الخبير الاقتصادي كمال خفاش

إرساء منظومة إنتاجية ذات تنافسية عالية لاقتحام أسواق القارة السمراء

حاورته: فضيلة/ب

للجزائر قدرات لرفع صادراتها خارج المحروقات إلى 10 % على المدى القريب

يطرح الدكتور كمال خفاش خبير اقتصادي آفاق وفرص التصدير التي تتطلع الجزائر للتموقع فيها على مستوى أسواق القارة السمراء ويدعو إلى ضرورة تقوية المنظومة الإنتاجية وجعل المؤسسة الاقتصادية في صدارة الاهتمام لتوسيع الاستثمار والانفتاح على التكنولوجيا من خلال بناء شراكات منتجة، ويصف السوق الإفريقية بالوجهة المغرية للجزائر التي لا تفرض شروطا قاسية لولوج المنتوج إليها.
«الشعب»: كيف ترون آفاق الشراكة الجزائرية الإفريقية، على ضوء عقد منتدى الخريف المقبل؟
«الخبير كمال خفاش»: الشراكة الثنائية المرتقب أن تجمع بين الجزائر ونظرائها من الدول الإفريقية، تتطلب من الجزائر أن تعكف في الوقت الحالي على تنويع نشاطها الإنتاجي الصناعي والفلاحي، من أجل اقتحام الأسواق الإفريقية، في ظلّ صعوبة تصدير العديد من منتجاتنا الصناعية على وجه الخصوص نحو أوروبا بفعل شروطهم الصعبة المفروضة على المنتجات المستوردة، وبالمقابل السوق الإفريقية ليس لديها شروط مرهقة إلى جانب وجود خصائص مهمة في سوق القارة السمراء، كون دول إفريقية الشرقية تتحدث اللغة الفرنسية، بينما دول إفريقيا الغربية تنصهر في بوتقة إتحاد اقتصادي، ولعلّ بناء علاقات شراكة قوية فرصة حقيقية تسمح بدخول هذه الأسواق، ولا يخفى أن المنتوج الجزائري لديه نوعيته المميزة ويجد صدى لدى المستهلك عبر الأسواق الإفريقية.
 تعكف الجزائر حاليا على تهيئة قاعدة صناعية صلبة، وتتطلّع إلى إرساء نموذج اقتصادي جديد ذا فعالية، ما المطلوب منها من أجل تحضير دخول الأسواق بهدف إنعاش صادراتها من غير المورد النفطي؟
 صحيح، يجب إرساء أرضية صناعية صلبة من المؤسسات الإنتاجية، ويفتح لها مجال واسع للنشاط والتنافسية، حتى تتغلب على المنتوج المستورد من الخارج على مستوى السوق الداخلية، والأمر يحتاج إلى منظومة إنتاجية قوية وصلبة وذات كثافة من حيث التدفق وجودة النوعية في مختلف القطاعات، على اعتبار أن  المنظومة الإنتاجية الحالية مازالت تفتقد للتنافسية المطلوبة، والحاجة الماسة اليوم تكمن في مدى قوة وتنافسية الآلة الإنتاجية الوطنية سواء كانت عمومية أو خاصة، ولا يكفي فقط نوعية وسعر المنتوج المعقول، بل يجب أن نروج جيدا لكل ما تصنعه الأيادي الجزائرية وتكون له صورة جيدة وسمعة معتبرة في الخارج من خلال منظومة صناعية واقتصادية ذات فعالية عالية، لأن المعادلة التي تحقّق هذا التطلع تكمن في بعث مؤسسات قوية، حتى يطرح منتوج يفرض مكانه في الداخل والخارج.
فرض أسعار تنافسية من خلال التحكم في كلفة الإنتاج
 ما حظوظ الجزائر في اقتحام الأسواق الخارجية وكسب رهان التصدير خارج المحروقات؟
