خــلال الخمـــس سنـوات الأخـيرة

30مليــون طفــل فـــي دول الساحـل غـير متمدرسـين

فتيحة / ك

يعاني الطفل الإفريقي الكثير من المشاكل التي جعلت تفاصيل حياته تختلف عن تلك التي تعيشها الطفولة في باقي أنحاء العالم، لأنه محروم من كل شيء حتى من أبسط الحقوق والتمدرس. فحسب وثيقة تحصلت عليها ''الشعب'' من هيئة اليونيسكو، أكدت ''بولين روز'' مديرة التقرير العالمي لمتابعة ''التعليم للجميع'' أن افريقيا تمثل نسبة ٣٢ بالمائة من المجموع العالمي للأطفال غير المتمدرسين.

وقالت ''بولين روز'' أن الوضعية مقلقة وحرجة عند معرفة أن عدد الأطفال غير المتمدرسين  في دول الساحل الإفريقي بقي نفسه منذ الخمس سنوات الأخيرة رغم كل الجهود المبذولة من أجل تقليصه، كما أشارت مديرة التقرير العالمي لمتابعة ''التعليم للجميع''، إلى أن تراجع المساعدات والمتبرعين في هذه الدول ساهم أيضا في تعقيد وضعية الطفل الإفريقي، واعتبرت المعطيات الأخيرة للتقارير العالمية ناقوس خطر إلى كل الحكومات الإفريقية وتلك المعنية بالإعطاء المساعدات والتبرعات للدول الفقيرة من أجل مضاعفة الجهود وتكثيفها لمواجهة ظاهرة الأطفال غير المتمدرسين، خاصة الفتيات اللائي يحرمن من التعليم فقط لأنهن إناث.
وفي تقرير لمنظمة اليونسكو، فإن الأطفال غير المتمدرسين في إفريقيا يمثلون أكثر من نصف النسبة الموجودة في العالم كما يمثلون أضعف نسبة للأطفال المتمدرسين أيضا،  فـ٢٢ بالمائة من أطفال الساحل الإفريقي لم تطأ أقدامهم المدرسة قط لأنهم طردوا منها قبل حتى أن يلتحقوا بها.
خلال الخمس سنوات الأخيرة أحصت منظمة اليونسكو ارتفع عدد الأطفال غير المتمدرسين في دول الساحل إلى ٣٠مليون، أما الدول التي يمثل تعداد هذه الفئة أكثر من مليون طفل غير متمدرس فهي: بوركينا فاسو، كوت ديفوار، اثيوبيا، كينيا ونيجيريا، وأرجع معهد الإحصاء لليونسكو السبب إلى ارتفاع عدد الأطفال في السن القانوني للتمدرس بأكثر من ٣٢ مليون طفل في ٢٠١١ مقارنة بـسنة ٢٠٠٠.   
كما تعد افريقا اكثر من ٢٢ مليون مراهق غير متمدرس، ما يعكس وجود هوة كبيرة بين طبقة الاغنياء والفقراء في هذه الدول وبين المناطق الحضرية والريفية، فعلى سبيل المثال في أثيوبيا ذهب الأطفال إلى المدارس في أديس أبابا في ٢٠١١، بينما ٤٣ بالمائة من المناطق  الرعوية ''افار'' لم يلتحقوا أبدا بالمؤسسات التعليمية، وفي هذه المنطقة بالذات تمثل نسبة الفتيات غير المتمدرسات أكثر من ٦٣ بالمائة، وهنّ غالبا ما ينتمين إلى مناطق وعائلات فقيرة، هذه الإحصاءات جعلت إثيوبيا تحتل ذيل الترتيب في مجال تحسين الوضع التعليمي للأطفال.
  في نيجريا وصل عددهم إلى ١٠,٥مليون طفل غير متمدرس في ٢٠١٠ وهو أكبر نسبة في العالم ما يمثل ١٨ بالمائة أي أن واحد على خمسة من الأطفال غير المتمدرسين في العالم.
حروب، صراعات وفقر وراء ارتفاع النسبة
