ترشيد النفقات يعني إيجاد قواعد جديدة للتعاطي مع المال العام

تكريس استعمال عقلاني للموارد المالية وتفادي التبذير

سعيد بن عياد

 

اعتبر الدكتور شبايكي سعدان ترشيد النفقات العمومية يكون عن طريق اعتماد آلية التخطيط واستعمل النفقات المالية فيما يجب أن يكون موضحا أننا لازلنا خارج إطار اقتصاد السوق السليم إنما نحن في مرحلة تحول من اقتصاد إداري إلى اقتصاد السوق، ومن ثمة لا مجال للتخوف من مصطلحات مثل التخطيط وتدخل الدولة.
فالمطلوب كما أضاف يتعلق الأمر هنا باللجوء إلى استعمال كافة الوسائل الإحصائية والاستشرافية للتنبؤ بنجاعة استعمال الموارد المالية العمومية. غير أن التقشف يقصد به كما أوضح إعادة النظر في كثير من المبادئ السائدة، ولغويا يعني التقشف عدم الإفراط في صرف المال العام والاكتفاء بالحد الأدنى من الضروريات. لكن أحد مقاييس تسير المال العام هو أن المؤسسة التي تنفق أكثر هي المؤسسة الناجعة (في المحاسبة العمومية إذا صرفت المؤسسة أكثر من نصف الميزانية فهي ذات تسيير متوسط وإنفاقها 100 بالمائة فالتسيير جيد أما إذا لم تصرف فالتسيير سيئ). وهنا المشكلة  فالأجدر أن يجازى المسير الذي يعيد المال العام اذا لم يتمكن من صرفه بنجاعة ولذلك من الضروري إيجاد قواعد جديدة للتعاطي مع المال العام من أجل تكريس استعمال عقلاني للموارد وتفادي التبذير.
عجز الموازنة هو وسيلة لضبط الاقتصاد
وبرأي الدكتور فإن عجز الموازنة هو وسيلة لضبط الاقتصاد فقد لا يكون العجز المعلن حقيقيا في ظل توفر احتياطي بالعملة الصعبة ووجود موارد مختلفة وبالتالي هو يلية من شأنها أن تساعد على التوصل إلى السيطرة على دواليب المنظومة الاقتصادية. فكلما لوحظ تسجيل تضخم يتم اللجوء إلى إحداث ضرائب قصد امتصاص السيولة النقدية مع إنقاص الطلب حتى تعود التوازنات، وكان يستعمل العجز في إعداد الموازنة وسيلة اقتصادية في بلدان ذات راحة مالية تامة، لكن حاليا يتم العكس بحيث الدولة لا تستطيع تسوية العجز فتأخذ من الصندوق الذي تناقص منذ 2013 إلى 30 ٪ وفي هذا مؤشر خطر ينبغي الاهتمام به. فقد صرح محافظ بنك الجزائر مؤخرا أن تم اللجوء إلى استعمال جزء هام من احتياطي العملة الصعبة الذي تراجع إلى 151 مليار دولار.
قانون المالية التكميلي لدرء المخاطر
تعد المالية العامة علما بحد ذاته يمتاز بأنه لا يمكن ضبط الأمور المالية بدقة ولذلك تكون الأرقام والمؤشرات تقريبية لكن تكون قريبة من الدقة علما أن الدراسات لم تكن تراعي التوقعات المستقبلية، والسبب في ذلك أن الحكومة تضع رجلا في الاستقرار وأخرى في مسار الإصلاحات. فالأولى تقود إلى الحفاظ على الاستقرار والسلم الاجتماعي عن طريق ضخ الدعم المالي من خلال التحويلات الاجتماعية والرفع من الأجور والثانية الخاصة بالإصلاحات تتطلب اللجوء إلى إجراءات صعبة. ويوجد تناقض بين الاتجاهين كون الإصلاحات هي بمثابة عملية جراحية لرصد الهفوات ولذلك حان الوقت من أجل مراجعة الجانب الاجتماعي ضمن المنظومة الاقتصادية كونه لا يعقل أن يباع الخبز بنفس السعر المدعم للفقير والغني ومن ثمة ينبغي التركيز في مسألة التحويلات الاجتماعية على أن توجه لمستحقيها فقط ونفس الشيء للأسعار التي حان الوقت لإعادة النظر فيها بما في ذلك أسعار المواد الطاقوية (بترول- غاز- كهرباء- مياه) ومشتقاتها. إن اقتصاد السوق لا يعني أن تباع سلعة بأقل من تكلفتها بدعوى الجانب الاجتماعي وأعرف أن هذا الطرح يثير مشكلة اجتماعية لكن على الأقل نذهب إلى فتح نقاش واسع وشامل حول الموضوع من أجل صياغة حلول تعالج الوضع الراهن.

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19560

العدد 19560

الإثنين 02 سبتمبر 2024
العدد 19559

العدد 19559

الأحد 01 سبتمبر 2024
العدد 19558

العدد 19558

السبت 31 أوث 2024
العدد 19557

العدد 19557

الخميس 29 أوث 2024