل، بل يجري استغلالها جميعا وتحقيق أكبر فائدة منها. وبات من الضروري وضع خارطة طريق بأهداف محسوسة على المدى القريب وأخرى على المدى المتوسط، وتخطيط ذلك يحتاج إلى عمل في العمق مع تفعيل مقتضيات «اليقظة الإستراتيجية» على مستوى مختلف المؤسسات بهدف تحيين القدرات الاقتصادية الوطنية ومتابعة حالة الأسواق الخارجية وتطوراتها واستشراف الفرص والمخاطر الكامنة من خلالها. ويحتاج القطاع المالي إلى الدعم، من خلال وضع سياسات فعالة تعزيز تطوره وكذا آليات التمويل، مما سيؤثر بشكل إيجابي في النمو. ويجب الحرص بالموازاة مع ذلك على تكثيف استكشاف مكامن الغاز بالجزائر، حتى يتسنى تعزيز احتياطاته، مع السير نحو تثمين قدرات ما تتمتع به بلادنا من هذا المورد وتجسيد خيار النموذج الطاقوي المبني على الغاز الطبيعي إلى جانب تفعيل نشاط الجزائر في مجال الدبلوماسية الطاقوية وفكّ الارتباط بين أسعار النفط والغاز.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024