تركز حاليا على اقتحام العمق الإفريقي..الخبير فارس هباش لـ”الشعب”:

تنويع الجزائر لشركائها يجعلهــا في منـــأى عن أيّ صدمــة اقتصاديـة

فايزة بلعريبي

 

 التجــارة الخارجيـــة لبلادنـــا في مأمــن مـــن تداعيـــات الرســــوم الأمريكيـــــة

 رغم القيمة التي تبدو مرتفعة للرسوم الجمركية المفروضة من الولايات المتحدة الأمريكية، إلّا أنّ خبراء يؤكّدون، على أنّ الوضع بالنسبة للجزائر يظل جدّ مطمئنا كون المبادلات التجارية “الجزائرية-الأمريكية” لا تتعدى 3 مليار دولار، أي بنسبة 5% من حجم مبادلاتها التجارية العالمية، كما أنّ توجّه الجزائر نحو العمق الإفريقي، وسعيها لتنويع شركائها التجاريّين، يجعلها في منأى عن أي صدمة اقتصادية على المدى المتوسط على الأقل.


أفاد الخبير في الاقتصاديات الحكومية، البروفيسور فارس هباش في إتصال مع “الشّعب”، التجارة الخارجية للجزائر، لن تتأثر بالرسوم الجمركية، التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على أزيد من 180 دولة في العالم .
وقال الخبير هباش، إنّ “نسبة المبادلات التجارية بين البلدين التي لا تتجاوز 5%، من نسبة التجارة الخارجية الجزائرية، كما أنّ توجّه الجزائر نحو العمق الإفريقي، وسعيها لتنويع شركائها التجاريين، يجعلها في منأى عن أي صدمة اقتصادية على المدى المتوسط على الأقل”.
وشهد التبادل التجاري بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، خلال السنوات الأخيرة، تطوّرا ملحوظا حيث بلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 3.1 مليار دولار، وفقا لبيانات سنة 2024 التي استند إليها الخبير الاقتصادي. وحسب المتحدث، فإنّ نوعية السلع المتبادلة بين البلدين، فتمثلت في الصادرات الأمريكية إلى الجزائر من الطائرات والمروحيات ومعدات النقل وبعض المنتجات الكيميائية والزراعية بقيمة اقتصادية بلغت 189 مليون دولار، من جانبها حافظت الجزائر كمصدّر تقليدي للطاقة إلى أمريكا بنسبة تتجاوز 95%، من إجمالي صادرات الجزائر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى بعض المنتجات النفطية من العجلات المطاطية، والمنتجات الزراعية من تمور وزيت الزيتون.
واستيقظ العالم نهاية الأسبوع الماضي على وقع هزّة اقتصادية غير مسبوقة، كانت تداعياتها فورية حيث تأثرت الأسواق المالية مباشرة وسارعت العديد من الدول إلى إعادة النظر في خارطة تجارتها الخارجية، تحديدا صادراتها نحو الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال ردود أفعال حمائية، بعد قرار رئيسها دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة متفاوتة على الصادرات العالمية نحو أمريكا.
وعبّرت العديد من شركات الشحن العالمية عن قلقها بخصوص التداعيات المترتبة عن الرسوم الجمركية، التي قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على قطاع الشحن العالمي، حيث أشارت الدول المتضرّرة مستقبلا من هذه الرسوم إلى احتمال تغيير مسار صادراتها، ممّا سيؤدي إلى اضطرابات في سلاسل الإمداد والتوريد.
كما ستؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة إلى تغيير مسارات التجارة التقليدية، حيث من المتوقّع بل الأكيد أنّ الدول المعنية بهذه الرسوم ستحاول البحث عن مسارات جديدة وأسواق بديلة لصادراتها، ممّا سيفتح المجال أمام تحديات وفرص جديدة أيضا، وتفتح المجال واسعا أمام الاستثمار في البنى التحتية والتكنولوجية، الذي بات حتمية فرضها قرار الرئيس الأمريكي.
استنفار البورصات العالمية
 على صعيد آخر، يتوقّع فارس هباش، أن تواجه شركات الشحن صعوبات في التكيّف مع التغيرات المرتقبة في تدفقات التجارة الدولية، ممّا سيؤثر على إيراداتها وربحيتها. كما ستؤدي الرسوم الأمريكية الجديدة إلى تصعيد التوترات في العلاقات الدولية لا سيما التجارية منها، أكثر ممّا هي عليه حاليا. من جهة أخرى يرى المتحدث، أنه في حال استمرار السياسات الحمائية والسياسات المضادة لها، ستتباطأ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي نتيجة تراجع حجم التجارة الدولية، وإرتفاع تكاليف الشحن، بالمقابل، وسعيا منها لتحقيق توازناتها التجارية، ستبحث معظم الدول المتضرّرة مباشرة من الرسوم الجمركية الأمريكية عن فرص وأسواق بديلة لصادراتها، ممّا سيؤدي إلى إعادة توزيع مراكز الإنتاج والتجارة العالمية.
بالرغم من تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية وتأثيرها على خارطة التجارة العالمية على المدى القصير والمتوسط، من المؤكّد أنّ الإنعكاس سيكون مباشرا وحادا على الدول المعنية بهذه الرسوم، يقول هباش، وسيعكسه إرتفاع كبير في أسعار السلع، خاصة وأنّ هذه الأخيرة مرتبطة ارتباطا وثيقا، بتكاليف الشحن والرسوم الجمركية المطبقة عليها، وهذا ما عرفه العالم مباشرة، خاصة بأسواق الولايات المتحدة الأمريكية، لينتقل إلى باقي الأسواق بالدول المتأثرة بشكل مباشر بالرسوم الجمركية الجديدة، مسبّبا تباطؤا في مستوى النمو العالمي وتباطؤ في الاقتصاديات العالمية وانكماش اقتصادي، ممّا سيؤثر سلبا على الأسواق المالية ومستوى مقدرات إحتياطي الدول من العملات الأجنبية، في ظل إحتمال إنخفاض في مستوى سعر صرف الدولار نتيجة حالة الانكماش، التي قد يعرفها الاقتصاد الأمريكي مستقبلا.
وفي سؤال حول المؤشّر الإقتصادي الذي تم تحديد هذه النسب بشكل متفاوت من دولة إلى أخرى وتحديد نسبة 30%، بالنسبة للجزائر، أجاب فارس هباش، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية قد إعتمدت مؤشّر نسبة العجز التجاري المسجّل بينها وبين الدولة المعنية بنسبة الرسوم الجمركية المفروضة عليها، حيث بلغت نسبة العجز التجاري بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية نسبة 59%، لصالح الجزائر، ممّا دفع بإدارة دونالد ترامب بفرض 50% من قيمة العجز كنسبة ضرائب مفروضة على الصادرات الجزائرية. إلى جانب مؤشّر العجز في الميزان التجاري، ذكر هباش مؤشّر العلاقات الجيو-استراتيجية وحجم التبادلات التجارية، أين ستكون الدول ذات التبادلات التجارية الأعلى نسبة، مرشّحة للخضوع لأعلى نسبة من الرسوم الجمركية.
وأكّد الخبير هباش، أنّ العلاقات الجيوسياسية بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، تتميّز بالهدوء والتعاون على العديد من المجالات، خاصة المجال الطاقوي، حيث استثمرت كبرى الشركات الطاقوية الأمريكية ممثلة في “شوفرون” و«إيكسو موبايل” مشاريع كبيرة في مجال الطاقة، وتشهد تطوّرا لافتا على جميع الأصعدة في الآونة الأخيرة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025
العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025