الدكتور محمد حشماوي لــ«الشعـب»:

تبنــي نمــط تسيــيري جديــد لجميــع المشاريــع

حاورته: فضيلة بودريش

 إنشـاء معهـــد زراعــي بالجنـوب لتكثيـــف الإنتـاج

رسم الدكتور محمد حشماوي أستاذ الاقتصاد، ملامح الحلول القادرة على بعث دينامكية النمو في عدة قطاعات حيوية، يراهن عليها حاليا في خلق القيمة المضافة والتصدير خارج قطاع المحروقات، ويرى أن المشكل الذي تواجهه الجزائر يتمثل في تحدي تطبيق الأفكار وتجسيد الخطط التنموية على أرض الواقع، على خلفية أحيانا يتم تبني رؤية دون وجود إمكانية تجسيدها، وأحيانا أخرى من يخطط للاستراتجيات يكون بعيدا عن الواقع، والحقيقة أنه من المفروض من يسطر الخطط ويضع الإستراتجية، يجب أن يوفر وسائل تجسيدها، ويعتقد أن المشكل الجوهري لا يتمثل في إدارة وتسيير المشاريع بل في المورد البشري المسير بالدرجة الأولى، وقال إن من بين الحلول التي ينبغي اللّجوء إليها، تبني نمط تسييري جديد لمختلف المشاريع، مع ضرورة إرفاقه بالرقابة الصارمة في ظروف لا تخلو من الشفافية والنزاهة.

