استطاعت الجزائر أن تنتقل من التوجه الافريقي المبني على الشعارات الى وضع الآليات التي كانت في السابق حلقة مفقودة، وعرقلت تطوير التجارة البينية مع الدول الافريقية، وتسعى كي تكون القاطرة التي تجر هذه الأخيرة لتحقيق النمو والرفاهية، حسبما يؤكده الدكتور شكيب قويدري الخبير في الدبلوماسية الاقتصادية.
يعتقد د - قويدري أنّ الجزائر وجدت الحلقة المفقودة لتحقيق تطور في العلاقات البينية الافريقية، حيث لم يعد العمل بالشعارات كما كان من قبل، بل أصبح يعتمد على الوسائل والأدوات، ومن بين الآليات المهمة جدا، “الاتحاد الافريقي واتفاق الشراكة الإفريقي الحر “لوسديكاس”، مشيرا إلى أن هاتين الآليتين من أهم الآليات التي يعتمد عليها التعاون القاري في الجانب الاقتصادي.
وفيما يخص إيصال رغبة الجزائر، لتطوير علاقتها مع الدول الافريقية في مجال التعاون الاقتصادي، قال قويدري في تصريح لـ “الشعب”، إنها تملك رصيدا كبيرا من العلاقات الدولية وقد زادها بعدها الاستراتيجي أهمية، وسمح لها باستعادة مكانتها في وقت قياسي أي منذ أربع سنوات تقريبا، وبدأت تحقق أهدافها السياسية بكل ثقة وثبات، وتواصل بكل عزم وإرادة بلوغ غايتها في الجانب الاقتصادي، وولوج الأسواق الإفريقية والتموقع فيها.
وقال المتحدث في هذا الصدد، إنّ هذا الرصيد الكبير من المقومات والمميزات التي تنفرد بها الجزائر، مكّنها من العودة الى افريقيا، التي تنظر اليها دولها بعين الرضا، لأنّها لا تملك أطماعا توسعية بل تعمل دائما بمبدأ الربح المشترك، مشيرا الى أن شركاء الجزائر في افريقيا يأملون رجوع دورها الريادي في القارة.
وأضاف في معرض حديثه أنّ الجزائر في طريقها لعرض منتوجاتها في الأسواق الافريقية، وسيسهل لها هذا الولوج توسيع خطوط المد لشركات الطيران الجزائرية الى 10 عواصم من دول القارة، كما تعد المعارض من التظاهرات الاقتصادية التي تسمح بإيصال المنتوج الجزائري الى هذه البلدان، مشيرا الى أنها لم تفوت أي تظاهرة الا ويكون لها حضور مميز.
ونوه قويدري، وهو المختص في التبادل التجاري الإفريقي، في هذا الإطار بأهمية معرض التجارة البينية الأفريقية الذي ستحتضنه الجزائر شهر سبتمبر 2025، حيث يتوقّع أن تصل قيمة الاتفاقيات التجارية والاستثمارية التي ستبرم خلاله 48 مليار دولار - حسب تصريح وزير التجارة زيتوني- واعتبره المتحدث فضاء هاما لتطوير التجارة البينية التي ما تزال دون مستوى تطلعات دول القارة.
كما أفاد المتحدث، أنّ الجزائر تسعى للتوسع جنوب القارة السمراء، وإقامة شراكات مع الدول الافريقية، حيث تعد دولة جنوب افريقيا شريكا مهما بالنسبة لبلادنا، كما تمثل اثيوبيا بلدا يمكن إقامة شراكات مثمرة معه، وتوجد كذلك علاقات جيدة مع أوغندا التي يمكن أن تكون ركيزة اقتصادية في افريقيا.
وذكر قويدري بأهمية مشاركة الجزائر في لقاء المجموعة 20، والذي له دلالات وإشارات، أهمها أنها بلد رائد في المنطقة، وهو يحوز على مقدرات كبيرة جدا من حيث اللوجستيك، المساحة والموقع الجغرافي، موارد طاقوية متنوعة وبأسعار تنافسية، وكذا يد عاملة مؤهلة.
ويعتقد أنه بإمكان الجزائر الواقعة في شمال القارة، ودولة جنوب افريقيا المتواجدة في جنوبها، أن يلعبا دورا مهما في النهوض بإفريقيا، والوصول بها الى المرتبة التي تليق بها، خاصة وأن لها من الموارد الطبيعية خاصة الباطنية، ما يؤهلها لتكون قاطرة تجر الدول نحو التقدم والنمو، كما توجد علاقة تكامل بين الاثنين في عديد من المسائل والقضايا الاقتصادية.
ويرى الخبير الاقتصادي قويدري أنّه من بين القطاعات التي يعول عليها في تطوير العلاقات الاقتصادية البينية، قطاع المناجم، الذي تحوز الجزائر على الريادة فيه، كذلك الصناعات الصيدلانية، هذه الأخيرة التي تمتلك فيها طاقة إنتاجية هائلة، وكذا صناعة الأدوات الكهرومنزلية، التي قطعت فيها أشواطا كبيرة، واستطاعت أن تجد لها موقعا في الأسواق الافريقية، إضافة الى الصناعات الغذائية والتحولية، مؤكدا على أن كل هذه القطاعات تمتلك فيها بلادنا ميزة التنافسية.