ظاهرة جنوح الأحداث أصبحت تثير الإهتمام ، وفي هذا السياق قدمت الطالبة أحلام بوقريدة في الأسبوع الماضي مذكرة حول الحماية القانونية لجنوح الأحداث في التشريع الجزائري تحت إشراف الأستاذ السعدي ساكر بكلية الحقوق والعلوم السياسية ''قسم الحقوق'' بجامعة العربي بن مهيدي.
تطرقت فيها إلى العديد من النقاط منها الإجراءات القانونية لمتابعة الحدث في جميع مراحل الدعوى العمومية، والإجراءات الخاصة أثناء مراحل التحقيق، وتلك الخاصة بمراحل المحاكمة، إلى جانب الإجراءات القانونية والعقوبات المتخذة في شأن الحدث والتدابير والعقوبات المقررة للأحداث الجانحين، المراكز الخاصة بالجانحين منهم وأخيرا دور قاضي الأحداث في متابعة تنفيذ الحكم.
وأبرزت من خلال المذكرة اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة التي تعتبر أداة مفيدة لتطوير أجهزة قضاء الأحداث المنحرفين، وهذا من أجل المعاملة الجزائية للجانحين منهم يكمن في إصلاحهم وتقويمهم لذلك فإن القواعد التي تحكم مسؤولية الأحداث الجانحين تعتبر خاصة ومختلفة عن تلك التي تحكم المسؤولية الجــــــزائية للبالغين ولا يتم ذلك إلا بإلغاء منطق العقاب من تشريع الأحداث الجانحين.
فالحدث الجانح مصنوع لا مولود وهو ضحية أكثر منه مجرم وأصبح من الثابث علميا أن وسائل العنف والتعذيب غير مجدية كطريقة لمعالجة انحراف الأحداث، بل هي تزيد من حدتها ولتجنب ذلك يجب أن تحظى هذه الفئة بتشريع خاص بها على أن يحيطها المشروع بمعاملة خاصة على ضوء سياسة اجتماعية تهدف إلى توفير الرعاية والحماية للجيل الناشئ عن طريق تقرير تدابير إصلاحية تلائم كل حدث على حدّة، فرد الفعل الجزائي يجب أن يرتكز على حالة الحدث وشخصيته بصرف النظر عن جسامة أو تفاهة الجريمة، كما يستهدف إصلاحه وليس عقابه.
وتقوم فلسفة محكمة الأحداث على تطبيق كامل لمبادئ الدفاع الاجتماعي، كما تقوم على أساس الإصلاح وليس فرض العقوبة وأن الإجراء التقويمي يتعين اختياره بعد دراسة شاملة كحالة الحدث سواء، فيما يتعلق بالظروف الاجتماعية التي تحيط به والعوامل النفسية التي بداخله.
كما نجد التشريع الجزائري قد خص طائفة الأحداث بجملة من القواعد والإجراءات الواجب إتباعها أثناء التعامل مع الحدث الجانح ويمكن وصف هذه القواعد المتميزة والخاصة والهادفة إلى حماية وتربية الحدث بما يتماشى وخصوصية سنه لإبعاده قدر الإمكان عن سلوك طريق الأجرام وعلاجه وتربيته إذا وقع فيه، طارحة إشكالية: ما هي الضوابط والقيود القانونية التي تحكم إجراءات متابعة الأحداث في التشريع الجزائري وهل شكلت فعلا أحد الضمانات الفعالة الناجحة في كبح ظاهرة جنوح هذه الفئة الهشة.
لقد عرف العالم في الآونة الأخيرة موجة من الانحرافات والإجرام ساهمت فيها بقدر كبير التغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجيا، مما أدى إلى ظهور أشكال مختلفة من الإجرام وارتفعت نسبته في كثير المجتمعات.
وتبين من خلال هذه الدراسة، أن المشرع الجزائري خصّ هذه الفئة أحكاما وإجراءات خاصة يغلب عليها الطابع التربوي والتهذيبي أكثر منه عقابي وردعي، هادفا من وراء ذلك حمايته وإصلاحه، ويكون المشروع الجزائري قد أخذ بالأساليب الحديثة لمعاملة الحدث مراعيا من وراء ذلك المصلحة الفضلى للطفل.
وتعتبر محكمة الأحداث في الحقيقة هيئة اجتماعية تضم الباحث الاجتماعي والنفسي إلى جانب رجل القانون بهدف بحث حالته وكشف انحرافه وتحديد العلاج الملائم وتوفير الرعاية الصالحة والتوجيه الصحيح، ومن ناحية أخرى هي محكمة مسؤولة عن تطبيق القانون.