عمق فيروس «كورونا» من التداعيات السلبية لأسواق النفط، وصارت التخمة وانكماش الطلب هاجس الدول المنتجة، في وقت تسهر فيه دول «أوبك+» على تنفيذ اتفاق التخفيض الذي يقارب 10ملايين برميل يوميا، ويعتقد العديد من المنتجين أن هذا الاتفاق يحتاج إلى تمديد لفترة أطول بكثير من تلك المحددة على الورق، حتى يتسنى تعافي الأسواق وعودة الأسعار إلى مستوى مقبول لا يتضرر فيه المنتج ويبقى المستثمر مهتما بالمزيد من التنقيب والانتاج.
بات من الصعب ومن المبكر التوقع بأي انفراج لأزمة الفيروس، وتحديد تاريخ لتخفيف إجراءات العزل والفتح التدريجي للنشاط الاقتصادي بالنسبة لجميع دول العالم، في وقت مازال الفيروس يخترق الدول بالانتشار السريع والمخيف، ورغم أن النشاط الاقتصادي بدأ بشكل بطيء يعود إلى حركيته لكن الخبراء يروا أن تعافيه مازال هشا، وصار لا يغري عرض أسواق النفط بالشكل المطلوب، بل إن الطلب على النفط مازال سلبيا، وينتظر في ظل هذا الوضع أن يسجل انخفاضا قياسيا في عام 2020، وأي عودة لانتعاش الطلب على المحروقات، مرهون على مدى تخفيف إجراءات الغلق في أقرب وقت ممكن، وتشير التوقعات أنه يرتقب أن ينخفض الطلب بحوالي 8.6 مليون برميل يوميا، ، لكن من المبكر الحديث عن اقتراب الوصول إلى إعادة توازن الأسواق، ورغم أن الخبراء يشترطون النظر إلى تخفيضات أخرى. ولعل من الأسباب الجوهرية التي زادت من تخمة العرض وانهيار الأسعار، تقلص حجم تخزين هذه الثروة الباطنية الإستراتجية، خاصة على مستوى أكبر منتج في العالم، ويتعلق الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تسبب ذلك في زلزال مس الأسعار وعصف بالأسواق لأول مرة في تاريخ الأسواق النفطية بعد أن نزلت إلى مادون الصفر بنحو 40 دولار سلبي أي من يشتري يسدد له ثمن ما اقتناه.
ووسط العرض الهائل الذي تغرق فيه الأسعار، ينتظر أن تتغير معظم المؤشرات السلبية إلى العامل الإيجابي خلال السداسي الثاني من خلال التخلص وإزاحة تخمة 5.5 مليون برميل من الإنتاج بفعل جهود «أوبك+»، بينما التعافي الحقيقي سيكون مع عودة الاقتصاد العالمي إلى سابق عهده من الحركية والنمو. إذا تعافي الأسواق في هذا الظرف بالذات محاصر بفيروس»كورونا»، وانتعاش الاقتصاد العالمي بنظرة واقعية مازال هشا، و»أوبك+» مدعوة للمزيد من التخفيض. وكل التوقعات التي تطلق حذرة حيث يترقب أن تصل أسعار الخام القياسية إلى 28 دولارا للبرميل خلال الثلاثة أشهر المقبلة، بينما ينتعش إلى مستوى أعلى أي إلى حدود 39 دولار للبرميل خلال الثلاثي الأخير من العام الجاري.