بن موهوب المدير العام لبورصة الجزائر :

مؤشرات واعدة بفضل الإرادة القوية للسلطات العمومية وانتعاش الاستثمار

بادرت بورصة الجزائر بالخروج إلى المحيط وإلقاء جسور التواصل مع المتعاملين المحتملين والجمهور العريض من أجل إعادة التموقع وبشكل أفضل على الساحة الاقتصادية والمالية، في ظرف جد ملائم يتميز بمؤشرات كلية إيجابية وآفاق استثمارية مثيرة، يعززها قانون المالية المرتقب الذي يضع المؤسسة الإنتاجية في الصدارة. وطيلة ثلاث أيام جلبت شركة بورصة القيم إلى مقرها توافد المهتمين من مختلف الفئات، حيث أدركوا الدور الملموس للبورصة في التمويل والإيداع والتوفير، وكلها عوامل تصبّ في فائدة الاستثمار. في هذا الإطار اعتبر يزيد بن موهوب المدير العام لبورصة الجزائر في حوار لـ ‘’الشعب’’ أن إقبال المؤسسات العمومية والخاصة على التواجد في السوق المالية من شأنه أن يكسبها جاذبية مغرية ويمنحها مصداقية قوية، مشيرا إلى أنها ستسفر عن تهاطل عروض الشراكة الأجنبية عليها. كما أكد أن المرحلة المقبلة ستنفتح فيها البورصة على نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويتم تشجيع المستثمرين للمساهمة في الرفع من وتيرة النمو الاقتصادي، من خلال الكشف عن الامتيازات الجبائية وتخفيض الضريبة على الأرباح وعدة إجراءات أخرى محفزة، وتطرق إلى موقع البورصة في المشهد الاقتصادي ووزنها على الصعيد الإقليميي. كما يتناول الحوار عدة مسائل أبرزها أثر رفع التجريم عن أفعال التسيير على الأداء الاقتصادي للمؤسسات.