الحروب والصراعات الداخلية والفقر هي أهم العوامل التي ساهمت في ترك أو عدم التحاق الطفل الإفريقي مقاعد الدراسة فحسب اخر التقاريرلـ ٢٠١٣، فإن أكثر من ٢٥٠٠ طفل ذكور وإناث تمّ  تجنيدهم لصالح جماعات مسلحة في جمهورية إفريقيا الوسطى، هي خروقا صارخة للمواثيق العالمية والأممية التي توصي بترك الطفل خارج أي صراع وعدم استغلاله فيها، ولكن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وحالة أللاستقرار جعل الطفل الإفريقي أحد الأسلحة التي تضرب بقوة في إفريقيا، أمر انعكس سلبا على هذه الفئة الهشة التي أصبحت معنية بكل شيء إلا حقوقها التي ضاعت بين تكالب الكبار من أجل مصالحهم.
الفقر الذي تعرفه القارة ساهم أيضا في إفتكاكها اكبر نسبة للأطفال غير المتمدرسين في العالم، فالهم الأكبر في القارة السمراء هو توفير لقمة العيش من اجل البقاء، أمر تعكسه الأرقام المرتفعة في هذه الجهة من العالم لعمالة الأطفال والمجاعة التي تظهر هنا وهناك، إلى جانب الاستغلال البشع لهذه الفئة الهشة من المجتمع الإفريقي، وكان الظروف تلونت بلون بشرتهم فصارت سوداء قاتمة مصيرها ومستقبلها مجهول.
تقليص المساعدات يزيد الوضع سوءا
وحتى الدول المتقدمة المعنية بإعطاء المساعدات وتوجيهها إلى هذه الدول الفقيرة من أجل تقليص نسبة الأطفال غير المتمدرسين، قللت من هباتها، فآخر التحليلات للتقرير العالمي ''التعليم للجميع'' أن المساعدات قد انخفضت بنسبة ٦ بالمائة بين ٢٠١٠ و٢٠١١ فستة من عشرة دول مساعدة لـ''التعليم للجميع''، قلصت مصاريفها الموجهة لها.
أيضا في كثير من الأحيان لا توجه المساعدات حسب الأولوية فـ ١,٩مليار دولار فقط تم إعطاؤها لأكثر الدول فقرا في العالم  وهو مبلغ بعيد عن المبلغ الحقيقي الذي يجب التبرع به وهو ٢٦ مليار دولار أمريكي، ما جعل المساعدات تنخفض في ٢٠١١ إلى ٩ بالمائة.
وذكر التقرير أيضا أن انه على هذه الدول توجيه المساعدات للدول الأكثر حاجة لها بصفة خاصة دول الساحل الإفريقي فرغم أنها تمثل أكثر من نصف نسبة الأطفال غير المتمدرسين في العالم، إلا أنها استفادت من مساعدات في ٢٠١١ أقل بـ ٧بالمائة مقارنة بسنة ٢٠١٠، كما ارجع التقرير هذا الانخفاض في المساعدات الموجهة  لـ ''لتعليم للجميع'' إلى القرار الذي اتخذته الدول الكبرى ككندا، الدول المنخفضة والبنك العالمي في تقليص الهبات الموجهة لدول الساحل  إلى أكثر من الثلث.
وفي هذا الصدد تقول ''ايرينا بوكوفا'' المديرة العامة لليونيسكو أنه لا يجب على العالم ان يتردد في مساعدة الأطفال على الذهاب إلى المدرسة، وعلى الجميع أن تتظافر جهودهم من اجل القضاء على كل الأسباب التي تقف وراء الظاهرة من جذورها، والتأكد أيضا أنهم يتعلمون في جو مثالي ووجهت كلامها للدول المساعدة قائلة أنه ليس الوقت المناسب لذلك بل الساعة اليوم تدق من اجل وضع نهاية لمشكلة التعليم في العالم، فعليهم إذا تجديد التزامهم حتى لا يترك أي طفل بلا مساعدة، كما كان الحال في بداية القرن   .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024