توقّع عبد الرحمان مبتول الخبير الاقتصادي تشكل معالم خارطة طاقوية جديدة في العالم، ويعتقد أن أسعار برميل النفط على المديين القريب والمتوسط لا يمكن أن ترتفع إلى سقف أعلى من 60 دولارا على الأقل إلى غاية آفاق عام 2020، مؤكدا أن 70 بالمائة من قيمة عملة الدينار الوطنية مرتبطة بمستوى احتياطي الصرف بالعملة الصعبة في الخارج، ودعا إلى أهمية مراجعة قانون المحروقات في الوقت الراهن بهدف تشجيع المستثمرين الأجانب لأنه لم يخف أن تمويل الجزائر لأوروبا بالطاقة انخفض من 15بالمائة في عام 2010 إلى 9 بالمائة في 2014.
استبعد الخبير الجزائري عبد الرحمان مبتول انعقاد أي قمة طارئة لمنظمة الأوبيب خلال الأشهر القليلة القادمة، بينما الاجتماع قال إنه وارد في دورة عادية كما هو مبرمج قبل نهاية السنة الجارية وحول تحركات الجزائر وفنزويلا من أجل وقف انهيار الأسعار أكد مبتول أنهما لا يؤثران كثيرا على قرارات المنظمة التي تقع بصورة أكبر تحت تأثير الدول الأكثر إنتاجا من بينها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، على اعتبار أن الأوبيب لوحدها تمثل 33 بالمائة من الإنتاج النفطي العالمي بينما 67 بالمائة من الإنتاج خارج هذه المنظمة الطاقوية.
ضرورة مراجعة قانون المحروقات
وبخصوص إمكانية التنسيق مع دول منتجة لكنها ليست عضوا في الأوبيب، لم يخف الخبير أن المتعارف عليه أن روسيا تغلب مصالحها الخاصة مهما كانت طبيعة الاتفاق على طاولة التفاوض. وعاد الخبير الاقتصادي ليركز على تداعيات دخول الولايات المتحدة الأمريكية في إنتاج الغاز الصخري الذي حسب تقديره تسبب في تغير الخارطة الطاقوية العالمية، مقدرا تراجع التبادل التجاري بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية من 10 مليار دولار في 2010 إلى 4.5 مليار دولار في 2014، وأضاف إلى هذا التحدي ترقب دخول الإنتاج النفطي الإيراني إلى السوق مطلع شهر جانفي المقبل، علما أن الاحتياطات الغازية الإيرانية لا تقل عن 34 ألف مليار متر مكعب بينما في المحروقات تناهز 165 مليار برميل، في حين أشار في سياق متصل إلى أن احتياطات الجزائر من الموارد الطاقوية في حدود 2600 مليار متر مكعب ونحو 10 ملايير برميل من المحروقات ويتوقع بنظرة مستقبلية في حالة اكتفاء الجزائر بهذا الاحتياطي فإن الموارد الطاقوية والنفطية سوف تنفذ في آفاق عام 2030. واغتنم مبتول الفرصة ليدعو إلى طرح بديل آخر وتجاوز تحديات تلوث المياه في ظلّ الحديث عن دخول المزنبيق كدولة افريقية غنية بمورد الغاز سوق الموارد الطاقوية في عام 2016، إلى جانب وجود حوالي 20 ألف مليار متر مكعب من الغاز في منطقة بحر الشمال مع رصد مؤشرات عودة الاستقرار إلى سوريا وكذا دخول العراق مجددا إلى السوق النفطية، وخلص الخبير الاقتصادي إلى القول في هذا المقام أنه توجد معالم تشكل خارطة طاقوية عالمية جديدة. متسائلا عن مدى المغامرة بتجنيد الإمكانيات المالية التي لا تقل عن غلاف مالي يناهز 100 مليار دولار كما أعلنه مسؤولو سونطراك لتمويل استثماراتها في المحروقات.. من أين تأخذ الأموال؟.. محذرا من اللجوء للاقتراض الأجنبي.. وإنما طرح بديلا آخر يتمثل في انتهاج أسلوب ترشيد النفقات واقتصاد المصاريف. باعتبار أن مجمع سونطراك الرائد يعد ضمان حقيقي للجزائر على المستوى الدولي، واقترح بالموازاة مع ذلك ضرورة التوجه نحو تغيير قانون المحروقات الحالي كون سقف الضرائب جد مرتفع على المستثمرين الأجانب أي في حدود 30 بالمائة، فإذا كان سعر البترول ليس في مستوى مائة دولار للبرميل بل يستقر عند 50 دولار فقط فإن المستثمر الأجنبي لن ينجذب. وفيما يتعلق بمؤشرات استقرار أسعار النفط مستقبلا تحدث الخبير مبتول عن ورود “سناريو” وحيد يتمثل في عدم ارتفاعها إلى أكثر من 60 دولار إلى غاية آفاق عام 2020.
