كشف المجاهد وسفير الجزائر لدى جنوب إفريقيا، نور الدين جودي، تفاصيل جديدة عن علاقة المناضل الرمز نيلسون مانديلا بالثورة التحريرية الجزائرية، وقال أنها كانت مصدر إلهام عسكري ودبلوماسي لـ«ماديبا”، مؤكدا أن بلادنا لم تدخر جهدا في دعم حركات التحرر عبر العالم.
سلطت أمس، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر3، الضوء على المسار النضالي للزعيم الجنوب الإفريقي نيلسون مانديلا وصلته بالكفاح الثوري الجزائري.
وأبرز كل من سفير الجزائر السابق بجنوب إفريقيا نور الدين جودي، وجوزيف اورثن سفير جنوب إفريقيا الحالي بالجزائر، خلال ندوة تاريخية، أهمية ما تلقنه مانديلا على يدي قادة جيش التحرير الوطني وقيم الثورة الجزائرية في صقل شخصيته كمناضل فذ من أجل المساواة وحقوق الإنسان من جهة، وفي دعم كفاح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي من جهة أخرى.
وذكر نور الدين جودي، إن مانديلا أصبح أيقونة السلام العالمي لإيمانه العميق بالحلول السلمية كخيار أساسي لتحرير الشعوب والقضاء على العنصرية، وتأكد في الوقت ذاته أن العمل المسلح جبهة يجب أن تفتح بالتوازي مع النضال السلمي لتحقيق الغاية من الكفاح.
وكشف أن “ماديبا” خضع لتكوين عسكري خاص أثناء قدومه للجزائر نهاية عام 1961، وقال:« قيادة القاعدة الغربية لجيش التحرير كانت أمام خيارين إما تكوين مانديلا كجندي أو كقائد عسكري، وبما أنه كان على رأس الجناح المسلح لحزب المؤتمر الإفريقي في جنوب إفريقيا، استقر القرار على تدريبه كقائد، فلقن كيف ينظم الجيش ويختار الجنود ويبني إستراتيجية حربية طيلة 10 أيام”.
وأفاد جودي، أنه سلم مانديلا البندقية التي أطلق منها الرصاصة الأولى في حياته وكانت من نوع “موزر” باعتباره أحد مكونيه وعمره آنذاك 26 سنة، مضيفا أن قيادة جيش التحرير أبلغت الزعيم الراحل بحمل البندقية بيد والنضال الدبلوماسي بيد أخرى، لعزل نظام الأبارتيد إقليميا وخلق قواعد خلفية للكفاح المسلح.
وأضاف أن مانديلا “طبق إستراتيجية جبهة وجيش التحرير الوطني في نضاله ضد النظام العنصري” كاشفا أن زيارته للجزائر ظلت في طي الكتمان ولم يكن على علم بذلك سوى 5 ضباط من الجيش، حفاظا وخوفا من إعدامه بعد عودته خاصة وأنه كان مراقبا ومتابعا من قبل المخابرات الجنوب إفريقية والأمريكية والموساد، مشيرا أنه “حتى المغرب كان يجهل خضوع مانديلا للتكوين العسكري على أيدينا”.
وقال أن الجزائر استمرت في دعم حزب المؤتمر الإفريقي، بقيادة مانديلا واوليفر ثامبو، بعد استقلالها بشتى الطرق والوسائل. وذكر أن ثامبو استقر في الجزائر كمقر لمنفاه وخصص له شخصان يسهران على حمايته أينما ذهب دون علمه.
من جانبه، أكد سفير جنوب افريقيا بالجزائر، جوزيف أورثن، أن نيسلون مانديلا اختار الجزائر لتعلم الكفاح المسلح قبل أن يصبح رمزا لكفاح الشعوب من أجل الرخاء والقضاء على الفقر والمساواة، مضيفا أن تصوراته لحماية حقوق الإنسان والتخلص من الفقر لازالت قائمة ويشهد له أن كفاحه ضد التمييز العنصري كان للبيض أو السود على حد سواء.
وقال أن جنوب إفريقيا استطاعت بفضل “ماديبا” بناء المرحلة الأولى للديمقراطية لتنتقل الآن نحو مرحلة ثانية تستهدف التنمية والعدالة الاجتماعية الشاملة.
وفي مداخلته تطرق الأستاذ إسماعيل دبش، إلى مكانة الجزائر الخاصة لدى مانديلا، حيث كان أول شخصية أجنبية يدعوها الرئيس بن بلة بعد الاستقلال وأول بلاد يزورها بعد خروجه من السجن.
وأعلن عميد جامعة الجزائر 3، عن تسمية قاعة المحاضرات الرئيسية لكلية العلوم السياسية باسم نيلسون مانديلا، تخليدا لذكراه ونضاله.