لا تسامح مع المتورطين والوحدة الوطنية خط أحمر

حمزة محصول

شيعت غرداية ومعها الجزائر، ضحايا الفتنة التي ألمت بالمنطقة، إلى مثواهم الأخير في جو جنائزي مهيب، اختلطت فيه صيحات الحزن بدعوات الصلح ودفن الأحقاد والدسائس المدمرة، وتزامن ذلك مع دخول قرارات رئيس الجمهورية حيز التنفيذ وعودة الهدوء بالتدريج.
يعتبر الجزائريون ما جرى في مدينة القرارة، من أحداث دموية مؤسفة، «ليس أزمة بولاية غرداية وإنما مأساة للجزائر بغرداية»، لأن الضحايا والجرحى وكل من  خربت منازلهم وممتلكاتهم مواطنون أوقعت بينهم الفتنة ودعاة الشر والمتربصون بأمن المنطقة والوطن.
كان تدبير  تفجير الأوضاع، صبيحة احتفال الجزائر بعيد الاستقلال، وفي العشر الأواخر من شهر رمضان، محاولة واضحة لضرب الوحدة الوطنية وتفريق الصف من جهة، وإذكاء نار الفتنة بإعطائها بعدا طائفيا وإظهار الخصومة بين الإباضية والمالكية، من جهة أخرى.
وخلف كلا الغايتين تقف أطراف الشر، ممن تحدثوا عن الانفصال وعن جرائم إبادة وتهجير وطالبو بالتدخل الأجنبي، ومن نادوا بالتكفير والترحيل.كلهم تحركوا للشروع في تمزيق الوحدة واللحمة والانسجام الذي عمر آلاف السنين، معتقدين أن غرداية هي الورقة الهشة لبداية التفتيت.
أولى التحقيقات كشفت، عن متآمرين من الداخل، بأسلحة أتت من الخارج وبالضبط من خلف الحدود الشرقية للبلاد، وبينت هوية الممولين والمرتزقة الملثمين الذين  يقبضون ليعتدوا على الإباضيين والمالكيين وينسجوا سيناريوهات لتأجيج الفتنة وتفجير أعمال العنف.فضلا عن انكشاف سند خارجي لهؤلاء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
لقد كانت مصيبة الجزائر في غرداية كبيرة،  فأن يقتل 22 شخصا ويجرح العشرات وتحرق عديد المنازل والمحلات والممتلكات في ظرف 48 ساعة، يبين حجم الكارثة وما يراد بها من قطيعة نهائية وجرح غائر بين مكونات الشعب الجزائري الواحد الذي أظهر على مر العصور والعقود، أنه واحد موحد حتى  حين أراد الاستعمار الفرنسي مساومته بالتخلي عن جزأ من أرضه.
سكان غرداية أنفسهم، فوتوا الفرصة على كل من أراد بهم سوءا، فالأعلام الوطنية اعتلت سطوح المنازل والأحياء، ووشحت جثامين الضحايا الـ14 الذي شيعوا إلى مثواهم الأخير أول أمس بالقرارة، في جنازة مهيبة حضرها الآلاف،  ممن رفعوا شعار «بركات من الدم».
وفي الوقت الذي قال فيه سكان المنطقة والجزائر، «كفى للعنف»، أعلنت السلطات العمومية عن «نفاذ الصبر واستبدال الليونة بالقوة الصارمة للقانون ومعاقبة المتسببين»، صرامة الدولة أو ما يراد له أن يكون سيف الحجاج من قبل أبناء المنطقة أنفسهم، نقلها الوزير الأول عبد المالك سلال، للأعيان لدى تنقله إلى الولاية الخميس المنقضي.
حيث أكد لهم «أن الدولة على علم بكل صغيرة وكبيرة، وكل المتسببين ومن يقف وراءهم والجهات الخارجية الداعمة لهم». وأشار « أن من رأى في الليونة وأسلوب الحوار تراخيا أو ضعفا فقد حان الوقت ليحاسب كل من تثبت إدانته».
وشدّد على أن غرداية ولاية كبقية الولايات، ولن تخضع لمعاملة خاصة وإنما لسلطة القانون الصارم.
لقد آن الأوان إذا، أن تستأصل الفتنة من جذورها، ويعم الهدوء كافة أحياء غرداية وتهدأ الأنفس ويعود التعايش مثل سابق عهده، ويحاسب كافة المتورطين.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19529

العدد 19529

الأحد 28 جويلية 2024
العدد 19528

العدد 19528

السبت 27 جويلية 2024
العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024