يحمل برنامج بن فليس، المترشّح الحر للانتخابات الرئاسية المقبلة، استراتيجية ورؤى ومقترحات لحوكمة الاقتصاد الوطني، قطع وعودا بتجسيدها على أرض الواقع، لكسب رهان المعركة التنموية يرى بأنّها قادرة على الرفع من نسبة الناتج الداخلي الخام إلى سقف 15 بالمائة ومضاعفة حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات إلى نحو 5 ملايير دولار، من خلال تبنّي سياسة طموحة للتصنيع ودعم الابتكار وإنشاء المؤسسات والتوجه نحو التصدير، وإحداث إطار مستقل لتقييم السياسات الاقتصادية.
أطلق المترشّح الحر بن فليس مبادرة إرساء استراتيجية وطنية في قطاع الطاقة، حيث يتم الشروع مع مطلع العام القادم في فتح نقاش وطني للطاقة مع تحديد الاستراتيجية الوطنية للطاقة وتبني نموذج تنمية للطاقة خلال سنة 2016.
تضمّن برنامج بن فليس العديد من المستجدات بهدف تقييم السياسات لتقويم الآداء والوقوف على النقائص في القطاع الاقتصادي، من بينها إحداث إطار مستقل لتقييم السياسات الإقتصادية، حيث تختار الوكالة الوطنية لتقييم عمل الدولة خلال الثلاثي الثاني من السنة المقبلة، مجموعة من السياسات والمشاريع العمومية تخضع للتقييم، مع تثمين تدخلات الدولة في المجال الاقتصادي، والتزم بتقديم الحكومة للبرلمان تقريرا مفصلا يبرر أهم النفقات.ومن أولويات المترشح صاحب شعار “معا من أجل مجتمع الحريات” تحسين بيئة الاستثمار وتحديث القطاع المصرفي والمالي، وإزالة قيود الاستفادة من العقار الصناعي والتجاري، إلى جانب الشروع في إصلاح عميق لنظام الجباية والميزانية مع تشجيع استحداث مناصب الشغل الدائمة وتنظيم الاقتصاد، ووضع سياسة طموحة للتصنيع وكذا سياسة تجارية تكون في خدمة التصنيع.
وطمأن بن فليس في ذات البرنامج، بأنّه في بداية العهدة سيرفع التجريم عن التسيير ويترك المسيّر حرّا في ممارسة مهنته وفق ما ينص عليه القانون، ووعد باستحداث خمسة أعمال نموذجية مع بداية السنة المقبلة من أجل استقلالية تسيير المؤسسات العمومية، ويتعلق الأمر ببنكين عموميين وثلاث مؤسسات صناعية كبرى.وفي الشق المتعلق بإعادة الاعتبار للمنتوج الصناعي الوطني، يعوّل المترشح على الاطار القانوني والتنظيمي والتحفيزي للطلبيات العمومية نهاية السنة المقبلة، أمّا في سنة 2016 تخصّص نسبة لا تقل عن 10 بالمائة من الطلبيات العمومية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الوطنية، في حين مع آفاق 2019 يتوقّع أن تقفز إلى حدود 20 بالمائة، بينما في نهاية العهدة ومع تكثيف النسيج الصناعي، يرتقب على ضوء البرنامج أن تتحوّل الطلبيات العمومية إلى أداة استراتيجية لتطوير قطاع الصناعة مع ظهور العشرات من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الوطنية الكبيرة، لكن شرط أن تتمتّع المؤسسات العمومية في نهاية العهدة المقبلة بمساحة أكبر من الاستقلالية، ويعكف على تسطير مخططات أداء بما ينسجم ودورها كمساهم، وضمان عدم تدخل الدولة في تسيير المؤسسات العمومية الاقتصادية، ودور الدولة يسند على عاتقه التركيز على الأنشطة الاستراتجية لتسريع وتيرة التنمية الاقتصادية وتحويل التكنولوجيات الحديثة والمتطورة.
وإن كان تحدي الجزائر مازال على مستوى تحقيق الإقلاع الحقيقي للمؤسسة، والرفع من تنافسية الانتاج في ظل الوفرة المالية والثروة البشرية والعقار الصناعي، يؤكد جميع الخبراء بأنّ الفرصة لا تعوّض للنهوض بالاقتصاد الوطني في الفترة الراهنة، ويشترط برنامج المترشح في البداية إعادة هيكلة مجالس إدارة الهيئات الاقتصادية العمومية وتعميمها نهاية العام المقبل، وتكريس التشاور والحوار والالتزام بين عالم المؤسسات والسلطات العمومية في صياغة السياسات الاقتصادية وتطبيقها وتقييمها بشكل فاعل ودائم، وبشكل مؤسسي بهدف الوصول إلى ما وصفه بالتوافق والتعاون بين الشركاء العموميين والخواص على أرض الواقع وفي ميدان المعركة التنموية.وخصّص المترشح بن فليس حيّزا معتبرا في برنامجه، الذي قال أنّه عكف على إعداده وتشريح الوضع الوطني مع خبراء ومختصين طيلة عشر سنوات كاملة، فتخفيض الضغط الضريبي على حد تأكيده يجب أن يتجسّد من خلال تخفيض معدل الضرائب المفروضة على المؤسسات إلى مستوى 20 بالمائة مع مطلع 2015، ووعد بالإلغاء التدريجي للرسم المفروض على النشاط المهني ليصبح الإلغاء نهائي مع آفاق نهاية عام 2017 يصاحبه ما وصفه بالإعفاءات غير الناجعة، وإعداد قانون المالية وفق أسعار النفط الدولية، مع صياغة قانون عضوي جديد لقوانيين المالية بهدف إرساء منظومة متعددة للميزانية على المدى المتوسط وإصلاح صندوق ضبط العائدات للمزيد من الشفافية في تخصيص الموارد.وبلغة الأرقام ألحّ بن فليس على تغطية الجباية خارج المحروقات بنسبة 50 بالمائة من ميزانية الدولة في آفاق عام 2019، على أن تكون الميزانية متعددة السنوات على مدى ثلاث سنوات وتصاحبها تدابير صارمة تطبق على الميزانية لتسقيف الحصة التي تدرها الجباية البترولية، مع إعادة هيكلة صندوق ضبط العائدات وتثبيت نفقات التسيير، وتقليص حصتها في المنتوج المحلي الخام.
ومازال حل مشكل البطالة يشكّل اهتمامات جميع المترشّحين على اعتبار أنّه ينتشر وسط الفئة الشباب بشكل أكبر خاصة الجامعي، والتخفيض منه لا يتحقّق إلا بإعادة الاعتبار للمؤسسة الجزائرية واسترجاع تنافسيتها، ولا تتجسّد الحلول على أرض الواقع إلاّ بإدراج تحفيزات فعلية لإنعاش سوق التشغيل في السنة المقبلة، مع إضفاء تعديلات على قانون العمل ليدخل حيّز السريان خلال السداسي الأول من سنة 2016 يتماشى مع المعايير الدولية، وتحدّث عن نيته في إضفاء المزيد من التعديلات على آليات التشغيل، مقتنعا بأنّ القطاع الاقتصادي الوحيد القادر على خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل الجديدة.
ويقترح المترشح بن فليس قانونا أساسيا لما أسماهم بصغار المقاولين، يتضمن تحفيزات فعلية للدخول في نسق الاقتصاد المنظم، وكذا تسطير المخطط الوطني للحد من النشاط غير المنظم، وتبني التدابير للتحفيز وردع التهرب الضريبي إلى أن يفقد المجال الموازي جاذبيته.