أكد وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي، أمس، أن تحديات هامة ترتبط بالسلم والأمن لازالت تفرض نفسها على إفريقيا، تستدعي إدماج المصالحة الوطنية كعنصر أساسي في مسارات التسوية. وقال أن تجربة الجزائر وإن كانت أليمة، تبقى مفيدة لكافة الدول الإفريقية.
أفاد مراد مدلسي، في افتتاح اجتماع مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، أمس، بقصر الأمم بالجزائر، حول موضوع «المصالحة الوطنية، عامل حاسم للأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في إفريقيا»، أن تدعيم الأمن ما بعد النزاعات والوقاية من الأزمات المتكررة وحل النزاعات المتفاقمة، لازالت تفرض نفسها كتحديات هامة على الأفارقة، رغم التقدم الملحوظ في مجال تكفل القارة الإفريقية بمسائل السلم والأمن.
واعتبر وزير الخارجية رفع هذه التحديات يتطلب الاستفادة من تجارب البلدان الإفريقية التي أدمجت المصالحة الوطنية ضمن العناصر الأساسية لمسارات التسوية وتوجت بحلول دائمة، هيئت الظروف لإعادة بعث اقتصادياتها.
واستعرض مراد مدلسي، تجربة الجزائر حول المصالحة الوطنية، بعد العشرية السوداء، وقال أن الجزائر واجهت ظاهرة إرهابية غريبة عن قيم الأمة، استهدفت الدولة والشعب، واستطاعت إفشال مخططاتها العابرة للأوطان بمكافحة مشروعة رافقها في المرحلة الأولى إصدار قانون الرحمة بتاريخ ٢٥ فيفري ١٩٩٥ المتضمن لإجراءات عفو بغرض إعادة إدماج الأشخاص المغرر بهم بعد التوبة في المجتمع.
وأضاف أن هذا المسعى سمح بتوجيه ضربات موجعة للإرهاب، وأدى إلى إصدار قانون الوئام المدني عبر الاستفتاء الشعبي في سبتمبر ١٩٩٩، الذي كان مرحلة حاسمة لإعادة السلم وتوبة آلاف الإرهابيين وتفكيك وانهيار وإضعاف الآخرين.
وقال مدلسي، أن الوئام المدني، أدى إلى استعادة الأمن والاستقرار ولم شمل أبناء الجزائر وإعادة تأهيل القيم الجزائرية العريقة كالتسامح والتضامن، وأفضى إلى الارتقاء بالمصالحة الوطنية «كتطلع عميق للشعب الجزائري ومطلب ملح في عملية التجديد الوطنية التي أقرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة» .
مؤكدا في ذات الوقت، أنها كرست كخيار سيادي للأغلبية الساحقة للشعب الجزائري الذي تبنى ميثاق السلم والمصالحة الوطنية من خلال استفتاء الـ٢٩ سبتمبر ٢٠٠٥، وأبرز ضميره الحي واستفادته من الإطار الكامن وراء استعمال الدين لأهداف إجرامية أو سياسوية.
وأشار مراد مدلسي إلى الدور المحوري الذي قام به رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، باتخاذه كافة الإجراءات الهادفة لتجسيد السلم والمصالحة الوطنية وفقا للمهمة المخولة له من قبل الميثاق وأهدافه.
وجدد وزير الخارجية، أمام الحضور، التأكيد على أن الانسجام والوحدة والتضامن الذين استعادهم الشعب الجزائري، هم شاهد على سلامة ورجاحة مسعى المصالحة الوطنية الذي قاده الرئيس بوتفليقة بكل نجاح.
ودعا كافة الدول الصديقة والشقيقة إلى الاستفادة من التجربة الجزائرية الأليمة، لمواجهة التحديات الأليمة التي تواجه القارة الإفريقية، واللجوء إلى المصالحة كسبيل أكثر ملائمة لطي صفحة الفتن.