 الشعب: في إطار تدعيم مكانة البورصة في السوق، كيف تقيّمون موقعها في المشهد الاقتصادي العام، وهل تفكرون في توسيع تواجد هياكلها عبر التراب الوطني؟
 يزيد بن موهوب: بالتأكيد مرت بورصة الجزائر بمراحل لكنها حافظت على نشاطها بالرغم من الظروف التي مرّ بها الاقتصاد الوطني. وبفضل الطفرة التي حققها الاقتصاد الوطني بفضل مسار الاستثمار والتنمية الشاملة الذي سطرته الدولة والمؤشرات الايجابية التي ترسم ملامح الفترة المقبلة، فإن بورصة الجزائر تستفيد من هذا المناخ الايجابي لتدعيم مركزها كسوق مالية نشيطة.
 إن البورصة هي المساحة المثلى لتداول الأصول المالية في المديين المتوسط والطويل، كما أنها فضاء فعّال لتجنيد التوفير الذي يساهم في تحصين الموارد المالية الوطنية باستثمار فائض السيولة النقدية تحقيقا لمبدأ دمقرطة الاستثمار وكذا تحسين الحوكمة وتأمين ديمومة نشاط المؤسسات وتقييمها ماليا. إن البورصة متواجدة ونراهن على تعميق التواصل مع المحيط الاقتصادي والمالي من أجل تقوية مركزها أكثر فأكثر ولمسنا هذا بشكل مباشر من خلال العمل الكبير الذي قمنا بإنجازه بالتنسيق مع غرف التجارة والصناعة الجهوية في الفترة الماضية فأحضروا معهم رؤساء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذين أبدوا اهتماما بالعمل على بحث فرص دخول البورصة، التي تضمن للمؤسسة الاقتصادية، خاصة ذات الطابع العائلي بالدرجة الأولى الديمومة ذلك أنه تمت ملاحظة أن أغلب المؤسسات ذات الطابع العائلي خارج البورصة تتعرض لمخاطر بما في ذلك توقف النشاط بمجرد أن يختفي مؤسسها لسبب من الأسباب مثل الوفاة فتبرز مشاكل الميراث بما يعرض أصول المؤسسة للخطر، وهو ما لا يحدث لها حينما تدرج في البورصة.
 حقيقة لا يقتصر حضور بورصة الجزائر على موقعها المركزي بالعاصمة فقط، وإنما تتواجد من حيث النشاط والممارسة على مستوى كافة مناطق البلاد من خلال شبكة الوسطاء ممثلة في البنوك التي تتوفر على شبكة واسعة للوكالات التي يمكنها أن تستقطب اهتمام المتعاملين والمواطنين. ويمثل الوسطاء من بنوك ومؤسسات مالية دور المرافق للمؤسسات التي ترغب في أن يتم إدراجها في البورصة بتقديم المساعدة والاستشارة طيلة مسار الإدراج أو الدخل من أجل عقلنة واستغلال أفضل لفرض إيداع حصص الاكتتاب. وبالنسبة للمؤسسة الصغيرة والمتوسطة فإنها تعين لمدة خمس سنوات مستشارا مرافقا يدعى المرقي بالبورصة يتولى المساعدة في مرحلة إصدار السندات وإعداد عملية الإدراج والسهر بشكل مستمر على ضمان احترام التزاماتها المتعلقة بتقديم إعلام قانوني ومنتظم.
تتوجهون من خلال الأبواب المفتوحة نحو الجمهور العريض من أجل جذب اهتمامه بنشاط البورصة، ماذا يضيف هذا المسعى بالنسبة لتنمية نشاط هذه السوق المالية؟
في الواقع يعتبر الجمهور من مواطنين وعائلات أحد مصادر التمويل، وبالتالي إعطاء دفع ملموس لوتيرة الأداء، لذلك نتوجه إلى المواطنين من أجل تنمية روح الإدخار عن طريق الاستثمار في البورصة والعمل في نفس الوقت على جبهة تطوير الذهنيات لدى عامة الجمهور لتحفيز أكبر عدد ممكن من الأفراد والأسر على الاقتراب من البورصة بشكل متواصل للاطلاع على فرص اقتناء سندات وأسهم، ولذلك لا ندخّر جهدا في توضيح الرؤية وإبراز ما يدور في هذه السوق التي تحتّل موقعا ملائما بوسط المدينة ويجب أن تتغير الصورة بالتركيز على العمل الجواري وتعزيز مساحة الانفتاح. وأؤكد للجميع من مواطنين مهتمين ومتعاملين مترددين أنهم يجدون دوما الترحيب والمرافقة ويسهر إطارات البورصة على تبسيط وشرح الإجراءات.
وبالفعل سهرنا طيلة السنة الماضية 2013، وإلى اليوم على تنظيم لقاءات في شكل ندوات وأيام دراسية من أجل كسب معركة تحسيس متعاملين اقتصاديين تتقدمهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يتم الرهان على جذبها بأكبر عدد ممكن  ـ ويمكن القول ـ إن هناك نتائج بدأت تلوح في الأفق ويرتقب أن تعطي ثمارها، خاصة بعد أن لمسنا تطورا في الذهنيات التي تساعد حتما على تحسين الأداء داخل البورصة وحولها بما ينعكس مباشرة على الرفع من وتيرة النشاط الاقتصادي والمالي وبالتالي المساهمة بفعالية في كسب معركة النمو.
ما هي آفاق هذه السوق المالية، وماذا تقولون للراغبين في الانضمام للبورصة بشأن أهم الامتيازات التي يمكن أن يستفيدوا منها ماليا واقتصاديا؟
أؤكد أن آفاق البورصة في الجزائر واعدة، والدليل الإرادة القوية للسلطات العمومية والجهود التي تبذل، حيث تتواجد الإطارات والمسؤولين في الميدان، مرتكزين على مؤشرات إيجابية، نأمل أن يطلع عليها الجمهور الواسع والمتعاملين الاقتصاديين، ونقول للجميع إن البورصة لا تخيف ولا ينبغي أن تسود ذهنية الخوف من هذه السوق المالية التي ينتظر منها الكثير على صعيد إنعاش الاقتصاد الوطني وخلق الثروة واستحداث مناصب الشغل، لأنها توسع من رأسمال ونشاط المؤسسات، لذا تعد ضمانا لسير المؤسسة نحو الاستثمار وتوفير السيولة المالية والمشاركة في التنمية الاقتصادية المنشودة، ولدينا قناعة راسخة من أجل أن تتكرس ثقافة التعامل مع البورصة قريبا، ونتوقع أن تكون سنة 2015، واعدة بالنظر إلى انضمام 8 مؤسسات عمومية كبرى على رأسها موبيليس والقرض الشعبي الجزائري وكوسيدار وبفضل الأحكام التي تضمنها قانون المالية لسنة 2014، الذي يخصّص مزايا جبائية وتخفيضات ضريبية مغرية وجذابة على الأرباح لفائدة المؤسسات التي تتعامل مع البورصة، بالإضافة إلى إجراءات أخرى محفزة لا يمكن العثور عليها في بورصات أخرى في بلدان الجوار، لكن العديد من المتعاملين يجهلون وجود مثل هذه الامتيازات.