 للجزائر نقاط قوة يتطلّب منها تعزيزها ونقاط ضعف يجب تجاوزها وتصحيحها، ولا يجب أن ننكر في كل ذلك وجود مؤسسات حاولت رفع التحدي الإنتاجي وترقية كل ما تطرحه من سلع، وحرصت على فرض أسعار تنافسية من خلال التحكم في كلفة الإنتاج، لأن هذا وحده من يمنح الفرصة للتصدير، في ظلّ وفرة جميع الإمكانيات لاقتحام الأسواق الخارجية من يد عاملة ليست باهظة الثمن وكذا وفرة الطاقة التي يمكن أن تستغل بهدف التحكم في التكلفة، بينما من نقاط الضعف أذكر النقص في القدرة في التحكم في التكاليف والوقت واحترام الآجال في طرح المنتوج، أمام مواجهة شراسة العولمة، علما أن المنتج الممول الذي يتفوق في إيصال المنتجات في الوقت المحددة ويتحرك بسرعة يستطيع أن يسيطر على صدارة السوق، بينما المتأخر لن يجد مكانا له في السوق. لكن أحيانا كل ذلك يكون خارج عن نطاق ومسؤولية المؤسسة، لأن وسائل النقل والتخزين تعد عوامل يمكنها التأثير على تنافسية المؤسسة حتى تتمكن من التصدير.
   من هي بالتحديد الدول الإفريقية التي يمكن للجزائر أن تتوجه إليها بصادراتها في البداية ومرشحة لأن تكون وجهة مغرية نحو الصادرات الجزائرية؟
 أخص بالذكر دول الاتحاد الاقتصادي والمالي لإفريقيا، على اعتبار أن سوقها تضم بلدان دخلها الوطني الخام مرتفع، وأذكر أن هذه المنطقة تتواجد بها دولة السنيغال التي يمكن أن تلعب دورا هاما في المنطقة، وعلى سبيل المثال لو نجد فضاء في أسواق السنيغال يمكن للمنتوج الجزائري أن يقتحم عدة دول مثل بوركينافاسو وكوت ديفوار وكذا إفريقيا الجنوبية التي يمكن أن نصدر إليها، لأن مستوى افرادها المعيشي مرتفع وفوق ذلك تستهلك منتجات ذات الجودة العالية، ويمكن اختطاف عدة فرص للتصدير في هذا البلد، غير أنه بالموازاة مع ذلك توجد دول إفريقية وضعيتها المالية والاقتصادية جد صعبة.
  الدبلوماسية الاقتصادية خيار حتمي
 ماذا يمكن أن تصدّر الجزائر للدول الإفريقية كمرحلة أولى؟  
  تتوفر الجزائر على المواد والمنتجات الفلاحية وكذا صناعة غذائية ذات نوعية إلى جانب الصناعات الكهرومنزلية والالكترونية، بفضل نشاط القطاعين العمومي ونظيره الخاص، ويجب تثمين قدرات الجزائر في هذا المجال، لأنها منتجات مطلوبة في الخارج، إلى جانب تصدير السيارات والشاحنات التي تطلبها السوق في بعض البلدان الإفريقية، واستغلال العلاقات التجارية التاريخية والدبلوماسية الجيدة مع عدة بلدان إفريقية في المجال الاقتصادي.
 كيف ترى راهن الصادرات في الجزائر؟
 يمثل مستوى الصادرات خارج المحروقات في الجزائر ما يناهز 3 أو 4 بالمائة، لكن نسبة كبيرة منها تمثل المواد النصف مصنعة، أما المنتجات فلا تتعدى نسبة 1 بالمائة. ويمكن للجزائر أن تصل على المدى المتوسط والقريب أي خلال سنتين أو ثلاث سنوات إلى تحقيق صادرات خارج قطاع المحروقات بنسبة لا تقل عن 10 بالمائة، إذا تكرست سياسة استثمارية واضحة وواصلت الحكومة دعمها للمؤسسة الاقتصادية، والإدارة يفترض أن تقف إلى جانب الآلة الإنتاجية حتى يتفرّغ المسير لتطوير الإنتاج والبحث عن حلول لتوسيع وترقية طاقات الإنتاج، وتختفي بذلك العراقيل وتتوسع دائرة الاستثمار، وأقترح أن تكون لدى صاحب المؤسسة الحرية في اختيار شركائه من الخارج خاصة إذا تعلق الأمر بتحويل التكنولوجيا الحديثة.  

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024