الجبهة الداخلية صمام أمان

للأئمة دور في إطفاء نار الفتنة وتهدئة غليان الشارع

جلال بوطي

حذر رئيس النقابية الوطنية للأئمة الشيخ جلول حجيمي، من مغبة التهاون في التصدي لمشروع تقسيم يواجه العالم العربي بأكمله والجزائر حلقة منه. داعيا إلى ضرورة التفطن لمحاولات ضرب قيم سلم وأمن الجزائر، جراء استغلال تراجع ثقافة السلم في المجتمع، مطالبا برفع مستوى العدل الاجتماعي، لاسيما لدى فئة الشباب لمواجهة التحديات الراهنة.
لم تكن النبرة التي تحدث بها الشيخ حجيمي، الأمين العام لنقابة الأئمة، في منتدى «الشعب»، تحمل دلالات شرح أو تفسير للوضع الحالي، بل كانت تحمل كلاما حذر من مغبة التواني عن مواجهة مخطط يستهدف الأمة الجزائرية، من خلال ضرب أمنها واستقرارها عن طريق أبواب عدة يتصدرها ملف حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الإسلام وضع خطوطا عريضة لتحقيق السلم دون مبالغات أو مزايدات تتبجح بها أطراف عدة اليوم.
اعتبر الشيخ حجيمي، أن ما يشهده الشارع الجزائري من تحولات على جميع الأصعدة، يفرض تحقيق العدالة الاجتماعية بكل مفهومها الوسطي والذي يعطي الناس حقوقهم ويدعو إلى الفكر المعتدل، من خلال الاهتمام بالاعتدال والوسطية في كل الأمور التي هي صمّام أمان للأمة من كل الأعداء والمتربصين.
الفكر المتطرف وراء العنف
ما يحدث في الوقت الحالي من انتشار للعنف في بعض مناطق العالم العربي، هو نتيجة الفكر المتطرف الذي تروّج له جماعات تكفيرية تدّعي أنها على حق وأن الآخرين على باطل، وهو ما رجع إليه الأمين العام للنقابة الوطنية للائمة، الذي كان ضمن هيئة إصلاح ذات البين بولاية غرداية، مستغربا وقوع اقتتال طائفي بين أناس جمعهم التاريخ قبل المذهب طوال ألف سنة، مستبعدا أن الأزمة كانت مذهبية، بل هي ناتجة عن فكر متطرف تبنّته جهات كانت تروآج لفكرها الهدام والمتطرف، الإسلام منه براء.
وقال الشيخ، إن الكثير من الناس يعيشون أزمة أمن نفسي، نتيجة صداماتهم مع حالات نفسية في حياتهم، إضافة إلى الأمن الفكري الذي يعد أزمة بحد ذاتها تشهدها المجتمعات، ما يستدعي الوقوف أمامها والتصدي لها من خلال تحصين الهوية الوطنية، حتى وإن تطلب الأمر صرف مبالغ ضخمة وليس بالمناداة بها فقط في المحافل والتبجح بها دون تحقيقها من جذورها الأصيلة.
وفي هذا الخصوص، ذكر حجيمي أن الدور المنوط بالأئمة يعد أكبر مهمّة يؤديها في المجتمع، كون الإمام الشخصية الوحيدة التي تجتمع حولها كل الأطراف لإيجاد الحلول وتحقيق السلم، من خلال دعوتهم إلى الوسطية والابتعاد عن العنف. وضرب الشيخ مثالا في ذات السياق، بأزمة الزيت والسكر التي عرفتها البلاد وشهدت حينها عنفا ممنهجا، كان للأئمة دور كبير في إطفاء الفتنة وإسكات الشارع بالطرق السلمية.
تراجع ثقافة السلم يرهن الاستقرار
رافع رئيس النقابة الوطنية للأئمة الشيخ حجيمي، لأسس السلم والأمن القائمة في البلاد المتجلية في تآخي الناس ببعضهم، لكن حذر من أزمة تواجه الهوية في نفس الوقت، من خلال انتشار فكر هدام يمس الرموز الوطنية، محذرا من أن تراجع ثقافة السلم في مجتمعنا اليوم والانتشار غير المسبوق لمظاهر العنف في الوسط الاجتماعي، قد يستغل بطرق غير مباشرة من شأنها الإسهام في بروز أزمات طويلة الأمد بسبب التقاعس.
تمثل ثروة الشباب الرهان الأول للحفاظ على الاستقرار والسلم الوطنيين اللذين يجسدان مفهوم المجتمع المدني المتحضر والمتماسك، بعيدا عن خطر الآفات الاجتماعية التي أخذت في ظهورها إلى العيان، مع تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات والكحوليات، وهو ما أوضحه الشيخ حجيمي، داعيا إلى استدراك الواقع لاستبعاد تأثير الفكر المتطرف على الشباب، لأن دعاة التطرف يصطادون في المياه العكرة والشباب إن لم يُستغل في الخير قد يُستغل في غيره.
المساس بالعربية يهدد السلم الوطني
طرح الشيخ حجيمي إشكالية تجدّد الخطاب الذاتي في الوقت الحالي، الذي برز مع النقاش الدائر حاليا حول اعتماد اللهجة العامية في المناهج الدراسية، الذي يشكل خطرا على المدرسة الجزائرية بصفة خاصة والهوية الوطنية بصفة عامة، مستغربا من توظيف الإيديولوجية في المسألة وتحريك جهات معينة أزمة هوية، وهو الأمر الذي تجاوزته الجزائر منذ سنوات وعقود طويلة، ولا يمكن لأحد التشكيك فيه وهو الإسلام والعروبة والأمازيغية، قائلا إن الدين لا يفرق بين الناس إلا بالتقوى.
قال الشيخ، إن اعتماد اللهجة العامية في المدرسة الجزائرية يعد مساسا بالسلم الوطني وتهديدا لكيان الأمة برمتها، كونها تستهدف مستقبل البلاد في أطفالها، وتعجب المتحدث قائلا، كيف لنا أن نمس اللغة العربية التي تمثل هوية الشعب الجزائري؟ محذرا من ذلك، حيث أنه يمثل مخططا خارجيا للقضاء على التراث الجزائري. وقدم بالمناسبة مثالا عن العراق وسوريا اللتين تم القضاء على هويتيهما عن طريق الحرب، مؤكدا أن دول العالم تسعى إلى فرض لغاتها الوطنية، مع دعوته إلى تبنّي اللغات الأجنبية كوسائل لتبادل العلم والمعرفة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19530

العدد 19530

الإثنين 29 جويلية 2024
العدد 19529

العدد 19529

الأحد 28 جويلية 2024
العدد 19528

العدد 19528

السبت 27 جويلية 2024
العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024