تؤكّد الأرقام التي أوردها التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي فيما يخص توقعاته حول الاقتصاد الجزائري ومستوى النمو لسنة 2024، أن الوضع الاقتصادي بالجزائر يضعها ضمن الدول التي استطاعت أن تحقّق نسبة معتبرة في النمو تفوق 3.8 بالمائة، ويعتبر ذلك دلالة على وجود ديناميكية اقتصادية حقيقية بشكل مستديم، مقارنة باقتصاديات دول منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، حسبما يراه الدكتور عبد الرحمان هادف، الخبير الدولي في الاقتصاد.
في قراءته لما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي، أبرز الخبير عبد الرحمان هادف في تصريح لـ “الشعب”، أنّ ما وصلت إليه الجزائر من مراكز متقدمة فيما يتعلق بالنمو، دلالة على الإصلاحات التي باشرتها الحكومة مؤخرا، والتي أصبح لها أثر على النشاط الاقتصادي، والتنمية التي تأخذ مسارها بوتيرة أفضل من السابق.
بالنسبة للمتحدث، فإنّ هذه الأرقام التي حقّقتها الجزائر فيما يتعلق النمو تعد “مشجّعة جدا”، خاصة وأن المعدل العالمي المتعلق بنسبة النمو لا يتجاوز 2.7 بالمائة، وهذا يؤكّد أنّ النمو في الجزائر أصبح يحقق مستويات أعلى، في إطار السياق العالمي، والتحولات التي تشهدها المنظومة الاقتصاديات العالمية في ظل تقلبات أسعار النفط وتداعياتها، ورغم ذلك يبقى الاقتصاد الجزائري يواصل في مساره التنموي، ويحقق أرقاما جيدة، تبعث على التفاؤل في بلوغ الأهداف المسطرة للمستقبل.
وأضاف المتحدث في هذا السياق، أنه حتى البنك الدولي أرجع الأرقام التي حققها الاقتصاد الجزائري فيما يتعلق بالنمو الى محرك الاستثمار، الذي أصبح له اليوم دورا في النشاط الاقتصادي، مذكّرا أن الاستثمار يعد أحد روافد التنمية الاقتصادية، ولفت إلى أن المؤشرات والتوقعات توحي بوضع أفضل بالنسبة للاقتصاد الوطني.
كما لفت المحلّل الاقتصادي هادف، أنه جاء في تقرير صندوق النقد الدولي، أن الجزائر ماضية في إصلاحات جديدة خاصة فيما يتعلق بالمنظومة المالية والمصرفية، وسيكون لهذا أثر كبير في غضون السنوات القادمة، حيث ينتظر أن تتحقّق تنمية أكثر، ونسب نمو أفضل، وهذا ما سيسمح - حسبه - بتنويع مصادر خلق الثروة والاقتصاد الوطني، ممّا سيسمح أيضا بترقية الصادرات، وكل ذلك يصب في مشروع التحول الاقتصادي.
وذكر الخبير الاقتصادي أن الهدف الاستراتيجي اليوم يتمثل في جعل الجزائر من بين الدول الصاعدة في آفاق 2030، والارتقاء بالناتج الخام المحلي إلى ما يفوق 400 مليار دولار، وهذا ما سينعكس في الأخير على الإطار المعيشي والقدرة الشرائية للمواطن، وعلى الجبهة الاجتماعية بصفة عامة، كما سيسمح للجزائر مواصلة مسارها التنموي نحو الرقي والازدهار.
مؤشّـــــــــــــــــــــرات إيجابيــــــــــــــــــــة
يشهد الاقتصاد الجزائري تحسّنا فيما يتعلق بمؤشرات الاقتصاد الكلي والاستثمارات، حسبما تضمّنه التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي، والذي يطابق تماما الأرقام التي قدّمتها سابقا السلطات العمومية، وهو أمر إيجابي - حسب الدكتور احمد الحيدوسي أستاذ العلوم الاقتصادية - لأنّه سيعزّز صورة ومصداقية الجزائر في الأسواق الدولية، ويساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
حسب آخر تقرير أصدره صندوق النقد الدولي “الأفامي” بشأن توقعاته حول اقتصاديات العالم والاقتصاد الجزائري بوجه أخص، صنف ضمن الخانة الخضراء فيما يتعلق بالاستثمارات والمؤشرات الإيجابية حول الديناميكية الاقتصادية، إذ أبرز انخفاض مؤشر التضخم المتعلق بالسلع واسعة الاستهلاك إلى 9.6 بالمائة، بالإضافة إلى توجه الحكومة لتعزيز الصادرات خارج إطار المحروقات لمعادلة الميزان التجاري خلال سنة 2025، بما يسمح باستعادة بعض التوازن بين الصادرات والواردات، وهذا يطابق تماما الأرقام التي ما فتئت السلطات العمومية وعلى رأسها البنك المركزي الجزائري تقدمها بشكل دوري - حسب ما أكّده الدكتور احمد حيدوسي أستاذ العلوم الاقتصادية - خلال استضافته في القناة الإذاعية الأولى.
ذكر الحيدوسي أن من بين التقديرات التي جاءت في تقرير صندوق النقد الدولي، ابرازه لانخفاض مؤشر التضخم المتعلق بالسلع واسعة الاستهلاك إلى 9.6 بالمائة، بالإضافة إلى توجه الحكومة لتعزيز الصادرات خارج إطار المحروقات من أجل إحداث توازن في الميزان التجاري خلال سنة 2025، بما يسمح بأن تتساوى إلى حد ما الصادرات والواردات.
وفيما يخص الميزان التجاري، قال الحيدوسي إن السياسة التي تنتهجها الحكومة لضبط الواردات بدأت تعطي ثمارها، مما انعكس إيجابيا على الميزان التجاري، وتصنيف المؤشرات الاقتصادية الكلية ضمن الخانة الخضراء، وهذا ما يتطلب ـ حسبه - المضي قدما في هذا الاتجاه بنفس الحركية والديناميكية.
كما لفت المتحدث إلى أن هذه المؤشرات الإيجابية التي نقلها تقرير صندوق النقد الدولي تبرز الديناميكية التي يشهدها الاقتصاد الوطني، الذي ما فتئ يحقّق نموا متواصلا ومتراكما للسنة الرابعة على التوالي، وذلك بفضل مشاريع الاستثمار المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، في وقت بلغ فيه الاحتياطي النقدي بالعملة الصعبة 70 مليار دولار، دون احتساب احتياطي الذهب، وهو المعدل الأعلى في القارة الإفريقية.”.
وأضاف الحيدوسي في السياق، أن حجم الاحتياطي النقدي الحالي يعزّز قدرة الدولة على ضمان الحاجيات الأساسية للمواطن وتحقيق الأمن الغذائي، واللجوء إلى الاستيراد من مركز قوة عندما يقتضي الأمر ذلك، وهذا من شأنه أن يعزز صورة ومصداقية الجزائر في الأسواق الدولية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاعي التعدين والفلاحة، التي من المتوقع ـ حسبه - أن تصل إلى 5 مليارات دولار سنة 2025، بينما تخطّط الحكومة لرفع هذه الاستثمارات إلى 20 مليار دولار بحلول سنة 2030، خاصة وأن البلاد تنعم بالاستقرار السياسي، الذي أكّدته بشكل جلي الانتخابات الرئاسية الأخيرة.