اختُتم الأسبوع العلمي الذي نظمته الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات بجامعة وهران 2 «محمد بن أحمد»، والذي خُصص لموضوع «الأخطار الكبرى وتأثيراتها على المجتمع». وقد أكد المشاركون، من خلال المداخلات والنقاشات، على نجاعة الاستراتيجية المدروسة التي تعتمدها الجزائر اليوم لمجابهة هذه الأخطار، بإشراف وتوجيه من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي تقوم على مقاربة جديدة للتدخل ترتكز على الإعداد الجيد وتوفير الوسائل الضرورية لإنقاذ الأرواح وحماية الممتلكات، مع مراعاة الخصوصيات الجغرافية لكل منطقة.
أكد رئيس الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيات، محمد هشام قارة، الخميس، أهمية موضوع مجابهة الأخطار، الذي يحظى باهتمام بالغ من قبل السلطات العليا، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، نظراً لارتباطه بالكوارث والتغيرات المناخية وضرورة الإعداد الجيد لها، سواء من الناحية المادية أو البشرية.
وأوضح قارة أن «ما تقوم به الأكاديمية اليوم من تظاهرات علمية يعزز روح المعرفة والابتكار، ويكرّم جهود العلماء والباحثين، وهو تنفيذ لتوجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي خصّص 11% من التزاماته 54 للتكوين والتعليم والبحث والابتكار».
وأضاف قارة أن انطلاق فعاليات الأسبوع العلمي من العاصمة كان من خلال مبادرة إبداعية تمثلت في تنظيم تبادلات علمية بين نخبة من الأكاديميين وتلاميذ المدارس الثانوية، بهدف تقريب العلوم من الأجيال الصاعدة، وتحفيز فضولهم العلمي، وتحضيرهم للمسار الجامعي، مع تسليط الضوء على المسارات المهنية الملهمة لنخبة من الأكاديميين الذين بدأوا مسيرتهم التعليمية في المدرسة الجزائرية.
كما تهدف المبادرة، بحسبه، إلى لفت انتباه الشباب إلى الفرص والإمكانات المتاحة في الجزائر، وحمايتهم من الإغراءات التي تسعى إلى دفعهم نحو الهجرة العلمية.
وأعلن قارة أن الأكاديمية أطلقت خلال السنة الجارية أربع مسابقات علمية في مجالات: «الأمن المائي»، «التخطيط الخارجي والمخاطر البيئية»، «الذكاء الاصطناعي»، و»الكيمياء والبيئة»، إضافة إلى تنظيم دورة ثانية لدمج أعضاء أكاديميين جدد دائمين.
إدارة المخاطر تبدأ بالدراسة الاستباقيـة
وفي كلمته خلال افتتاح اللقاء، أكد والي وهران، سمير شيباني، أن «هذا الحدث العلمي الهام يعكس الإرادة المشتركة لتعزيز البحث العلمي وتثمين المعرفة والابتكار، خاصة أنه يتناول أحد أهم المواضيع ذات الصلة المباشرة بأمن المواطن واستقرار البلاد».
وأضاف أن «الوقاية من الكوارث تتطلب عملاً مشتركاً وخططاً استباقية دقيقة للإدارة والاحتواء، لأن الكوارث غالباً ما تؤثر على الأفراد والممتلكات والاقتصاد».
وأشار شيباني إلى أن «اليد البشرية غالباً ما تكون سبباً في بعض الكوارث الكبرى، مثل حرائق الغابات، مما يتطلب تكثيف حملات التوعية لتفادي الأضرار أو الحد منها».
وأكد أن «الوقاية من المخاطر الكبرى تشمل إجراءات متعددة تهدف إلى تقليص أثر الكوارث الطبيعية وتفادي تحولها إلى أزمات، إلى جانب نظام إدارة الكوارث الذي يشمل الإسعافات والإجراءات الهيكلية للتكفل بالضحايا واحتواء الأزمات، وهو من صلاحيات وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، ومصالح الحماية المدنية، وغيرها من مؤسسات الدولة».
وهو ما يُبرز، بحسب الوالي، أهمية التدابير الوقائية والاستباقية لمجابهة المخاطر الكبرى التي قد تتعرض لها الجزائر بحكم موقعها الجغرافي، مثل الزلازل، الفيضانات، تقلبات الطقس، حرائق الغابات، الأخطار الصناعية والطاقوية، التلوث البيئي، والمخاطر المرتبطة بالتجمعات السكانية.
كما ذكّر الوالي بحرص الدولة على الإطار القانوني المؤطر لاستراتيجية مجابهة المخاطر، خصوصاً المرسوم الصادر سنة 1985 حول الوقاية من الكوارث وتنظيم الإسعافات، والقانون رقم 04/20 المتعلق بالوقاية من الكوارث وتسييرها في إطار التنمية المستدامة.
البحث العلمي.. الحلقة المحورية
من جهته، شدد مدير جامعة وهران 2 «محمد بن أحمد»، أحمد شعلال، على أهمية البحث العلمي والدراسات الأكاديمية في إدارة المخاطر الكبرى والوقاية الاستباقية منها.
وأكد شعلال أن «الاستعداد والوقاية من المخاطر، سواء كانت طبيعية أو اقتصادية أو تكنولوجية أو بشرية، لم يعد خياراً، بل أصبح استراتيجية متكاملة تُنفذ بإتقان، لأن إدارة الكوارث اليوم لا تتعلق فقط بالتدخل عند وقوعها، بل تشمل الاستباق، التكوين، البحث، الإعلام، وبناء ثقافة المخاطر الكبرى».
وأضاف أن «السلطات العليا في البلاد وضعت إدارة الكوارث ضمن أولويات سياسة الأمن القومي، لمواجهة التحديات الكبرى مثل الزلازل، الفيضانات، حرائق الغابات، إلى جانب التهديدات المناخية والبيوتكنولوجية والسيبرانية».