تجمع بين الأصـالـة والمعــاصـرة

المدينة الجديدة لحاسي مسعود قطب عمراني واقتصادي بالجنوب

مبعوث «الشعب» إلى ورڤلة: حمزة محصول

انطلقت أخيرا، أشغال انجاز المدينة الجديدة لحاسي مسعود التي ستكون قطبا معماريا حضاريا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويعطي دفعا قويا للتنمية الاقتصادية والطاقوية في الجنوب الشرقي للبلاد وليس ولاية ورڤلة فقط، وبتصميم نموذجي يراعي كل متطلبات المدينة الحديثة الصديقة للبيئة والمهيئة لكافة الظروف المعيشية اللائقة  لحوالي ٨٠ ألف ساكن سيتم ترحيلهم من المدينة الحالية.

كانت المدينة الجديدة لحاسي مسعود إلى وقت قريب، مجرد مشروع حلم جميل، في أذهان مواطني الولاية، وصعب عليهم تصديق بناء هياكل عمرانية نموذجية على ارض صحراوية، إلى أن قام أول أمس، وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي رفقة وزير البيئة والتهيئة العمرانية والمدينة عمارة بن يونس، بوضع حجر أساس بناء المدينة في تلك المساحة الصحراوية القاحلة التي تحيط بها شجيرات النخيل الصغيرة والممتدة على مسافة ٢٠٤٤ هكتار.
تبعد المدينة الجديدة لحاسي مسعود عن ورڤلة وتوڤرت والمدينة الحالية لحاسي مسعود على مسافة ٨٠ كلم وتقع في ضواحي المنطقة المسماة واد المرعى، ولن تكون الواحة العمرانية التي ستتكفل بانشائها المجمعات الوطنية الثلاثة، كوسيدار، كهريف وجي سي بي، مجرد فضاء سكني يحول إليه السكان المتواجدون قرب المنشآت النفطية، وإنما مدينة دفع لعجلة التنمية المستدامة والنسيج الاقتصادي للمنطقة وستضمن توفير أزيد من ٤٠ ألف منصب شغل.
وإلى جانب اعتماد الطاقات المتجددة والطاقة الشمسية على وجه الخصوص لتوليد الكهرباء وإنتاج الماء والتبريد وتطبيق إجراءات التحكم في الطاقة بالنسبة لقطاع الفلاحة باستعمال مضخات السقي تعمل بالطاقة الشمسية، ستشيد المدينة وفق الطابع التقليدي لعمران المناطق الصحراوية حيث عمل المكتب الكوري الجنوبي والجزائري، الذي اعد الدراسات على مراعاة الجوانب المناخية والسوسيو ـ ثقافية للمحيط الصحراوي المحلي. وسط المدينة الذي يزينه المسجد الكبير والساحة العمومية الكبرى، بأربعة أحياء كبرى، تبعد عنها منطقة النشاطات اللوجستية بـ٣ كلم، تخصص للمستثمرين ورجال الأعمال من خارج وداخل الوطن للقيام بنشاطات اقتصادية مربحة للولاية، وأكد مدير المدينة الجديدة لحاسي مسعود أنها ستحتوي على كافة المنشآت والمرافق الضرورية اللازمة لعصرنة أسلوب حياة سكان حاسي مسعود مايسمح باستقطاب السياح وسكان الشمال.
وستضم الواحة العمرانية كما يطلق عليها، ١٨ ألف و٤٠٠ مسكن لاستقبال ٨٠ ألف ساكن، وستحتوي على سكنات جماعية ونصف جماعية وفردية خصصت لها مساحة ٣٩٨ هكتار، على أن تمتد أشجار النخيل والمساحات الخضراء على فضاء أوسع لتعزيز وجهها الحضاري.
وستستفيد المدينة من ٥٥ مؤسسة تربوية و٧٢ منشأة للرياضة والترفيه، مستشفى بـ ١٤٠ سرير ومصحات متعددة الخدمات ومساجد، إلى جانب منشآت اجتماعية وثقافية وسياحية معتبرة والمؤسسات الإدارية والاقتصادية.
كل من يتمعن في المجسمات الخاصة بالهياكل العمرانية التي ستبنى على أرض قفار ليست صالحة حتى للزراعة، لا يمكن إلا أن يتفاءل بمستقبل سكان الولايات الجنوبية، فبناء أول مدينة جزائرية نموذجية بيئية في قلب الصحراء يعد فارقة منطق الواقع المعيشي الذي فرض نفسه خلال سنوات طويلة من الزمن، وستغير دون شك، بعد الاستكمال والتدشين من اتجاه حركية السكان حيث ستصبح وجة مفضلة ومفخرة للبلاد.
ولعل اسعد الناس بالمدينة الجديدة لحاسي مسعود، هم شباب ولاية ورڤلة حيث ستفتح أمامهم آفاق مستقبلية اثناء الانجاز وبعده، حيث ستقوم سواعد الآلاف منهم ببنائها وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة تكون مصدر دخل لهم وتنمية للولاية ودفعا للاقتصاد الوطني.
لم يعد بناء مدن نموذجية بالصحراء مستحيلا، وإقبال الدولة الجزائرية على مشروع كهذا يكشف نظرة بعيدة لتنمية شاملة ومخطط وطني لتغيير الوجه الحضاري للبلاد ومواكبة حركية المجتمع الجزائري المتسارعة الطامحة دوما إلى ظروف حياتية أفضل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024