دفعت الاستثمارات الضخمة التي شهدها قطاع الموارد المائية طيلة عقد ونصف، إلى التوجه نحو تأطير الكفاءات وتأهيل اليد العاملة في هذا المجال الحيوي والاستراتيجي، على اعتبار أن رفع تحدي تجاوز أي أزمة للتزود بالماء الشروب عبر المناطق الجافة على وجه الخصوص، رصدت له أموال معتبرة وسطرت بخصوصه برامج واعدة، أنجز العديد منها ويبقى بعضها متواصلا، من أجل ذلك ولمواكبة تطور المنشآت عكف على تكوين ما لا يقل عن 11372 عامل في مختلف التخصصات إلى جانب تأهيل 526 إطار تقني في التسيير و100 ألف تقني على مستوى مراكز التكوين المهني، والقطاع مطالب بالانفتاح أكثر على التكنولوجيات، بهدف تصدير خبرة الجزائر في هذا المجال إلى الدول الإفريقية والعربية، كون الاستفادة لا يجب أن تكون على الصعيد الوطني بل نستثمر فيها خارجيا.
وإن كان جانب التسيير لتزويد الملايين من السكان يكتسي أهمية، ينتظر أن تشرح تجربتي المؤسستين الأجنبيتين، والتي تعد نموذجيتين بكل من العاصمة ووهران، حتى تفعل تقنيات التسيير لدينا بما ويتماشى بالمعايير الدولية، وحتى يرتقي مستوى التزويد ويرتفع سقف التحصيل وتجري العملية التي ينتظر تقييمها عقب انتهاء العقد في مدة خمس سنوات في نظام محكم.
من المفروض أن الجزائر بفضل سلسلة من المشاريع الضخمة التي تعززت بها، تكون قد قضت بشكل كبير على شبح أي أزمة للمياه بفضل مشاريع السدود التي ناهز عددها 70 سدا بطاقة تخزين تتجاوز 7 ملايير متر مكعب، ويرشح أن يقفز هذا العدد نهاية سنة 2014 إلى84 سدا بقدرة إجمالية تقدر بـ 9ر8 مليار متر مكعب من المياه.
علما أن آخر الأرقام التي كشفت عنها وزارة الموارد المائية خلال شهر مارس الجاري تشير إلى أن القدرات السنوية للجزائر من هذه الثروة تناهز 18 مليار متر مكعب سنويا من المياه السطحية.
وتبلغ كمية الأمطار المتساقطة 10 ملايير متر مكعب، ويذكر أن نحو 5 ملايير تستقطبها السدود و5 ملايير الأخرى تسقط في البحر، علما أن مياه الجنوب تقدر بـ5 ملايير متر مكعب، لكنها مياه لا تتجدد وتتقاسمها الجزائر مع الدول المجاورة على غرار كل من تونس وليبيا.
وبفضل 13 محطة تحلية مياه البحر، يتم نقل بشكل يومي 2.3 مليون متر مكعب، وتوجد محطتين طور الانجاز، وما تجدر إليه الإشارة فإن أكبر محطة تتواجد بالعاصمة وتسلم محطة تنس شهر أو ت القادم، في انتظار الشروع في إنجاز محطتين في كل من الطارف وتيبازة وباتنة خلال السنة الجارية يضاف إليها انطلاق أشغال إنجاز سدين بسوق اهراس وتيزي وزو.
الاستثمار في الموارد البشرية
لم يكتف القطاع منذ الشروع في تعزيز منشآته القاعدية، بالجانب المادي للمشاريع حتى ترى النور، بل أولى أهمية لتثمين وترقية قدرات الموارد البشرية، وتأهيل اليد العاملة خاصة المتخصصة وتأطير الكفاءات في الفترة الممتدة ما بين سنة 2008 و2013 العمومية، وأسفرت العملية عن تسجيل 11312 إطار و526 إطار مسير و100 إطار مكون في معاهد متخصصة، ويعول على هذه الجهود في رفع سقف الأداء في القطاع على جميع الأصعدة أي كل ما يتعلق بالتسيير وترقية البحث والابتكار ومواكبة مستجدات التكنولوجيات الجديدة .
وتنوي الوزارة الوصية الاستمرار في ذات النهج وعدم الانقطاع على رهان تنمية الموارد البشرية خلال المخطط الخماسي المقبل 2015 و2019، من خلال التكوين والاستثمار.
ولدى الوقوف على عنصر الموارد البشرية والذي يعد جوهريا يستدعي الأمر إقحام الجامعة ومراكز البحث لتنمية القطاع، والاعتماد على الكفاءات من أجل النجاح في تحويل التكنولوجيا الجديدة، والاستمرار في تطويرها داخل الوطن عبر مراكز البحث تزود بآخر التقنيات العالمية حيث لا يكون هنلك انقطاع عن عملية التكوين والتأهيل .
رهان جودة الخدمات
ومن بين أولويات القطاع في الوقت الراهن بعد تجسيد مشاريع إستراتجية على أرض الواقع، تحسين الخدمة العمومية، فبعد تجربتي العاصمة ووهران من خلال إسناد عملية التسيير إلى مؤسستين أجنبيتين، ويتعلق الأمر بـ«سيال” و«سيو” أي ما يطلق عليه بمؤسسات التسيير المفوض لإنتاج المياه، ينتظر أن تبرم عقود أخرى لتعميم التجربة، التي ينتظر أن تكون نموذجية على ولايات أخرى على غرار عنابة.
وينتظر من خلال عقود الشراكة، أن تسمح بتأطير اليد العاملة وإكسابها تقنية التسيير وخبرة التحكم في تقديم أحسن خدمة للزبائن.
وتسهر كل من مؤسسة الجزائرية للمياه والديوان الوطني للتطهير على فتح مراكز تكوين وتأهيل الكفاءات، وانفتاحهم على التكنولوجيات الحديثة، والجزائر في أمس الحاجة حاليا لإعادة الاعتبار لقدرات التسيير كون مستوى الربط بشبكات التزود بالماء الشروب لا تقل عن سقف 98 ٪ أي تمتد على طول 112000 كلم.