اعتبر الخبير بلميهوب أنّ عملية استرجاع الأموال المنهوبة صعبة جدا في الوقت الحالي، ولا يمكن على ضوء تجارب في بلدان أخرى أن تتجاوز عملية استعادتها نسبة 15 بالمائة، وتحدّث عن ضرورة التعجيل بالحل السياسي حتى لا ترتفع تكلفة الإصلاحات التي تحتاجها الجزائر في المرحلة الراهنة والمقبلة، من أجل التفرغ إلى تنمية اقتصادية، وتحديد رؤية واقعية ذكية القطاعات التي يجب أن يركز عليها لخلق القيمة المضافة.
- الشعب: كيف تشخّصون تداعيات الظّرف السياسي الرّاهن؟
الخبير الاقتصادي بلميهوب: مازالت الفرصة قائمة ويمكن العودة بسرعة لإنعاش الاقتصاد الوطني، في ظل وجود نوافذ متاحة للانطلاق منها نحو الفعالية الاقتصادية، ولا يخفى أن الوضعية صعبة لكن لدينا القدرات التي تسمح باستدراك التأخر، ويضاف إلى ذلك احتياطي الصرف الذي يسمح بتغطية نفقات 3 سنوات مقبلة، لذا أبقى تفائلا، أما بخصوص مسألة إرساء الإصلاحات يجب أولا معالجة المسألة السياسية، وبالتالي الإسراع في إيجاد حل للمشكلة السياسية، من أجل إطلاق فيما بعد إصلاحات اقتصادية حقيقية، على خلفية إطلاق الإصلاحات الاقتصادية يتطلب إجراء الانتخابات وتعيين حكومة جديدة، إلى جانب إيلاء أهمية بالكفاءات والمصداقية، ولا يخفى أن كل يوم يمر يعد تكلفة إضافية لإجراء الإصلاحات، وصار من الضروري التحلي بالحكمة وتجند الجميع لحل الأزمة السياسية، وبعد 3 أو 6 أشهر يتم إرساء إصلاحات اقتصادية، يجب انخراط الجميع في الإصلاحات بما فيها السلطات العمومية.
- ما انعكاسات الحراك الشّعبي على الصّعيد الاقتصادي؟
من الصعب تحديد تكلفة مالية للحراك الشعبي الذي انطلق شهر فيفري الماضي، على خلفية أنّه ليس لديه تأثير كبير ومباشر على سيرورة الاقتصاد الوطني، ولأنّ الحراك يسجّل يوم الجمعة، على اعتبار أنّه يوم عطلة ولا توجد غيابات في الشركات والإدارات، ولم تكن خسائر مادية أي لم تطل أي عملية تخريب التجهيزات العمومية، ولم يسجل تدمير أو سرقة لممتلكات الدولة، أي التكلفة سياسية أكثر منها مالية، واقتصاديا يمكن القول انه لم تتعطل الحركة الاقتصادية ولم تقطع الطرقات، فقط كان شبه ركود وجمود لم يترك، حيث لم تأخذ بعض القرارات لإعطاء ديناميكية.
- هل محاربة الفساد بمكانيزمات ناجعة وفي زمن قياسي متاحة اليوم؟
أكيد أنّ جهاز العدالة يحتاج إلى ملفات وحنكة وحكمة لمعالجة ملفات الفساد، ويتطلب الأمر متّسع من وقت، من دون تسرع في أخذ القرارات الجنائية، ولأنّ محاربة الفساد عملية أساسية وهامة وحسّاسة، يجب أخذ كل الوقت اللازم لأن الميكانيزمات أي القوانين متوفرة، والتحقيق المعمق والدقيق ضروري، وكذا توفر الأدلة والبراهين الدامغة أمر حتمي لا مفر منه.
- برأيك..ما هي الحلول المتوفّرة لاستعادة ما تمّ نهبه من أموال؟
لا أبالغ إذا قلت أنّ عملية استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج صعبة جدا، وعكس ما يقال هنا وهناك، لأن نسبة استرجاع الأموال المنهوبة تتراوح ما بين 10 و15 بالمائة، ولأن البنوك في الدول الأجنبية دون شك، تحرص أن تبقى تلك الأموال مودعة لديها حتى تستفيد منها، ومن حيث الإجراءات إن هذه الدول التي حوّلت إليها الأموال تقريبا كلّها تحترم القانون، وكل من له أموال تعتبر أنّها أموال ملكية خاصة وتدافع عن زبائنها، أي تطلب أن تبرهن أن المتهم سرقها، والأمر يتطلب وجود وثائق والاستعانة بمحاميّين والقيام بإجراءات طويلة وعويصة، ويتطلب الأمر تكلفة مادية، لكن في بعض الحالات عندما تتوفر الأدلة تسترجع الأموال المنهوبة والمهرّبة بسرعة، لكن في التجارب الموجودة في العالم في استرداد الأموال المهربة يتراوح الأمل في استرجاعها نسبة تتراوح ما بين 10 و15 بالمائة فقط.
- في ظل هذا الواقع، هل يمكن العودة باتجاه منحى تصاعدي في تسريع وتيرة النمو؟
لا أخفي عليك على المدى القصير يصعب الحديث عن قطاع واحد يمكنه أن ينهض بالاقتصاد الوطني، مثلا قطاع البناء والانجاز والأشغال العمومية يوجد في وضع صعب بسبب إفلاس بعض الشركات، إلى جانب أنّ هناك قطاعات أخرى تعاني خاصة ما تعلق بتلك التي تقوم باستيراد المواد وتستورد التجهيزات من بينها الالكترومنزلية، لكن يجب المحافظة على مختلف القطاعات الموجودة حتى لا تتعرّض للإفلاس، وبالتالي إلى الاختفاء وفقد مناصب الشغل. أعتقد ضرورة حماية المؤسسات حتى تستمر، والتفكير في المؤسسات التي يمكن أن تكون في الطليعة والمقدمة من خلال تسطير سياسات دقيقة. وخلاصة القول أنّنا في حاجة إلى التعجيل بحل سياسي قريب، وبعد ذلك اختيار القطاعات الاقتصادية التي نعوّل عليها في النّهوض بالتنمية هل الصناعة الغذائية أم الالكترونية أم الميكانيكية؟