في الوقت الذي بدأ فيه المشهد الاقتصادي يتحرر من تداعيات المشهد السياسي المتوتر الذي فرضه الحراك الشعبي طيلة 2019 وما ترتب عنه من مضاعفات على التوازنات الكبرى للاقتصاد بعد الشروع في البحث عن الآليات الملائمة لمعالجة مخلفات المرحلة وتحقيق المطالب المشروعة للحراك كما وعد به الرئيس تبون دخلت الجزائر مثل باقي دول العالم في أزمة جديدة بانتشار وباء كوفيد-19 التي فرضت على دول العالم حصارا اقتصاديا ذاتيا بشلّ الحركة الاقتصادية بكامل عناصرها.
هذه الأزمة الصحية وانعكاساتها زادت من هشاشة الاقتصاد الجزائري بسبب:
أولا: ارتفاع تكاليف معالجة الوضعية الصحية وما تتطلبه من معدّات وتجهيزات وأعباء التكفل بالمصابين والضحايا.
ثانيا: تبعات تجلت على أهم مصدر من إيراداتها من المحروقات لانخفاض أسعار النفط بأكثر من 50 بالمائة.
ولمواجهة الوضع تم تجنيد كل القطاعات واتخاذ تدابير مزدوجة كالحجر الصحي وترشيد النفقات بتحديد الأولويات على أساس معيار الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية ومن خلال هذه التدابير وأخرى تضامنية استطاعت الجزائر الحد من أثار الوباء على الاقتصاد ولواستمرت كانت تؤدي الى انهياره، في ظل
دخول اقتصاديات بلدان كبرى منها أمريكا والصين حالة ركود خاصة وأن كل المؤشرات والدراسات للهيئات والخبراء في العالم تشير الى بداية دخول اقتصاديات لبلدان كبرى في حالة ركود.
والخوف من الركود دفع الكثير من الدول للخروج من الحصار الوبائي ومنها الجزائر التي قررت الخروج التدريجي من الحجر الصحي باستئناف كثير من النشاطات في مرحلة أولى مع إمكانية الخروج الكلي منه في مرحلة ثانية لاحقة شرط تحسن الوضع الصحي .
وبالطبع الهدف هوتفعيل العجلة الاقتصادية ورفع معاناة المتعاملين المتضررين خاصة المؤسسات الصغيرة والقطاعات التي تشغل العمال بعد توقف لأكثر من ثلاثة أشهر وبالتالي تجنيب خزينة الدولة التي تعاني أصلا من انخفاض مداخيلها من ضغوطات جديدة لا يمكن أن تواجهها بمواردها الحالية إلا باللجوء إلى جيوب المواطنين بمزيد من الضرائب والرسوم ورفع الأسعار أوالرجوع إلى البنك المركزي لطباعة النقود أواستعمال ما تبقى من احتياطات النقد الأجنبي أوالاستدانة الخارجية وهوما أكد الرئيس استبعاده من الخيارات البديلة، لذلك كان خيار الذهاب إلى بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع والخروج من اقتصاد الريع لتفادي الصدمات البترولية المتكررة.