في ظل الانفتاح على الشراكة المتوازنة

استئناف تمويل المحروقات للإستثمار الصناعي

فضيلة بودريش

لعب قطاع المحروقات ولايزال الدور الأول في ديناميكية التنمية الوطنية، وبعث الحركية الاقتصادية ويعود الفضل لهاته الثروة العودة في استئناف عملية دعم وتقوية مسار الاستثمار الصناعي، بعد أن نجح في عقد السبعينات في التأسيس لقاعدة صناعية قوية، ولا يخفى على أحد أن ما ضخ من موارد مالية ناهزت الـ800 مليار دولار في التنمية الاقتصادية والاجتماعية سنواصل قطف ثماره على المديين القريب والمتوسط في انتظار التأسيس لقطاع صناعي استراتيجي قابل للاستمرارية والمنافسة خارج المحروقات والرفع من سقف الصادرات بعيدا عن الثروات الباطنية.
  تبقى الجزائر واعية بالدور الذي ينتظرها من أجل استغلال هذا القطاع الحيوي أحسن استغلال وجعله في متناول التنمية بجميع أشكالها، ونقصد بذلك التنمية الحقيقية التي تدر الثروة وتفتح مناصب الشغل وتبعث الرفاه في حياة الجزائريين، وليس التنمية الاستهلاكية التي لا تنتج قيمة مضافة وتستهلك ما ينتجه قطاع المحروقات، ولا نتحسس بعدها وآثارها على حياة جميع الشرائح خاصة على صعيد تحسين المستوى المعيشي للجبهة الاجتماعية.   
تحدي  إنعاش الاقتصاد
يحق لنا بعد ما لا يقل عن 42 سنة من تأميم المحروقات ورفع التحدي الكبير بوطنية وبوفاء للشعب الجزائري وللشهداء الأبرار، أن نستأنف ذات المعركة ونحمل في أذهاننا رهان سيادي آخرلا يقل حساسية عن التأميم، حتى نرسي من جديد اقتصادا يتخلص شيئا فشيئا بقوته عن مورد المحروقات، بل يساهم بثروته في التنقيب والرفع من مستوى انتاجيتنا للطاقة وكذا في تكوين الاطارات وتأهيل الكفاءات وانتهاج مسار آخر من التحدي لنضع القاطرة في سكة الدول الناشئة بخطوات متقدمة.  
ولأن كل المؤشرات تبعث على الارتياح ويمكن أن يستمد منها الثقة والاصرار، بعد الاستقرار الأمني والوفرة المالية وتعدد الموارد التي يمكن استخراجها من باطن الأرض خاصة وأن الجزائر تمكنت منذ سنة 1971 من تحقيق نحو 350 استكشاف غازي وبترولي، من بينه 31 اسكتشافا في سنة 2012 في انتظار مضاعفة الطاقة الانتاجية والتخزينية الحالية حسبما التزم به المسؤول الأول عن قطاع الطاقة والمناجم يوسف يوسفي.  
ولعل انفتاح الجزائر على الشراكة الأجنبية من أجل نقل التكنولوجيا والاستفادة من الخبرة الأجنبية المتطورة، واختيار أحسن الشراكات وأقواها دوليا لدليل على جديتها في المضي قدما نحو تحسين تواجدها في تموين السوق الدولية خاصة وأنها تراهن على أسواق تتعدى أروبا وبالتحديد اقتحام السوق الأسياوية التي تتسم في الوقت الراهن بالانتعاش والنمو على غرار الصين.
أكثر من ذكرى
والمتابع لقطاع المحروقات بعد أزيد من أربعة عقود كاملة من التأميم يتضح له وتيرة النمو السريعة والمحسوسة التي شهدها بفضل القرارات التي اتخذت وحسمت في استعادة ثروة الجزائريين والتي استغلت في تمويل برامج الاستثمار حققت للجزائر مكانة دولية، وتعد سوناطراك إحدى المجمعات الرائدة عالميا والمهمة إفريقيا لدليل على الأشواط التي قطعها هذا القطاع الاستراتيجي منذ تأميمه واستعادته
يبقى تأميم المحروقات أكثر من أن يكون ذكرى بل قرار حقق الاستقلال الاقتصادي وأعاد للجزائر حق التصرف في ثرواتها، وما أحوجنا اليوم لقرارات تحقق استقلالية وتنافسية المؤسسة الاقتصادية لتتحرر الجزائر بانتاج قوي تفرض به نفسها في الأسواق الخارجية، وليس صعبا أو مستحيلا أن يعجل بمثل هذه القرارات في ظل ما يوفره لنا قطاع المحروقات.
وبفضل القرار الشجاع المتخذ في في الـ42 فيفري الذي كشف عن قوة ووزن الدولة الجزائرية أنذاك وتصميمها على مواجهة التحديات إذا تعلق الأمر بالامور السيادية للوطن، قطعت الجزائر أشواطا معتبرة من التقدم والانجازات، ورغم العشرية السوداء التي عطلت القاطرة التنموية إلا ان العودة في بداية الألفية الثانية جاءت بريتم محسوس، حيث أثبت الجزائر حنكتها بفضل تسديد ديون أثقلت كاهلها بل تحولت من الطالبة للقرض إلى مقرضة لصندوق النقد الدولي، وفوق هذا وذاك أنشأت صندوق لضبط العائدات يضمن تمويل مشاريعها التنموية.
تطور بإرادة وسواعد الجزائريين  
والمتتبع لهذا القطاع الاستراتيجي يدرك أنه شهد تطورا ونموا كبيرا منذ تاريخ التأميم حيث تضاعف انتاج النفط، وتمكنت الجزائر من خلال مشاريع ضخمة من تمويل الاسواق الأوروبية بالغاز الجزائري.
إلى جانب تعدد مصانع معالجة وتحويل النفط والغاز الذي تعدى العشرات بالاضافة إلى تضاعف طول شبكة النقل عبر القنوات بنحو 15 مرة وتأهيل وتكوين الآلاف من التقنيين والمهندسين واستحداث مناصب شغل ساهمت في امتصاص البطالة.  
وكل النجاحات التي تحققت بدءا بمجمع سوناطراك، هذا الرائد على المستوى الدولي جاءت بفضل التخطيط الجيد من طرف الدولة، وبفضل الجزائريين من إطارات وعمال والذين أثبتوا قدراتهم وكفائتهم التي لا تقل عن نظيرتها الأجنبية في الدول المتقدمة ولأن سوناطراك على وجه الخصوص والقطاع عموما انفتح على الشراكة الاجنبية وأقحم الاطار الجزائري في إطار الشروط التي تخدم الجزائر فإنه مرشح إلى مزيد من التطور ومضاعفة الانتاج وكذا التنقيب والاستغلال لتتواصل عملية تمويل الاستثمارات المنتجة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024