الشعب: ماهي الخطة التي يمكن انتهاجها من أجل تكثيف نسيج المؤسسات الناشئة، التي يعوّل عليها في المرحلة المقبلة لاستحداث الثروة وامتصاص البطالة، والمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني؟
- الخبير الاقتصادي محمد حشماوي: يعد استحداث وزارة منتدبة للمؤسسات الناشئة مؤشرا جيدا، من شأنه أن يعمل على تنظيم هذا القطاع، لأنه لا ينبغي أن ننسى أنه كانت تسجل مؤسسات ناشئة على مستوى جامعات بعدة ولايات، غير أن عدم مرافقتها أدى إلى فشلها واختفائها، لكن الحديث عن استحداث إطار قانوني للمؤسسات الناشئة والحاضنات، وبالتالي ملء الفراغ في هذا المجال، سيعبّد الطريق أمام حاملي الأفكار، وعلى خلفية أن الوزارة المنتدبة الجديدة ستسهر حتى يرى القانون النور، ثم مرافقة أصحاب الأفكار من الشباب حاملي المشاريع، وعلى اعتبار أنه إذا لم تكن هناك مرافقة ستفشل حتما هذه الأفكار، وينتظر أن تعمل الوزارة وتنسق مع الجامعات ومراكز البحث، لدعم المؤسسات الناشئة من جميع النواحي حتى فيما يتعلق بالجانب التمويلي، ولأن رئيس الجمهورية أكد على ضرورة خلق صندوق أو بنك تمويلي للمؤسسات الناشئة. بالنظر إلى أهمية اقتصاد المعرفة، أي صار عاملا من العوامل الهامة لتوليد الثروة وخلق القيمة المضافة، علما أن هذا القطاع الناشئ صار يكتسي الأولوية في جميع الدول النامية، كون الدولة ترغب في خلق اقتصاد جديد، وفي الاقتصاديات الحالية صار كذلك الاهتمام قائما بهذا القطاع، وكذا بمختلف الأفكار الجديدة المتميزة.
1.5مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة
كم تحتاج الجزائر من مؤسسات ناشئة من أجل تفعيل آثارها على صعيد تنويع الاقتصاد؟
- لا تكمن الأهمية في العدد بقدر ما تتمثل في تحديد إستراتيجية خاصة لتسطير أولويات الجزائر، وكون القطاع يتواجد في قلب التكنولوجيات الجديدة، ولأنه تعتبر في نفس الوقت عاملا هاما، خاصة بعد أن صار قطاع الخدمات، أي خاصة ما تعلق بالمعلومة وتحويل هذه المعلومة إلى منتوج نهائي وبيعه، والسؤال الجوهري الذي ينبغي إثارته.. ما هي القطاعات التي يمكن للجزائر أن تنشأ فيها المؤسسات؟ وما هي القطاعات التي يمكن للبحث العلمي أن يخلق الأفكار؟..وبالتالي ربط جسور التعاون بين الجامعة وصنّاع الأفكار أي تقاطع جهود الفاعلين، لينتج عنها ميلاد المؤسسات الناشئة، علما أنه لا يهم عددها، ولا ينبغي أن ننسى عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالجزائر الذي لا يتعدى 700 ألف مؤسسة، غير أن الجزائر تحتاج إلى 1.5 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة، وفي حالة منح الأهمية لهذه المؤسسات الناشئة، فإن الرقم سيرتفع في آفاق عام 2024، كون الصناعة الخفيفة المولدة في الحقيقة للثروة، أكثر من الكبيرة كون الكبيرة تتطلب أموال ضخمة ووقت أطول.
كيف يمكن إعادة بعث الاستغلال الأمثل للقطاع الفلاحي وجعله محركا للنمو؟
- كان القطاع الفلاحي من القطاعات الأساسية، بل والإستراتجية للجزائر، بالنظر إلى إمكانيات الجزائر وما تستورده من منتجات، لكن لو تم الاهتمام بالقطاع لما تعقدت وضعية الاستيراد وارتفعت كلفته. والظرف يتطلب تحديث وتطوير القطاع الفلاحي مع تشجيع وتوجيه الفلاحين من خلال مرافقتهم وتمويلهم وترشيدهم ومدهم بمقومات الفلاحة، من أجل الوصول إلى تجسيد قطب فلاحي على مستوى الجنوب، حيث ينتج مجموعة من الخضر والفواكه، لأنه ينبغي التساؤل إن كان فعلا الاستثمار الفلاحي سيتواصل بالجنوب؟.. والواقع يفرض التكفل السريع بالقطاع اليوم حتى نتجنب تدهوره وزواله.. لأنه ينتج سنة وفي السنة الموالية يتقلص الإنتاج، في ظل وجود مشكل التمويل، وهذا يفرض الإسراع في  تطوير القطاع مع ضرورة الاهتمام بالمياه في الصحراء الشاسعة وتوزيعها على الفلاحين، مع وضع سياسة شاملة بين الفلاحة والموارد المائية. بالإضافة إلى التمويل بالبذور عن طريق تطوير البذور التي يكلف استيرادها الجزائر أموالا طائلة مع دعم الفلاحين بالأسمدة، واغتنم الفرصة لاقتراح إنشاء معهد زراعي بالجنوب لمساعدة الفلاح في تطوير تقنيات خدمة الأرض لمضاعفة الإنتاج. وينبغي إلى جانب كل ذلك إرساء خطة لتطوير القطاع الفلاحي، وتحديد الفروع التي ينبغي تطويرها، مثل الحبوب التي تتطلب التركيز عليها، لأن الجزائر تعكف على استيراد كميات كبيرة، وبالتالي تخفيض تكلفة الاستيراد الباهظة.
  تحدي يكمن في تطبيق الخطط التنموية
 مازال قطاع السكن يحتاج إلى الفعالية في الانجاز .. ألا تعتقد أن المشكل  يتمثل في ضعف أدوات الانجاز، التي تحتاج إلى تطوير وشراكات أجنبية؟
- بالفعل هذا القطاع شهد تأخرا، لكنه انتعش خلال السنوات الأخيرة، وتم بناء الآلاف من السكنات، لكن رغم الجهود مازال لم يعط الثمار المرجوة خاصة بكل ما تعلق بالجودة والنوعية وحتى على صعيد الكمية، لذا تمت الاستعانة بشركات صينية وتركية ومصرية لكثافة البرامج السكنية التي تم إطلاقها في السابق، وبالنظر إلى العدد الكبير من السكنات المسطر انجازها، كانت المؤسسات الجزائرية غير قادرة على الانجاز، ومن أجل الحفاظ على العقار تضمنت هندستها الاعتماد على الارتفاع بدل الطوابق المنخفضة، فأسندت العديد من المشاريع لمؤسسات أجنبية وهناك من هذه المؤسسات من تحايل في الانجاز بسبب غياب الرقابة، رغم وجود دفتر شروط يمنح الحق للجزائر في مراقبة الانجاز ومواد البناء المستعملة.
في ظل وجود إرادة قوّية، لتفعيل الإصلاحات الجذرية في جميع القطاعات من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني.. ما هي الحلول التي تقترحها للنجاح في تسريع وتيرة النمو؟
- نسجل أفكارا جيّدة ورؤى ثاقبة وخطط مهمة ذات بعد استراتجي، لكن أعتقد أن المشكل الذي تواجهه الجزائر يكمن في تحدي تطبيق الأفكار والخطط التنموية على أرض الواقع، أي أحيانا نتبنى رؤية دون وجود إمكانية تجسيدها، وأحيانا أخرى من يخطط للاستراتجيات يكون بعيد عن الواقع، والحقيقة أنه من المفروض من يسطر الخطط ويضع الإستراتجية، يجب أن يوّفر وسائل تجسيدها، والمشكل الجوهري يتمثل في إدارة وتسيير المشاريع والمورد البشري المسيّر، لأنه يوجد وفرة في التمويل الضخم، لكن الأهداف لا تتحقق؟Ị .. ويتضح أن المشكل في التسيير والكفاءة المسيرة، ومن بين الحلول التي ينبغي اللّجوء إليها تبني نمط تسييري جديد لجميع المشاريع، مع ضرورة إرفاقه بالرقابة والصرامة والشفافية والنزاهة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024