المؤسسة الإنتاجية وتحدي التموقع

الجودة لكسب معركة التصدير

فضيلة بودريش

تنافسية المنتوج تأشيرة ولوج الأسواق

يمثل الابتكار جوهر تحدي المؤسسة الاقتصادية، التي بإمكانها أن ترقي تنافسية وجودة مختلف المنتجات الصناعية والزراعية، ومن دون توجيه الاهتمام بالبحث العلمي ومواكبة التكنولوجيا، من خلال تحويلها وتكوين الإطارات والمهندسين والمسيرين، بهدف ترقية الأداء لن يتحقق الإقلاع وحتمية التنويع الاقتصادي، وتحرص العديد من المؤسسات على منح الابتكار في عدة مجالات الأولوية، للرفع من قوة وجودة منتوجها، حتى يكون مهيئا للتصدير وقابلا للتسويق عبر أسواق إقليمية، وعلى مستوى أسواق دول الجوار. على هامش «معرض المنتوج الجزائري» اقتربت «الشعب» من بعض المؤسسات المصغرة والمتوسطة ورصدت مدى اهتمامها بالابتكار والبحث العلمي، وكذا تموقعها في السوق ومدى اهتمامها بتحديات التصدير..

قالت الغريسي سمية، مسؤولة التسويق، على مستوى شركة «الواحة الدولية» لمواد التجميل والتنظيف، والتي أنشات بالشراكة مع الأتراك لجلب التكنولوجيا، أنه لديهم مخبر بحث على مستوى المؤسسة، لأنهم ينتجون منتجات وفقا للمعايير الدولية، رافعين شعار «الجودة تفوق السعر»، علما أنهم يطرحون في السوق أربع علامات تجارية أساسية،  ويتعلق الأمر بمنتوج «دوراكس» و»غولداكس» و»نيداكس» و»بروساي»، أي في مجالي مواد التجميل والتنظيف، وأوضحت الغريسي أن «دوراكس» يتضمن صابون سائل وصابون صلب وشامبو، وكذا «جال دوش» بجودة عالية، وبينما «غولداكس» تنتج صابون رائع و»نيداكس» تنتج بدورها سائل مخصّص للأواني، و»البروساي» يتمثل في منتوج سائل لتنظيف اليدين مضاد للبكتيريا، وتشغل هذه المؤسسة ما لا يقل عن 300عامل، وتمكنت في الماضي من تصدير منتجاتها المتميزة إلى كل من ليبيا وتونس، وتحضر في العام الجديد لتكون سنة للتصدير، وبالتالي ولوج الأسواق في كل من النيجر وموريتانيا، واعتبرت مسؤولة التسويق الغريسي سمية، أن المنافسة اشتدت في السنوات الأخيرة مع تقليص الاستيراد في هذا المجال، ورفع الرسوم، حيث ظهرت علامات جديدة عديدة في مواد التجميل والتنظيف، ومن بين العقبات التي تواجههم، ذكرت كل ما يتعلق بعملية استيراد المواد الأولية، حيث في كل مرة تصدر قوانين وتعليمات ورسوم جديدة، تعطل بحسب تقديرها البضاعة في الطريق ويتأخر وصولها.
خدمة ما بعد البيع..  والتصميم محلي
قدّمت دلال نذير، مسؤولة تجارية في مؤسسة «رحماني للأثاث»، تحديات المؤسسات التي أثبتت تموقعها في السوق الوطنية وتنوي الاندماج ضمن مسار التصدير، في البداية ذكرت بأنه لديهم معرض تجاري دائم على مستوى «بزار حمزة» ببلدية باش جراح، وأكدت أنهم ينتجون منتوجا جزائريا مائة بالمائة سواء تعلق بالتصميم أوالمادة الأولية، غير أنهم يستوردون فقط القماش من كل من تركيا وكندا، ويوّزعون منتجاتهم على الزبائن مجانا عبر كامل التراب الوطني. وتصنع هذه المؤسسة الصالونات والطاولات والكراسي ومختلف الأثاث، ويمكن أن يمنحهم الزبون تفاصيل المنتوج الذي يرغب فيه، ثم يصمّم له بأيادي مبدعين جزائريين، ويمنح حرية اختيار لون ونوعية القماش، ووصفت السوق بالنسبة لهم بالجيدة، أما المنافسة تراها كبيرة غير أنهم يبذلون جهدا كبيرا للتواجد في السوق بمنتوج ذا جودة عالية وبسعر معقول، لتلبية طلب الزبائن وحتى يكونوا قريبين منهم، علما أن سعر الصالون الواحد يبدأ من مستوى 98 ألف دينار ويصل إلى سقف 750 ألف دينار، علما أن خدمة ما بعد البيع مدتها سنة، وفي الوقت الحالي يفكرون في التصدير بعد تلقي طلبيات من طرف أفارقة.
بينما عادل عزوني، صاحب مؤسسة مصغرة ناشطة ومبدعة في المجوهرات التقليدية، أي المتعلقة بالنحاس والفضة العريقة في ولاية تلمسان ويشغل ثمانية عمال، ويعنى كثيرا بالإبداع في التصاميم، حيث في كل موسم يطرح تشكيلة جديدة بمسحة عصرية، وأحيانا يستعين بمصمّمين أجانب بعد منحهم مختلف التوجيهات وكذا التصوّر، واعترف إنه لولوج مجال التصدير ينبغي تكوين عددا كبيرا من اليد العاملة، لأن السوق تفتقدها وأبدى استعدادا لتكوينها، كون التصدير لأسواق خارجية لهذه البضاعة المطلوبة في الخارج يحتاج لعرض كبير.

