استحداث منصة رقمية وتوفير تقنيات التصدير
ناقش، أمس، الخبراء والمشاركون في الندوة الاقتصادية التي نظمها المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير، تحديات تفعيل وتيرة التصدير، وطريقة فتح الأبواب أمام المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين للانخراط في مسار التصدير، من خلال تذليل مختلف الصعوبات وتوفير الدعم والمرافقة للمهتمين بالتواجد والمنافسة عبر الأسواق الخارجية، وتقاطعت الدعوات حول ضرورة التعجيل بسد الفراغ القانوني، واستحداث مختلف التقنيات التي تفعل من تموقع المنتجات الوطنية في الأسواق الخارجية، إلى جانب فرض إصلاحات بنكية واستحداث منصة رقمية للتصدير.
أثارت الندوة الاقتصادية الشهرية التي يعكف المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير على تنظيمها، مختلف العوائق وعكفت على تشريح العوامل المتسببة في ضعف عملية التصدير، بل وحاولت اقتراح الحلول من أجل بناء جسور قوية ودائمة للتصدير، جسورا من شأنها أن تشجع المؤسسة الإنتاجية على توسيع نشاطها، وبالتالي استحداث مناصب الشغل والقيمة المضافة.
في إطار الحلول الاقتصادية 2020 و2030، تناولت الندوة عنصر التصدير كحل استراتيجي من شأنه أن يعمل على ترقية الاقتصاد، لأن التصدير يقابله المزيد من الاستثمار وبالتالي مضاعفة الإنتاج، وهذا ما يمنح قوة وفعالية للاقتصاد الوطني.
في البداية اعتبر أمين بوطالبي، مدير المركز العربي الإفريقي للاستثمار، أن التصدير بات يكتسي أهمية كبيرة في الوقت الراهن، واغتنم الفرصة ليدعو إلى ضرورة التعجيل بانفتاح المنتوج الجزائري على الأسواق الخارجية، وقبل ذلك ألح على خوض مختلف الإصلاحات التي تحقق نجاعة التصدير وتشجع المتعامل الاقتصادي على إعداد خارطة لتصدير منتجاته في أسواق تكون مدروسة مسبقا، وركز بوطالبي على الإمكانيات التي تتمتع بها الجزائر خاصة ما تعلق بالمنتجات الفلاحية والصناعة التحويلية والكهرومنزلية، كما أنه يعتقد أن الصناعة الصيدلانية يمكنها أن تنافس بقوة في أسواق خارجية.
المنتوج الفلاحي بتنافسية عالية
وبالموازاة مع ذلك، قال الدكتور والباحث هواري تغرسين، أنه يجب تحديد كيف ومتى وأين نصدر؟ في إشارة منه إلى ضرورة تحديد مسبق للأسواق التي سيستهدفها المنتوج الجزائري، بل وإجراء دراسة دقيقة لا تقبل أي إخفاق لضمان أسواق دائمة، تستوعب ما تنتجه المؤسسة الصناعية الجزائرية، وأكد في سياق متصل أنه تتوفر مقدرات هائلة في مجال مواد البناء، على غرار الحديد وكذا في الصناعة الالكترونية على سبيل المثال، ليتم تصديره لمختلف الدول، غير أنه أثار مسألة أهمية السير نحو توسيع حماية المنتوج الجزائري على خلفية تسجيل حماية نحو 1000 منتوج، أي يقدر ما بين 30 و200 بالمائة، في ظل وجود إجراءات أخرى منتظرة من أجل حماية باقي المنتجات، بهدف توسيع القائمة من طرف وزارة التجارة مستقبلا، لأن الحماية تسري عندما يكون المنتوج ذا تنافسية. واقترح الباحث عدم تصدير المواد الخام بأسعار رمزية ثم إعادة استيرادها مواد نصف خام بثمن مرتفع، ويرى تسجيل طلب كبير على المنتجات الفلاحية الجزائرية، بفعل جودتها وسعرها المنخفض في الأسواق الخليجية والأوروبية.
رؤية إستراتجية
من جهته، نبيل جمعة، خبير مالي ومحافظ حسابات، أكد على وجود فراغ تشريعي في مسار عملية التصدير، في ظل عدم وجود متابعة من طرف البنوك، فأحيانا تصدر كميات كبيرة من السلع من دون عقود ولا مكاتب وبلا مرافقة، ويضاف إلى كل ذلك غياب تقنيات التصدير وكذا التنسيق بين وزارة التجارة والبنوك، لذا تكون أحيانا عملية التصدير تحمل العديد من المخاطر. ورافع جمعة عن ضرورة إرساء منصة رقمية للتصدير والقيام بإصلاح مالي عميق وجذري بهدف التوطين. وأبدى حسان سعدي، مدير تجاري على مستوى «كجاكص» عن مرافقتهم للمصدرين وقدرتهم على تزويد المصدرين بأي معلومات عن مستثمرين أو شركات في العالم وتطرق كذلك لمسألة تأمين وتحصيل الأموال. أما مدير «ترست للتأمينات» دعا إلى وضع رؤية إستراتجية للتصدير.
واتفق العديد من المشاركين من أكاديميين ورجال أعمال ورؤساء مؤسسات على ضرورة تحسين مناخ الأعمال، والرفع من تنافسية المنتوج الوطني وتحديد المستهلك الذي نصدر له، مع أهمية تخصيص الشركات المنتجة لنسبة من الأرباح من أجل التسويق «الماركتينغ»، التي تعد جد ضرورية للترويج للسلع. الجدير بالإشارة فإن الندوة التي شارك فيها عدة سفراء معتمدين بالجزائر، نذكر من بينهم سفيري تونس وزمبابوي، جاءت فيها القناعة كبيرة بالقدرات الكبيرة التي تملكها الجزائر للتموقع في عدة أسواق خارجية، نذكر من بينها أسواق عربية وإفريقية، وما ينقص سوى تهيئة الأرضية الصلبة ومع إضفاء مرونة حقيقية على النصوص التشريعية، وإعطاء الضوء الأخضر لتكريس مختلف التسهيلات والتوجيهات اللازمة للمصدرين.