71.3 مليار دولار حولت إلى الخارج
وعلى الصعيد المالي والتنموي المرتبط بقطاع النفط بشكل غير مباشر أفاد مبتول بتسجيل تحويل ما لا يقل عن 71.3 مليار دولار إلى الخارج منفصلة عن تحويل أرباح الشركات، وحذر في سياق متصل في حالة استمرار نزيف العملة نحو الخارج بهذا الشكل، فإنه في عام 2018 لن يتبق أي دولار في الخزينة. واستعرض نتائج تحقيق قاموا به على أرض الواقع كشف تسجيل 20 بالمائة من مؤسسات البناء الجزائرية تقترب من الإفلاس. وفي الشقّ الخاص بتأطير عملة الدينار يعتقد أن 70 بالمائة من قيمة العملة الوطنية مرتبطة باحتياطي الصرف الخارجي للجزائر. والجدير بالذكر أنه في جميع بلدان العالم قيمة العملة مرتبطة بالإنتاج، بينما في الجزائر 70 بالمائة من قيمة عملتنا مرتبط بقطاع المحروقات التي تغطي المحروقات، وكلما تم استنزاف وتآكل الاحتياطي، فإن عملة الدينار الجزائري دون شك سوف تتراجع، وحول تخفيض قيمة عملة الدينار أمام عملتي الاورو والدولار اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول أنه جاء من أجل تغطية عجز الميزانية. واستحسن كثيرا تصريحات رئيس الجمهورية الصريحة وكذا الوزير الأول في مجلس الوزراء بخصوص حقيقة الوضع الاقتصادي وإمكانية تغلب الجزائر على هذا الظرف الصعب.
وبخلاف ذلك اشترط مبتول إرساء جو حقيقي من الثقة المتبادلة من أجل استقطاب أموال السوق الموازية وتحقيق الاستقرار المنشود وتحديد رؤية سياسية دقيقة بعيدة المدى من أجل التوجه نحو بناء اقتصاد وطني قوي. وتأسف عن غياب بنوك جزائرية خارج الوطن تستقطب العملة الصعبة خاصة في فرنسا حيث يوجد عدد كبير من الجالية الوطنية في المهجر.
هل نحن في حاجة إلى قانون للاستثمار؟
بدا الخبير الاقتصادي مبتول مقتنعا إلى حد بعيد بخيار اعتماد 45 دولار كسعر مرجعي لبرميل النفط في مشروع قانون المالية 2016. ووصف هذا التأطير بالصحيح والموفق. بينما بالنسبة لمشروع قانون الاستثمارات الذي تحدثت عنه العديد من وسائل الإعلام وكشف بخصوصه الوزير الأول عبد المالك سلال خلال القمة الثلاثية الأخيرة، أنه جدّ محفز للمستثمرين ويتضمن توضيحات مستفيضة للمهتمين بالاستثمار في جميع المجالات، اعتبر مبتول أنه يعد النص التشريعي السابع للجزائر منذ استقلالها، لكنه تأسف كون في كل مرة يتغير القانون لكن الراهن الاقتصادي لم يعرف التطور المنتظر والمنشود. وأثار عدة استفهامات أهمها ..هل نحن في حاجة إلى قانون للاستثمار؟.. وتطرق إلى تجارب دول جذبت استثمارات أجنبية ضخمة لكنها لا تحوز على قانون للاستثمار، لكن هذا حسبه لا يمنع إذا تعلق الأمر بسيادة الدولة، فإن السلطات تتدخل وترفض المشروع دون الاستناد إلى أي نص تشريعي مستدلا بذلك على الولايات المتحدة الأمريكية التي رفضت مشاريع استثمارية في مينائها لفائدة الأجانب. ومن خلال نظرته التشريحية قال مبتول أن العديد من القوانين كما أثبتت التجربة قد تتسبب في سلوكات بيروقراطية تعرقل جهود الاستثمار. يذكر أن المعركة المقبلة تكمن في المياه في ظل حديث العديد من خبراء العالم حول ترقب ضرب موجة جفاف قاسية منطقة المتوسط خاصة شمال إفريقيا في الفترة الممتدة ما بين 2020 و2025، وكون نجاح القطاع الفلاحي الذي يوفر الغذاء مقرون بوفرة المياه، ويستدعي الأمر تفكير الجزائر وتحضيرها مسبقا لأزمة المياه في ظلّ وفرة هذا المورد المهم في باطن جنوبنا الكبير. هذا من جهة أخرى، الجزائر مطالبة باستغلال امكانياتها الكبيرة المتاحة والأخذ بمقترحات خبرائها ذوي المستوى الدولي العالي والذين ينتشرون في أروبا والولايات المتحدة الأمريكية والعمل على خلق مقاولين في المجال الفلاحي..