 الرهان في المرحلة المقبلة سيركّز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولن يتم الاكتفاء بالمؤسسات العمومية، كيف يتم التحضير لذلك والمقاييس المعتمدة، وهل لنا أن نعرف عدد المؤسسات التي شملها التحسيس وينتظر التحاقها؟
 صحيح في السابق كان الاهتمام والتركيز على المؤسسات الكبرى التي تمّ الانطلاق من خلالها، على غرار فندق الأوراسي ومؤسسات صيدال “وأليانس للتامينأت، ومؤسسة رويبة للمشروبات، لكن اليوم حان الوقت للبحث عن مصادر تمويل أخرى ويتعلق الأمر بالتوجه نحو نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ويرتكز هذا المسعى على عمل في العمق، حيث نأخذ بعين الاعتبار سقف رأسمال المؤسسة المتوسطة والصغيرة وكذا سنوات العمل والخبرة والأرباح المحققة ونسب النمو التي تمكّنت المؤسسة من القفز إليها، ويعتبر ذلك إشارة خضراء للسلطات العمومية لتشجيع دخول هذه المؤسسات إلى البورصة، حيث تجد الضمانات لديمومتها ونموها. وأوضح أن عمليات التحسيس التي جرت وينتظر أن تعمم على مختلف أنحاء الوطن من خلال تنظيم أيام تحسيسية سمحت بلقاء ما لا يقل عن 450 مؤسسة صغيرة ومتوسطة من القطاعين الخاص والعمومي، وقد لمسنا أن عدة مؤسسات منها تملك الرغبة القوية للانضمام.  
ماذا يمكن للشراكة مع المؤسسات الأجنبية أن تقدّم للبورصة على غرار نموذج “مصنع رونو الجزائر”، وهل لديكم اتفاقيات تعاون مع أسواق مالية أجنبية؟
 إن الشراكة عمل اقتصادي هام يعزّز الساحة الاقتصادية لبلادنا، ويمنح الثقة لمستثمرين آخرين على الإلتحاق بركب المؤسسات، لأنه في الوقت الحالي البنوك من يمول البورصة وهناك العديد من المتعاملين الاقتصاديين والمؤسسات ليست لديهم رغبة في الالتحاق بالبورصة، وبالتالي تهيئة مناخ مستقطب لجذب أكبر عدد من المستثمرين والشركات من مختلف النشاطات، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإن دخول أي شركة للبورصة يحفز الشركات الأجنبية على تقديم عروض شراكة، على اعتبار أن دخول المؤسسة للبورصة يؤكد صحتها المالية واستمرارية نموها وتحقيقها للأرباح واعتمادها للمعايير.
ولا يخفى على أحد أن قوة البورصة لا تقاس برأسمالها وإنما بقوة نشاطها وحركيتها وهذا ما يجب أن تلعبه المؤسسة الاقتصادية العمومية والخاصة كون الهدف الجوهري يكمن في تكثيف الجهود للرفع من نسبة نمو الاقتصاد الوطني، ولا يغفل أن ارتفاع عدد الملتحقين من المؤسسات من شأنه أن يرفع من رأسمال البورصة. وأغتنم الفرصة للتأكيد أن مردودية الأسهم في بورصة الجزائر جد معتبر ومشجع للجمهور الواسع للتقدم والإقبال على الاستثمار.  
وفي مقام آخر أذكر أننا أبرمنا اتفاقيتين الأولى مع بورصة بباريس، وسنركز فيها على الاستفادة من الخبرة الأجنبية لتطوير قدرات الإطارات وكذا المتدخلين والمتعاملين في البورصة، والاتفاقية الثانية وقعناها مع البورصة التونسية للاستفادة من تجربتهم لتحسين أداء بورصتنا خاصة الظروف والمناخ مناسب ويتشابه معنا في الجزائر.  
 إن قرار رفع التجريم عن أفعال التسيير من شأنه أن يسفر عن نتائج إيجابية من خلال وضع المسيّر الاقتصادي في القطاعين العام والخاص في مأمن عن أي تردّد في اتخاذ القرار، برأيكم ما هي آثار هذا الإجراء على الأداء الاقتصادي؟  
 دون شك، إن إقدام السلطات العمومية على تبني خيار رفع التجريم عن أفعال التسيير يعد مؤشرا إيجابيا يعوّل عليه في تحرير المبادرة بالنسبة للمسيير بما ينعكس لصالح المؤسسة الاقتصادية، ويساهم هذا القرار في الجهود للرفع من مردودية المؤسسة وكذا تنافسيتها بهدف اقتحام النشاط الاقتصادي والسوق بفعالية وفقا لمعايير تضمن الجودة العالية وفي جوّ يسوده الشفافية، ولا يخفى على أحد فإن السلطات العمومية أظهرت إرادة قوية بهدف الدفع من وتيرة الاستثمار، ويضاف إلى كل ذلك جميع الإجراءات المحسوسة التي أقرتها الدولة وتمّ تبنيها من أجل المساهمة في تحرر المسيّر، مما سينعكس بشكل جيد على المجال الاقتصادي.
وبالمناسبة، أشير إلى أن معادلة رفع التجريم ينتظر منها أن تفتح المجال ليثبت كفاءته في التسيير الراشد الذي يساهم في رفع سقف النمو وبالتالي نجاعة المؤسسة، التي يمكنها عندما تحقّق فيها شروط الالتحاق بالبورصة أن تواصل توسعها وتحقيق وتيرة أعلى وتواجد أقوى على الصعيد الاقتصادي.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19621

العدد 19621

الأربعاء 13 نوفمبر 2024
العدد 19619

العدد 19619

الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
العدد 19618

العدد 19618

الإثنين 11 نوفمبر 2024
العدد 19618

العدد 19618

الأحد 10 نوفمبر 2024