يتوّقع السيد ايلمان محمد شريف، أستاذ الاقتصاد بالمدرسة الوطنية للتجارة، أن تقود الأزمة المتعلقة بانهيار أسعار المحروقات وما تنجر عنها من آثار، قد تؤدي إلى استخدام جزء من احتياطي العملة الصعبة (استهلاك نهائي) وهو أمر وارد، وأوضح انه حتى ولو لم يحدث هذا السنة المنصرمة 2014 باعتبار ان متوسط سعر برميل النفط تراوح بين 75/80 دولارا، إلا أن السنة الجارية 2015 يحتمل جدا ان تعرف اللجوء إلى احتياطي العملة الصعبة، إلا إذا تم تخفيض حجم الواردات. وهنا يطرح السؤال حول كيفية التخفيض وحجمه، علما أن ليس هناك من وسيلة لذلك سوى الإجراءات الإدارية التي تفتقر للنجاعة الاقتصادية.
وبرأي الخبير في الشؤون المالية أن المعضلة أن الاستثمار الأجنبي يطرح نفسه بطريقتين، الأولى تتمثل في فتح المجال للمتعاملين بما في ذلك غير المصدرين من أجل استخدام أفضل للموارد بالعملة الصعبة، والثانية ( برزت خاصة في فترة 2009 /2010) تتعلق بالصناديق السيادية الداخلية بالدينار والخارجية بالعملة الصعبة. حقيقة فائض بأكثر من 180 مليار دولار سيولة، يمكن توظيفه عن طريق صندوق سيادي، ويمكن تحويل صندوق ضبط الإيرادات إلى صندوق سيادي خارجي ( يتوفر على 5 آلاف مليار دينار تعادل أزيد من 50 مليار دولار)، بالموازاة مع صناديق سيادية داخلية على غرار الصندوق الوطني للاستثمار بمبلغ 30 مليار دينار.
واعتبر محدثنا أننا أخطأنا في التعامل مع هذا الموضوع (الصناديق السيادية) منذ البداية بعدم اعتمادها وهي تقنية معروفة. تاريخيا تعد دولة الكويت أول بلد أنشأ صندوقا سياديا لتسيير إيرادات المحروقات لفائدة الأجيال المتعاقبة، وذلك في أوائل الخمسينات (1953)، وتلتها كندا، النرويج والسعودية في التسعينيات. ويتم تسيير تلك الموارد من خلال الاستثمار في عدة نشاطات عبر العالم وذلك بنسب ضعيفة على أساس مبادئ محددة، منها تفادي استثمار أموال صندوق سيادي في شركات غامضة وان يصب ذلك في صالح الأجيال القادمة مع الحرص على تنمية قيمتها باستثمارها في قطاعات لها مردود، حتى تكون للأجيال بعد عشريات ثروة مالية.
وفي هذا الإطار تساءل “لماذا لا تؤسس الجزائر صندوقا سياديا بالعملة الصعبة”، موضحا انه مشروع هام يتطلب تكوين وإعداد الموارد البشرية المطلوبة، من خلال إيفاد مجموعات من الشباب ذوي الكفاءات لامتلاك تقنيات تسيير هذه الصناديق، وهو أمر ليس بالصعب بالنظر لنجاح أمثلة في العالم. ويمكن البدء بتأسيس صندوق رأسمال من 5 إلى 10 ملايير دولار. لو حصل هذا قبل سنوات لكان الأمر أنجع على الأقل بامتلاك رصيد تجربة ومؤهلات، والسؤال، لماذا لم يتم اللجوء إلى هذه التقنية ذات الطابع المالي والمصرفي. في العالم تقدر موارد الصناديق السيادية بـ 3 آلاف مليار دولار منها 1500 مليار تعود للصين وحدها. وتوجد أمثلة ناجحة مثل النرويج حيث تدار بسياسة مؤمنة من خلال تنويع فروع وقطاعات الاستثمار ولا تتعرض للخطر إلا إذا حلت أزمة عالمية ساحقة.