كشف، أمس، مراد مدلسي، وزير الشؤون الخارجية، في ندوة صحفية مشتركة بمقر الخارجية، مع نظيره الأثيوبي، بادروس أدهانوم غبريوس، عن توقيع تصريح خاص بالشراكة الاستراتيجية بين الجزائر وأثيوبيا يرمي إلى دعم وتعزيز علاقات التعاون الثنائي على المديين المتوسط والطويل.. في قطاعات حيوية كالإقتصاد والصحة والثقافة.. مع تسجيل وثبة حاسمة في مجال الاستثمارات.
ويشدد هذا التصريح على ضرورة السهر على تطبيق المبادئ الواردة فيه.. وتفعيل الآليات لتشتغل بانتظام.. منها اللجنة المشتركة الجزائرية ـ الأثيوبية التي ستنعقد قبل نهاية السنة، وتنصيب مجلس لرجال الأعمال للبلدين الذي سيكون عمليا خلال هذه السنة.
وفي هذا السياق سيتم مساعدة المؤسسات الاقتصادية للبلدين على إقامة علاقات شراكة.. ذات البعد الاستراتيجي.. بالإضافة إلى إبرام اتفاقيات تتعلق بالضرائب والاستثمار والعقار.. كل هذا المسعى يتطلب وضع إطار قانوني مناسب لديمومة هذا العمل خلال السنوات القادمة.. وعلى غرار هذا الجانب قال مدلسي أنه تم تناول العديد من قضايا الساعة كمحاربة الإرهاب، وما تمخض عن إجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي بالجزائر، والوضع في كل من مالي والصومال، والشرق الأوسط.. والبيان المشترك تطرق إلى كل هذه الجوانب.
وقال مدلسي أن وجود محمد كامل عمرو، وزير خارجية مصر بالجزائر، كان من أجل حضور التوقيع على محضر لجنة المتابعة الجزائرية ـ المصرية، في حين لبّى وزير خارجية أثيوبيا دعوة الجزائر لحضور اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي.. موضحا في هذا الشأن أن البيان المشترك، أشار إلى القضية القائمة بين مصر وأثيوبيا حول مياه النيل.. مؤكدا أن الجزائر لم تفوض لا من طرف مصر ولا من قبل إثيوبيا قصد القيام بوساطة بين البلدين.
واعتبر مدلسي أن الإجتماع الخاص بالقضاء على المجاعة في إفريقيا.. يعد مهما جدا، إنطلاقا من أن القارة في حاجة ماسة إلى الأموال والأجهزة، والخبرة، ومبادرة التجديد الإفريقي (نيباد) خصصت جزءا في برنامجها لمحاربة الفقر والمجاعة كونها قضية مصيرية هناك، ما عمل على معالجتها.. وهناك من ينتظر .. إلا أن الآليات موجودة على ٣ مستويات، الأول العمل الثنائي، والثاني المنظمات الجهوية، والثالث القاري.
علاقات تاريخية
أما وزير خارجية إثيوبيا، فقد اعتبر أن العلاقات الجزائرية ـ الأثيوبية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وهي ليست وليدة اليوم.. لذلك فإنه ليس جديدا ما نقوم به أو ما سنقوم به.. رغبة منا في الإرتقاء به إلى مستويات أعلى منوّها بحفاوة الإستقبال التي حظي بها في الجزائر، التي اعتبرها بلده.
ووصف إجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي المنعقد بالجزائر بالناجح، نظرا لما خرج به من نتائج، وهذا بفضل القيادة الحكيمة للجزائريين، معتبرا تصريح الجزائر بمثابة تدعيم للتعاون الثنائي في شتى المجالات منها السياسية والإقتصادية والإجتماعية.. كل هذا يندرج في إطار الشراكة الاستراتيجية التي ستكون مبنية على علاقات تعاون قوية منها التجارية والإستثمارات، في الجزائر، لأن هناك مصالح مهمة بين البلدين، خاصة مع إنشاء مجلس رجال الأعمال.. ووضع إطار قانوني.. هي آليات ملموسة وعملية، بالإضافة إلى تبادل الرحلات الجوية.. وضمن هذا التوجه المبني على الثقة المتبادلة منحت الجزائر قطعتين أرضيتين لأثيوبيا قصد بناء سفارة جديدة.
وبخصوص مسألة الوساطة بين مصر وأثيوبيا، قال الوزير أن المصريين اخوتنا وتجمعنا بهم علاقات قوية، ولقد أرسينا حوارا دائما معهم، وفق قاعدة رابح ـ رابح.. قائلا في هذا السياق، «إما أن نسبح معا أو نغرق معا»، مفضلا السباحة معا.. وقد وجه وزير خارجية مصر، دعوة إلى نظيره الأثيوبي لزيارة القاهرة قريبا.
وحسب وزير خارجية أثيوبيا، فإن بناء سد «النهضة»، يحمل إيجابيات منها الاستفادة من الكهرباء والطاقة، وتفادي تبخر المياه، نظرا لعلوه، ومراقبة نسبة كميات الطمي.. والتحكم في الفيضانات.. وتستفيد كل من مصر والسودان من الكهرباء.. كما سيبنى السد وفق قاعدة «المفتاح في اليد»، قد يعدّل في كل مرة.
ويرى الوزير، أن الفقر والمجاعة عدوّ رقم واحد للإنسان، والاستراتيجية المتبناة لمكافحته، التركيز على الفلاحة.. وتحسيس الشركاء في الخارج، وتحسين التكنولوجيا والتكوين، لأن ٨٥٪ من أراضي أثيوبيا فلاحية. وعملنا على ملف المياه واستغلاله جوفيا.. والمؤسسات الصغيرة لتقليص البطالة ولـ(النيباد) حلول كثيرة في هذا الشأن.