اعتبر الدكتور الباحث الاقتصادي عبد المجيد سجال، شهر رمضان فرصة للتغيير الإيجابي في حياتنا، بما في ذلك تغيير العادات الاستهلاكية، فبدلاً من التركيز على الكم، يمكن التركيز على الجودة والتخطيط المسبق لتجنب الإسراف، وقدّم نصائحا عملية لتنظيم الميزانية العائلية وتحقيق الاستدامة المالية عن طريق التخطيط المسبق للنفقات، خاصة فيما يتعلّق بالاحتياجات الغذائية.
وأوضح سجال، في تصريح لـ “الشّعب” أنّ كثيرا من الجزائريّين، يعانون خلال شهر رمضان، من إشكالية تنظيم ميزانية المنزل بسبب ارتفاع معدلات التضخّم وعدم التحكم في الإنفاق، ممّا يضطرهم في نهاية كل شهر إلى الاستدانة.
وأرجع مشاكل ميزانية الأسر ونفاذ المداخيل في فترة وجيزة، إلى ظاهرة ضعف أسلوب التسيير المالي لدى المواطنين بسبب نقص التربية المالية في المدارس، مشيرا أنّ الجزائريّين غالبًا ما ينفقون أموالهم بطريقة غير عقلانية، متّبعين رغباتهم دون تخطيط مالي مناسب، ممّا يؤدي إلى إنفاق أكثر من دخلهم. واقترح الدكتور سجال تدابير معينة تساعد المستهلكين على إدارة نفقاتهم بشكل أفضل، منها التخطيط المسبق للنفقات، خاصة فيما يتعلّق بالاحتياجات الغذائية، مثل كمية اللّحم والخضار والأرز والزبدة والزيوت، بناءً على عدد أفراد الأسرة، مع الالتزام بتجميع هذه المعلومات لتفادي الوقوع في الديون، لافتا إلى الدور البارز لربّات البيوت في إدارة النفقات، حيث يجب عليهنّ أن يكنّ واعيات لاحتياجات الأسرة وأن يخطّطن جيدًا لتفادي الأزمات المالية.
المرأة وتقليل التكاليف
وتحدّث سجال عن أهمية إدارة الميزانية المنزلية، خاصة بالنسبة للنساء، مشيرا إلى أنّ المرأة تلعب دورًا كبيرًا في تقليل التكاليف من خلال اتخاذ تدابير منزلية فعالة، ووضع ميزانية يومية، مبنية على التزام الشخص بمبلغ معيّن من المال (مثل 1000 دينار) لتجنّب الإنفاق الزائد، محذّرا من الانجذاب العاطفي نحو الأطعمة، خاصة خلال شهر رمضان، داعيا إلى ضرورة تجنب الديون، ومعرفة الإيرادات والمصروفات، حيث يجب على الفرد حساب ما لديه من أموال وتحديد النفقات بدقة لتحقيق إدارة مالية متميّزة في المنزل.
وقال المتحدث إنّ المواطن الجزائري لابد أن يتحلى بالمهارات المالية الضرورية لتحقيق توازن مالي جيّد، طيلة السنة، اعتبارا من أنّ الشهر الكريم يعتبر فرصة سانحة من أجل تغيير السلوكيات الاستهلاكية السلبية، والتحكم في الانجذاب العاطفي إلى الإنفاق على مواد استهلاكية غير ضرورية أو يميل إليها الأفراد لمجرد الرغبة بها، مشيرا أنّ الجزائريّين يعانون منذ سنوات من إشكالية تنظيم ميزانية المنزل بسبب ارتفاع معدلات التضخم وعدم التحكم في الإنفاق، ممّا يضطرهم في نهاية كل شهر إلى الاستدانة.
إدارة الميزانية الأسرية
وقدّم المتحدّث مدونة شكلية لمساعدة المواطنين في إدارة الميزانية الأسرية، متمثلّة في جدول توزيع الميزانية التقديرية للأسرة حسب عدد الأفراد والدخل، بما يشبه قانون المالية الشهري لكل أسرة، حيث يقوم ربّ الأسرة أولا بجرد النفقات الضرورية لكل شهر.
وبعد الحساب الكلي، يتم تقدير الاعتمادات الشهرية المخصّصة وقد تكون من أجرة الموظف أو أجرته مع نصيب من أجرة زوجته أو مداخيل أخرى لديه، سواء من تجارة أو ريع عقار أو ما شابه، وإذا وجد أنّ المداخيل تغطي تلك النفقات يقوم بتخصيص مبلغ للمصاريف غير المتوقّعة ومبلغ للادخار، كل حسب دخله، وبهذه الطريقة سيتعلم ربّ الأسرة ثقافة تقدير الميزانية في بداية كل شهر وثقافة الموازنة في نهاية كل شهر، بالمقارنة بين النفقات التقديرية والنفقات الحقيقية إلى أن يضبط نفقاته ومستواه المعيشي حسب مداخيله.
وضع قيود للميزانية
ومع موجة التضخّم الأخيرة، يقول الدكتور سجال، يعاني محدودو الدخل كثيرا، خصوصا الموظفين أصحاب الدخل الذي يقلّ أو يصل إلى 60 ألف دج، حيث يشعر المواطن أنّ مرتبه الشهري ينفذ بسرعة، بل تصل به الوساوس إلى الاعتقاد أنه يتعرض للسرقة في بيته أو أنه “مسحور”- وفي الحقيقة كل ما في الأمر هو نقص في أسلوب التسيير المالي – يقول المتحدث.
وأرجع الدكتور سجال هذ المعضلة، إلى عدم تعامل المواطن مع مصروفه اليومي بثقافة القيد الميزانياتي، أي أنه يحمل كل نقوده في المحفظة دون أن يقيد نفسه بسقف يومي، الأمر الذي يزيد من نفقاته وحاجياته لا شعوريا عند كل محلّ يدخله، وفي النتيجة يجد نفسه قد صرف أكثر من ألفين دينار في اليوم، وأوّل الحلول حسب الباحث الاقتصادي، هو أن يسعى الموظف نحو تحويل الأجرة إلى أوراق نقدية من فئة 500 دج، وهي أول خطوة نحو تحقيق القيد الميزانياتي، ثانيها عدم حمل أكثر من ورقتين يوميا إلا يوم اقتناء المصروف الشهري كاملا من المحلات التجارية الكبرى، حيث لا بد أن يلتزم المواطن بقائمة المقتنيات الضرورية، حتى لا يجد نفسه مسيّرا من رغبته في شراء سلع كمالية ليس مجبرا على شراءها في وضعيته المالية.
وأكّد المتحدث، على ضرورة الحرص على أن يُقيّد المواطن نفسه ولو استطاع تقليص كمية الخبز ولو برغيف واحد سيكون في الطريق الصحيح، أمّا إذا حاول عدم رمي الخبز المتبقي وتسخينه وإعادة استهلاكه في اليوم الموالي فذلك أفضل، مشيرا أيضا إلى استبدال وسائل النقل الخفيفة على غرار سيارات الأجرة بالحافلة أو وسائل أخرى عامة، في الحالات غير المستعجلة، وشراء الخضار والفواكه من الأسواق الشعبية في الفترة المسائية، أين تعرف بورصة الأسعار انخفاضا، إلى جانب التصرّف الاقتصادي الذكي في استهلاك اللحوم، على غرار الدواجن، التي لابد من تقسيمها إلى أجزاء قد تكفي لعدة أيام.