تسخــير الطائرات والكامـيرات الحراريـة للعمل الاستباقــي
تشهد الجزائر تعبئة شاملة واستعدادات استباقية لمواجهة خطر حرائق الغابات مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة المتوقع، وجاءت هذه التحركات بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال مجلس الوزراء الأخير، والتي شددت على ضرورة رفع مستويات اليقظة وتسريع العمل الوقائي لضمان موسم حصاد آمن وخالٍ من الخسائر.
وتعتبر توصيات الرئيس تبون خارطة طريق تركز على الرصد المبكر واستغلال كافة الإمكانات البشرية والمادية، وفق استراتيجية تستند إلى الخبرة المكتسبة من التجارب السابقة التي أظهرت قدرة الجزائر على التحكم في المخاطر المحتملة وتجنب اندلاع الحرائق بفضل الرقابة الصارمة والحيطة العالية لتحقيق هدف واحد: فصل صيف خالٍ من الحرائق، وذلك بالالتزام الجماعي واليقظة مستمرة. مع حلول الصيف، والإقبال الكبير للمواطنين على الغابات من خلال التخييم، يجري تأمين الغطاء الغابي بشكل كبير وعلى مستوى عال، تجنبا لحدوث أي حرائق، وترصد الجزائر كل عام جميع الإمكانات من أجل فصل صيف من دون حرائق، وبعد اقتناء الطائرات وتوفير مختلف الأدوات المتطوّرة من كاميرات لإطفاء أي حرائق، تركز من جانب آخر كثيرا على العمل الاستباقي الذي أوصى به رئيس الجمهورية من خلال توجيهات دقيقة وأوامر. ويعكف الولاة على رفع درجات الحيطة والحذر، وكذا توسيع المراقبة عبر كاميرات حرارية ومسيّرات طوّرتها مؤسسات ناشئة محلية تعدّ مفخرة جزائرية.
تأمين الثروة الغابية
ومن المؤشرات الإيجابية التي تستدعي الطمأنينة والتفاؤل، نذكر تسجيل انحصار كبير خلال العام الماضي لدائرة الحرائق، فيما أظهرت الجهات المختصة احترافية كبيرة، بفضل تعزيز العمل الوقائي وجعله أولوية قصوى على مستوى إجمالي مساحة غابية في الجزائر تمتد على 4 ملايين و100 ألف هكتار، من بينها 1 مليون و440 ألف هكتار غابات، وإلى جانب نحو 2 مليون و413 ألف هكتار من الأحراش.
واللافت للنظر أن الجزائر أصبحت تتحكم بشكل جيد في مخاطر حرائق الغابات، وظهر ذلك خلال نجاحها في تأمين ثروتها الغابية، كما تعكف وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري في الوقت الحالي على تطبيق مخطط تشاركي وإستراتجية هامة للوقاية من الحرائق من خلال إشراك مختلف المؤسسات المستغلة للفضاءات الغابية بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى التنسيق المستمر مع فعاليات المجتمع المدني وكذا السكان الذين يقطنون على مستوى الغابات أو بمحاذاتها.
وتقوم الجزائر بشكل مبكر، وعلى ضوء المخطط الجوي الوطني المسطر ضد الحرائق، في توفير كل الوسائل، سواء تعلق الأمر باستعمال طائرات الدرون ضد الحرائق أو تأجير طائرات وقاذفات للمياه، لإطفاء الحرائق، من أجل تغطية شاملة وفعالة للعديد من الولايات، بينها البليدة وبجاية وعناية ومستغانم وغيرها، لتكون بالمناطق الحساسة في الوقت المناسب. وفي ضوء الفعالية الكبيرة التي يتمتع بها الجهاز الجوّي، تكرس على أرض الواقع مراقبة دقيقة ودائمة تسمح بتحقيق استجابة سريعة تفاديا لبروز أي بؤرة حريق، كما تعمل بالموازاة مع ذلك الفرق الأرضية وفي صدارتها مصالح الحماية المدنية من أجل تقليص خطر انتشار الحرائق وضمان حماية قصوى وحقيقية على مستوى المناطق السكنية. يذكر أن المخطط الجوّي الوطني ضد الحرائق رصد أحدث التقنيات المتطوّرة التي تسمح بالكشف المبكر عن الحرائق، على غرار كل من مسيرات وكاميرات حرارية، تعمل على رفع فعالية التدخلات الجوية، في المناطق الوعرة والحساسة حيث يسجل صعوبة في اقتحامها.
عمليات استطلاع مستمرة
ونجحت الجزائر في غضون سنتين، ووفق خطة إستراتجية محكمة تبنتها، في تأمين غطائها الغابي، إلى جانب سهرها المتواصل على القضاء على بؤر الحرائق قبل اشتعالها، متجنبة الخسائر المادية والبشرية، وخلال الموسم الجاري 2025، ووفق توجيهات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ينتظر أن تقوم المصالح المعنية المجندة، بتفعيل عملية استعمال طائرات الدرون المخصصة لإطفاء الحرائق على وجه الخصوص على مستوى الولايات الأكثر عرضة لحرائق الغابات، ويجري الحديث عن تسجيل نحو 20 ولاية على غرار كل من ولاية البليدة وتيزي وزو وبجاية إلى جانب كل من سكيكدة وعنابة، وتخصص مجموعة من الطائرات لكل ولاية من أجل المراقبة الصارمة، بما يسمح بالتدخل السريع في وقت قياسي قبل انتشار ألسنة النيران، وهذا ما يمنع من انتشار خطر الحرائق ويحمي الثروة الغابية من التلف، علما أن عمليات الاستطلاع المستمرة والمراقبة المنطلقة من شهر ماي إلى غاية شهر أكتوبر، عززت من التبليغ المبكر والحد من الحرائق بشكل يبعث على الاطمئنان.