مع اقتراب موعد التّوقيع على اتّفاق السّلم و المصالحة في مالي، عاد التوتّر ليخيّم على الشّمال، وسجّلت صدامات وأعمال عدائية أسقطت ضحايا وخلقت أجواء من الرّعب بين المدنيّين، الذين ينتظرون بفارغ الصّبر انضمام تنسيقية حركات الأزواد إلى مجموعة الأطراف الموقّعة بالأحرف الأولى على اتفاق السّلام، لطيّ صفحة الاضطرابات المزمنة التي رهنت أمنهم واستقرارهم، ووضعت المنطقة بين كفّي كمّاشة مجموعات إرهابية سعت إلى جعل السّاحل برمّته بؤرة للإجرام والعنف.
لا شكّ أن التّصعيد في هذا التّوقيت بالذّات مقصود منه عرقلة العملية السّلمية والعودة بأزمة مالي إلى مربّعها الأوّل، وتهديم كلّ الانجازات التي تحقّقت بفضل الدبلوماسية الجزائرية التي ألقت بثقلها لمساعدة مالي على تجاوز أزمته السياسية، ورأب الصّدع الذي كان يهدّد وحدته، وإبعاد الخطر الارهابي.
وقد وفّقت الجزائر مند البداية على مسافة واحدة بين الأطراف المالية في إقرار وقف لإطلاق النار، ورعاية عملية تبادل للسجناء بين باماكو وحركات الشّمال، وتوّجت خمس جولات من المفاوضات الشّاقة التي رعاها لعدّة أشهر وزير الخارجية رمطان لعمامرة باتّفاق “جنان الميثاق”، الذي لا تنقصه غير بصمة تنسيقية حركات الأزواد ليدخل حيّز التنفيذ، ويتنفّس بعدها الماليّون الصّعداء.
وقد طمأن رئيس البعثة الأممية المتكاملة المتعدّدة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي “مينوسما”، السيد المنجي الحامدي بأن التنسيقية جدّدت له التزامها بمسار السّلام في مالي ونيّتها في التّوقيع على اتّفاق الجزائر.
التّطورات التي يشهدها الشّمال المالي في هذا الظّرف بالذّات، تؤكّد بما لا يدع مجالا للشكّ، أنّ هناك من يحاول التّشويش على العملية السّلمية، وعرقلة قطار التّسوية الذي يقترب من مرحلته النّهائية، ومن خلال ذلك يسعى إلى تكسير مجادف الدبلوماسية الجزائرية التي لا تبتغي مصلحة من وراء جهودها في مالي غير استقرار هذه الدولة الجار، واستتباب الأمن بالمنطقة التي تشكّل عمقا أمنيا واستراتيجيا لبلادنا.
منتصف ماي هو موعد حاسم للماليّين،لأنّه سيكون نقطة فارقة وفاصلة بين زمنين متباينين، ماضٍ مشبّعٍ بالتوتّر والخلافات والأزمات، ومستقبل للأمن والاستقرار والبناء.
والأمل كبير في أن تلتحق الأطراف المتردّدة بقطار السّلام، الذي انطلق ولن توقّفه مناورات وتشويش المتآمرين، الذين يعيشون على آلام ومآسي وثروات الآخرين.
موعد الحسم
فضيلة دفوس
04
ماي
2015
شوهد:568 مرة