اليمين الفرنسي المتطرّف يواصل استعراضاته التصعيدية

باريس-الرباط، تحالف كولونيالي بعد صفعات إفريقيــة

آسيا قبلي

داست فرنسا مرة أخرى على مصداقيتها التي لم يعد أحد يؤمن بها هي ونظام المخزن الاستعماري، معتقدة أنّ مجرّد زيارة لمسؤوليها للأراضي المحتلّة قد يغيّر الوضع القانوني لإقليم الصحراء الغربية.

فشل النظام القائم في فرنسا، والذي يسيطر على حكومته اليمين المتطرّف، في استفزاز الجزائر بكلّ الطرق السابقة، ولم يجد من سبيل آخر سوى القفز على الشرعية الدولية، من خلال زيارة وزيرته للثقافة الأراضي الصحراوية المحتلّة، التي تصنّف قضيتها في خانة تصفية الاستعمار.
 بخطوتها المشينة، لا تستفزّ الحكومة الفرنسية الجزائر، وإنّما تقفز على الشرعية الدولية التي فصلت منذ عقود في الوضع القانوني للصحراء الغربية، وتظهر مزيدا من التراجع عن التزامها بالقانون الدولي، خاصّة مع تراجع مكانتها الدولية، كما أنّ فرنسا لم تعد بتلك القوّة، بعد أن لفظتها الشعوب الإفريقية، وطردتها شرّ طردة، بإنهاء اتفاقات الإخضاع التي فرضتها على مستعمراتها السابقة في إفريقيا جنوب الصحراء، عند الاستقلال، يضاف إلى ذلك المواقف الرسمية لقادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، في دورته 38، الذين أصدروا قرارا بتصنيف الاسترقاق والترحيل والاستعمار كجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم إبادة جماعية ارتكبت في حقّ الشعوب الإفريقية، مع تفويض الجزائر إلى جانبها ثلاث دول إفريقية لضمان تنفيذه على الصعيد الدولي، وهو ما يعدّ ضربة موجعة لفرنسا بسبب ماضيها الاستعماري المخزي.
كما تأتي الزيارة المشؤومة استمرارا للتصعيد، غير المبرّر، من طرف اليمين المتطرّف في فرنسا ضدّ الجزائر، فالتأكيد على دعم الطرح المغربي لمقترح الحكم الذاتي، كما أوردته قنوات فرنسية، لا يضرّ بالقضية الصحراوية، وإنّما يعتبر اعترافا بالأطماع التوسّعية لنظام المخزن المتهالك على حساب الجزائر ودول الجوار.
محاولات يائسة
في السياق، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان والشعوب، والرئيس السابق للجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، محرز العماري، في اتصال مع «الشعب»، أمس، إنّ «القانون الدولي واضح في ما يخصّ القضية الصحراوية، ولا يمكن لأيّ كان تغيير الوضع هناك، وكلّ محاولة من فرنسا أو نظام المخزن ستبوء بالفشل».
 وأضاف أنّ «أراضي الصحراء الغربية هي أحد الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي التي أنشأتها الأمم المتحدة منذ عام 1963، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراتها الأولى منذ عام 1965، والتي تدعو إلى إنهاء الاستعمار في الإقليم عن طريق الاستفتاء، وهو الوسيلة السلمية والقانونية الاجتماعية الوحيدة التي يدعمها المجتمع الدولي للتوصل إلى حلّ عادل وسلمي ونهائي للصراع في الصحراء الغربية.»
وأشار العماري إلى الموقف «النبيل للقمة الثامنة والثلاثين للاتحاد الإفريقي، المحترم لذاته وللشرعية الدولية، الداعم للجمهورية الصحراوية، الدولة المؤسّسة للاتحاد الإفريقي، وهو موقف ثابت مستوحى من تمسّك إفريقيا الراسخ بالقيم والدروس المستفادة من نضال شعوب إفريقيا من أجل استقلالها».
واعتبر العماري أنّ الموقف الإفريقي تأكيد صريح على أنّ أيّ شكل من أشكال الضغط «لا يمكن أن يؤثر على تصميم إفريقيا على مواصلة تبنّي قضية الحركات التحرّرية، من خلال مرافقة البوليساريو على الطريق الطويل لنضالها التحرّري حتى انتصار القانون الدولي، الذي يكرّس الحقّ غير القابل للتقادم في تقرير المصير للشعب الصحراوي.»
تجاوزات فرنسية
خرجة عضو الحكومة الفرنسية، تضاف إلى سجلّ حافل بتجاوزات ضربت بها فرنسا عرض الحائط بقوانينها والقانون الدولي، ومنها التدخل في شؤون دولة ذات سيادة، عندما حشرت أنفها في قضية داخلية لم يفصل فيها القضاء الجزائري، وتتعلّق بالمدعو «بوعلام صنصال» الذي يتابع في قضية المساس بالأمن القومي، ويتابع وفقا للقانون الوطني الجزائري، وأبعد من ذلك، ألّبت البرلمان الأوروبي في محاولة بائسة للضغط على الجزائر لإطلاق سراحه، بل وتغيير المادة 87 مكرّر من القانون، التي يحاكم المتهم تحت طائلتها.
وفي خرق آخر للقانون، كانت السلطات الفرنسية قرّرت ترحيل مواطن جزائري، قبل جلسة محاكمته، بحرمانه من حقوقه في التقاضي، غير أنّ الجزائر وقفت إلى جانب الحقّ والقانون مؤكّدة على حقّه في التقاضي، وبالفعل أصدر القضاء الفرنسي قرارا بإبطال قرار الترحيل.
وأثبت القضاء الفرنسي محاولات تسييس اليمين لقضايا يفترض أنّها عادية ولا تتطلّب كلّ ذلك التضخيم، ولا هدف لها سوى التصعيد ضدّ الجزائر، من يمين لم يهضم فكرة طرد جلاديه من الجزائر قبل ستة عقود..يمين متطرّف يحنّ إلى ماضي بلده الإجرامي في الجزائر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19705

العدد 19705

الخميس 20 فيفري 2025
العدد 19704

العدد 19704

الأربعاء 19 فيفري 2025
العدد 19703

العدد 19703

الثلاثاء 18 فيفري 2025
العدد 19702

العدد 19702

الإثنين 17 فيفري 2025