أساتذة ومشايخ يحذرون من ضرب الاستقرار الوطني

بارونات المخدرات والعقار يؤججون التوتر في غرداية

حمزة محصول

أجمع أساتذة ومشايخ، على ضرورة فتح حوار هادئ وشامل لمعالجة الأسباب العميقة للأزمة في غرداية، ونادوا بتفويت الفرصة على المتربصين بالأمن والوحدة الوطنية والحفاظ على الأُلفة والتعايش بين الإباضية والمالكية في وادي ميزاب.
قال المتدخلون في ندوة يومية “الحوار” حول الأوضاع في غرداية، إن أحداث العنف الأخيرة بمدنية القرارة وحدها التي أودت بحياة 19 مواطنا وإصابة العشرات، لا تمت بصلة لتقاليد الجزائر وتعاليم الإسلام السمحة، محذرين من خطر إذكاء الفتنة بإعطاء الأزمة بعداً طائفيا.
وفي السياق، رأى رئيس نقابة الأئمة، جلول حجيمي، أنه “من ردة أخلاقية وفكرية وتربوية، أن نتقاتل في العشر الأواخر لشهر رمضان من أجل أشياء تافهة”، مشيرا إلى أن العصبيات والتفكير الخاطئ أوصل المجتمع إلى هذه المشكلة، وحذر من استثمار بارونات المخدرات والمصالح الضيّقة في الأوضاع الحالية.
ودعا حجيمي إلى الإسراع في الصلح بين الأخوة ورأب الصدع من جديد، “لأن غرداية ضربت المثل في التعايش السلمي والاندماج على مدار عشرات القرون”.
أما المجاهد وقائد الولاية الرابعة التاريخية، لخضر بورقعة، فقال إن “الجزائر مستهدفة من الخارج ويجب وضع اليد على المتهم الحقيقي بشكل فوري”، داعيا إلى الاستعداد الدائم لأية هزة أخرى محتملة.
من جانبه أوضح أبوجرة سلطاني، الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، أن الأزمة في غرداية ليست وليدة اليوم، ونتيجة قضايا عالقة لم تعالج في وقتها “فيها رائحة التمذهب ورائحة العقار”.
وقال سلطاني، “صحيح هناك مشكلة لكن ليست كارثة، لأن فرص الصلح وإعادة الأمور إلى طبيعتها الأولى قائمة دائما”. وربط في الوقت ذاته نجاح فرضية المؤامرة الخارجية بوجود القابلية لترك الثغرة التي يدخل منها هذا الخطر الأجنبي، ملمحا إلى أهمية تقوية ورصّ الجبهة الداخلية.
وأفاد بأنّ دور قوات الأمن يقتصر على فك المتخاصمين وحماية الممتلكات والأشخاص، لكنه لا يكفي كحل نهائي. وهنا دعا إلى تدخل العلماء والأئمة والشيوخ الذين لهم تأثير على الشباب كي لا يحملوا الأحقاد. وطالب وسائل الإعلام بالتوجيه والتحذير من التهويل، لأن ما عرفته غرداية يمكن أن يحصل في أية ولاية أخرى، يقول المتحدث.
من جهته، حصر الدكتور وكاتب الدولة السابق، بشير مصيطفى، أزمة غرداية في عاملين رئيسيين، هما ضعف مؤشرات التنمية المحلية وضعف الأداء القضائي. وأوضح أن الخلافات على العقار أدت إلى تفجير العنف منذ سنة 2008، وغذتها أحقاد تاريخية ومندسون، فضلا عن قلة النجاعة القضائية في متابعة مرتكبي الجرائم والتطبيق الصارم للقانون بحقهم.
واعتبر مصيطفى سلطة الشباب في الشارع والدعاية المغرضة في مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوات للتدخل الأجنبي تحت غطاء وجود تطهير عرقي، عوامل ثانوية أججت الأوضاع. ودعا إلى التطبيق الصارم للقانون وتكريس الاندماج وتشجيع فرص التوزيع العادل للتنمية.
في المقابل، حذر بكري حاج سعيد، الناشط في المجتمع المدني والمنحدر من ولاية غرداية، من إعطاء التوصيف الطائفي للأوضاع في المنطقة وقال: “أملك 100 دليل على أن الصراع ليس طائفيا وهو توصيف خاطئ سيزيد من إذكاء الفتنة”.
وأفاد بأن جذور الأزمة تعود إلى 1962، حينما حاولت فرنسا فصل الصحراء عن الشمال وسعت لإيجاد مشاكل بين أبناء المنطقة للاستفراد بها، مشيرا إلى تزامن الأحدث الأخيرة مع الذكرى 53 للاستقال، في محاولة لضرب وحدتنا الوطنية.
ولاحظ المتحدث أمورا جديدة خطيرة لم تكن موجودة في السابق، تمثلت في دعاة التقسيم والانفصال، دعاة التكفير ودعاة التهجير والترحيل، “وهي أشياء غير مسبوقة وتستدعي المتابعة القضائية والتطبيق الصارم للقانون، لأنها تستهدف وحدة وأمن الجزائر.
وأكد بكري حاج سعيد، أن أمن المنطقة بيد الدولة التي تملك كافة الإمكانات والوسائل لتحقيق ذلك، قائلا: “نحتاج إلى القوة والصرامة وسيف الحجاج في غرداية كي يعود الأمن والسكينة ونقضي على الملثمين الذين يزرعون الرعب”.
ودعا العلماء والمشايخ للنزول إلى غرداية، ولعب الدور المنوط بهم في إعادة الوحدة والتسامح بين الشعب الواحد.
وبدوره اكتفى الشيخ الأستاذ محمد الهادي الحسني، بالقول إن ما يجري في غرداية، “لا نجني منه سوى شماتة الأعداء”.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19529

العدد 19529

الأحد 28 جويلية 2024
العدد 19528

العدد 19528

السبت 27 جويلية 2024
العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024