تضمن العدد 23 لمجلة «لاسيرانس» مواضيع جدير التوقف عندها يتصدرها ملف يرصد وضعية تأمينات المسؤولية المدنية، وتقوم على مبدأ تعويضي يتمثل في أن لكل ضحية تعويضا يناسب حجم الضرر الذي تعرض له، شريطة تقديم ثلاث حجج هي الإصابة والضرر والعاقة السببية. وتشرح بالتفاصيل مقال حول جوانب هذه المسؤولية، موضحة أن في سوق التأمينات بالجزائر توجد عدة أصناف لعقود المسؤولية من بينها ما هي ملزمة، مثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يلزمها القانون بالتأمين ضد المخاطر التي يمكن أن تنجم عن نشاطاتها. وتوفر شركات التأمين تشكيلة متنوعة من منتجات التأمين منها المسؤولية العامة والمسؤولية المهنية، كما تلاءم خدمات أخرى بحسب طبيعة نشاطات محددة، مثل نشاطات قطاع البناء. وتشمل التأمينات الأخرى الإلزامية المسؤولية المدنية للمؤسسات التي يمكن أن تنجم عن ممارسة نشاطاتها.
من أبرز أصناف المسؤولية المدنية المعروفة تلك المتعلقة بالمسؤولية المدنية لأصحاب المركبات وتتوسع للسائقين بموجب المادة 4 من الأمر 74/15 المؤرخ في 30 جانفي 1974 المعدل والمتمم المتعلق بإلزامية التامين وتعويض الضحايا. كما يوجد تامين المسؤولية المدنية في المجال الرياضي والمسؤولية المدنية المهنية في «تسليم المنتجات»، بحيث أن كل منتوج موجه للاستهلاك أو الاستعمال يجب أن يكون مطابقا لمعايير الأمن والسلامة والنظافة المطلوبة قبل وضعه في السوق. تقدم المجلة الفصلية للثلاثي الأخير من السنة الماضية جدولا مفصلا لتأمينات المسؤولية المدنية في السيارات والنقل والبناء والمسؤولية العامة. بينما كما يشير إليه الملف في موضوع عن تأمينات المسؤولية المدنية في العالم إلى أن الجزائر تتعامل بنفس التصور القانوني، بينما يوضح من جانب آخر ان رؤساء المؤسسات والمهنيين والتجار ليس لهم فكرة حول الأخطار التي تحيط بهم ولا حتى بالامتيازات التي يمكن أن يحصلوا عليها بالاكتتاب في هذا النوع من التأمينات، الذي يمكن تنشيطه من خلال المراقبة لتسويق منتوج المسؤولية المدنية. في مجال البناء، فإن كثير من المتدخلين لا يحترمون هذا الشرط في ظل نقص المعلومات وضعف التحسيس بأهمية التأمين على المسؤولية المدنية. وتعتقد بوراس ليندة من شركة «لاكار» أن صاحب المشروع هو أول من يجب تحسيسه بحيث من فائدته أن يكون مشروعه مؤمنا، وتدعو المتعاملين في البناء والأشغال العمومية إلى الوعي أكثر بهذا الأمر. وكذا الحال بالنسبة للتأمين على المسؤولية المدنية في الطب والصحة، بحيث من المفيد أن يتم تقدير الأخطار لفائدة المرضى ومستعملي الصحة، علما أن القانون الجديد رقم 18-11 المتعلق بالصحة الصادر بالجريدة الرسمية رقم 46 بتاريخ 29 جويلية 2018 يلزم كافة مؤسسات الصحة العامة والخاصة وكل المهنيين في قطاع الصحة الذين يشتغلون بصفة خاصة في اكتتاب تأمين يغطي مسؤوليتهم المدنية والمهنية تجاه مرضاهم وذوي حقوقهم.
يؤكد سوفي حكيم، رئيس مدير عام الشركة الدولية للتامين وإعادة التأمين (سيار) في حوار لمجلة التأمينات أن «كل إجراء يرمي إلى حماية المرضى الجزائريين لا يمكن سوى الترحيب به» طبقا للإطار القانوني الساري المفعول ،المشار إليه أعلاه، موضحا أن القانون لا يغير الأمور ما عدا بالنسبة للاختبارات الطبية التي تفتح أفقا، كما انه علاوة على القانون فإن المطلوب وضع مخططات للمراقبة للسهر على احترام الإلزام القانوني من طرف مهنيي الصحة وبالتالي حماية بطريقة منتظمة للمركز القانوني للمرضى. وأضاف أن «مؤسسته جاهزة للعمل بعقود التامين على المسؤولية المدنية في هذا المجال بمجرد الحصول على الرخص الضرورية». في موضوع آخر يتعلق بالتامين ضد آثار الكوارث الطبيعية أوردت المجلة أن الحصيلة محتشمة في انتظار انتعاش هذا المنتوج (كات- نات)، الذي اعتمد قبل خمسة عشر سنة كتامين قانوني ملزم بموجب الأمر 03-12 المؤرخ في 26 أوت 2003، وتسجل المجلة أن هذا الفرع لا يسجل إقبالا كما كان منتظرا من طرف الساكنة. وحسب تقرير للشركة المركزية لإعادة التأمين CCR، فإن 10 بالمائة فقط من الأملاك العقارية مؤمنة ضد الكوارث الطبيعية وهي نفس النسبة بين 2009 و2012 بالوصول إلى 2 ٪ فقط مما يظهر ضعف نسبة حصة هذا الفرع في سوق التأمينات. وبحسب رئيس مدير عام هذه الشركة يوسف بن ميسية، فإن هناك مؤشر لتحسن المعدل بحيث آن السوق في هذا الفرع بلغ نهاية 2017 تامين نسبة 11,4 ٪ من الأملاك العقارية من حظيرة بأكثر من 7 ملايين وحدة و8 ٪ من الأملاك التجارية وغيرها ويضيف أن رقم اعمال هذا الفرع لسنة 2017 بلغ 2,9 مليار دينار بزيادة نسبتها 2 ٪. ويشير بن ميسية إلى أن عقود تأمين «كات-نات» تمثل 2,4 ٪ من إجمالي رقم أعمال التأمينات على الضرر أي أكثر بقليل عن حصة التأمين الفلاحي.
للإشارة تقدم المجلة مادة جديرة بالمتابعة لأهميتها في سوق التأمينات، حيث تعطي للقارئ فرصة التعرف بدقة عن مختلف الجوانب القانونية والتشريعية والتقنية التي تمنحه إمكانية إيجاد أجوبة لانشغالاته، كما تعزز نشر ثقافة التأمينات، غير انه للأسف تصدر بشكل مباشر باللغة الفرنسية فقط، ولا تخصص المجلة أي مساحة ولو متواضعة للغة العربية التي يمكن أن توسع من مساحة مقروئية مجلة «لاسيرانس».
سعيد بن عياد