 تطوير المنتوج بالشراكة مع الهولنديين

مدني سحنون، مدير شركة صارل «أس .أل. سي» مختصة بصناعة جميع أنواع الصابون، بدا جد متفائلا بعام 2020، لأنه خلال الأسبوع الثالث من شهر جانفي، سوف يصدر أول شحنة للمؤسسة نحو السوق الموريتانية، وتطرح هذه المؤسسة المتواجدة بمدينة «بوينان» علامة تجارية «سيدو» لمواد التنظيف، ويتعلق الأمر بـ «صابون متعدّد الخدمات»، مصنوع من زيوت نباتية طبيعية أصلية بدون ملوّن أومعطر، وقال سحنون إنهم مع هولنديين لإنتاج مادة صابون رفيع الجودة وغني بمادة الغليسيرين أي الصابون لا يذوب وإلى جانب «بليروم»  لمواد التجميل، و»سيدو» الرابط، الذي استغرق البحث حول مادته مدة تسعة أشهر ما بين الباحثين الجزائريين والهولنديين، علما أنه مزيل للبقع على أساس طبيعي.
التزم خلال هذه السنة بطرح صابون آخر ضد البقع ويكون سائلا، وأشار أنهم في الجانب التجميلي يبتعدون عن الملّون وينتجون في هذا المجال ستة أنواع ويحرصون أن يكون مسوّقا بسعر صغير أي أرخص منتوج.
ووصف المنافسة بالجد حادة، لأن المستهلك الجزائري تغير طبعه حيث صار يبحث عن الأحسن، بينما على مستوى المؤسسة يمنحون الأولوية للبحث والتطوير، أي يرون أن المنتوج مثل الإنسان عندما يتقدم في السن يتوفى، لذا عندما يصل منتوجهم إلى مستوى معين، يسارعون في تطويره في المخبر وهذا ما يضمن الحياة والاستمرارية لمنتوجاتهم التي تصنع بمعايير عالمية، وبالموازاة مع ذلك تحضر هذه المؤسسة للتواجد مستقبلا في أسواق قطر ودبي والسينغال.
اشتكى منقر مراد، مسؤول التسويق في مؤسسة «لينا للعطور»، التي انطلق نشاطها عام 2004، من المواد المقلدة التي تنتجها مؤسسات تنشط في الخفاء ومن دون سجل تجاري، وقال إنها تهدّد نشاطهم وسمعة المواد، حيث تنتج هذه المؤسسة المصغرة التي تطمح للتصدير مختلف مواد التنظيف والتجميل، خاصة بعد اقتحامها عملية تمويل سوق الفندقة، وينتجون نحو 50 منتوجا ولديها عدة منتجات جديدة خلال العام الجاري في مجال التنظيف، ووصف المنافسة الشرسة بسبب ما وصفه بالحرب التجارية حيث الزبون يطلب منتوج أفضل بسعر أقل، وبدا واثقا في علامتهم التجارية، حيث منتوجهم أحسن من المستورد، وكشف في سياق متصل أنهم خلال هذه السنة يطمحون للتصدير نحو أثيوبيا والسودان وموريتانيا والسينغال، في ظل وجود التسهيلات التي تم إطلاقها في مجال التصدير.
  الطلب أكثر من العرض!
قدّم قرقار بلحاج صهيب، الشاب والإطار بمؤسسة «سيرتابروس» و»كيباكس»، التي تنتج عددا كبيرا وأنواعا مختلفة من أدوات ومواد التنظيف، من خلال صناعة جزائرية مائة بالمائة، في عرضه للتفاصيل، نموذجا جيدا ومستوى جيد لما وصل إليه مستوى المؤسسة الإنتاجية الجزائرية، علما أن هذه المؤسسة نشأت خلال عام 1999 وتنتج حوالي 10 آلاف منتوج يوميا، حيث لديها حوالي 40 منتوجا في السوق، وبصدد تطوير هذه المنتجات، في ظل وجود منافسة قوية في السوق، وأكد قرقار بلحاج أنهم يركزون على النوعية ومن الطبيعي أن يكون شعارهم «الجودة تفوق السعر»، ولم يخف أنهم في البداية واجهوا بعض الصعوبات، لأن المنتوج المتنوع كان يبدو باهظ الثمن مقارنة بمنتجات أخرى، وبسبب المنتجات المستوردة المنخفضة الأثمان، لكن بعد أن جرّب الزبون منتوجهم، صار بعد ذلك يبحث عنه وبالتالي الطلب صار أكبر من العرض. وانطلقت هذه الشركة في أولى عملية التصدير نحو كل من ليبيا وتونس ودول افريقية مثل الكونغو والسينغال وتتطلع للتوّسع أكثر وبالتالي المشاركة في تنويع الاقتصاد الوطني. يذكر أن هذه المؤسسة تشغل 150 عامل، وتنتج مختلف أنوع أدوات التنظيف، بداية من المكنسات إلى غاية أدق وأصغر أداة تنظيف، وجميع المواد الأولية جزائرية ولا يستورد أي مادة من الخارج.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024