الإعلان عن دفتر شروط جديد لتسيير المدارس الخاصة
تقليص المواد في الطور الأول والحفاظ على مواد الهوية
جهاز التتبع الآني لوضعية الإطعام بالمدارس أهم الإنجازات
يقترب عام 2024 من النهاية دون أن تتوقف عجلة الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية في قطاع التربية الوطنية، حيث أعلن المصادقة على القانون الأساسي في خطوة نحو إعطاء “الأستاذ” المكانة التي تليق به، ناهيك عن إصلاحات أخرى انطلقت فعليا من خلال مراجعة البرامج والمناهج التربوية، بدءاً بحذف بعض المواد في الطور الأول من التعليم الابتدائي، وإصدار النسخة الأولى من كتاب اللغة الإنجليزية للخامسة ابتدائي ومواصلة مسار التحول الرقمي عن طريق النظام المعلوماتي، الذي يعد من أحسن الأمور التي شهدها قطاع التربية.
خالدة بن تركي
اعتمدت وزارة التربية الوطنية استراتيجية ناجعة ترتكز على إصلاح البيداغوجيا، ومنظومة التقييم والارتقاء والتوجيه، إضافة إلى جودة التعليم ودعم التمدرس، التي جعلت القطاع يحقق العديد من الإنجازات والمكاسب انعكست إيجابا على التحصيل العلمي للتلاميذ، خاصة الامتحانات الوطنية الرسمية التي شهدت تحسنا بما يعادل 62,85٪ شهادة التعليم المتوسط و58,28٪ في شهادة البكالوريا.
قرار تاريخـي
استبشر عمال القطاع خيرا، بعد المصادقة على القانون الخاص بأسلاك التربية. هذا الأخير، الذي كان مطلب منتسبي القطاع منذ أكثر من 12 سنة، باعتباره السبيل الوحيد لتحسين أوضاعهم المهنية والاجتماعية، حيث ارتفعت معنوياتهم منذ أن أولى رئيس الجمهورية عناية خاصة لهذا الملف، الذي يأمل من خلاله أن يتحقق الاستقرار المنشود في القطاع، الذي يعد من أبرز القطاعات الحيوية في البلاد.
واعتبرت الأسرة التربوية عام 2024 مميزا، لأنه شهد أكبر إنجاز حققه القطاع، ألا وهو القانون الأساسي، الذي تمكنت من خلاله افتكاك مطالب اجتماعية ومهنية لطالما كانت محل نقاش بين الشركاء الاجتماعيين والوزارة. كما أقر رئيس الجمهورية، من خلال هذا القانون، إجراءات إضافية تتعلق بتقاعد المعلمين وهو ما أثلج صدور الكثير منهم.
بدوره وزير التربية الوطنية محمد صغير سعداوي أراد أن يزيل الغموض حول ما جاء في القانون الأساسي وخرج ليؤكد المكتسبات التي جاء بها هذا القانون، داعيا الأسرة التربوية إلى بذل المزيد من العطاء، خاصة وأنه يكفل حق الاستفادة من 5 سنوات قبل السن القانونية للتقاعد، يثمن الشهادات المكتسبة أثناء التوظيف وكذا أثناء الإدماج، كما يثمّن الشهادات التي يتم اكتسابها أثناء الخدمة في الترقية.
وفي توضيح أكثر، أكد الوزير أن القانون الجديد استحدث رتبا جديدة لأسلاك موظفي التعليم وأسلاك موظفي التربية وأسلاك موظفي التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني وأسلاك المخابر وأسلاك موظفي التغذية المدرسية، أسلاك موظفي المصالح الاقتصادية وأسلاك موظفي إدارة مؤسسات التربية والتعليم وموظفي التفتيش.
ويضمن هذا الأخير تسوية وضعية موظفي الإشراف التربوي بإنشاء رتب جديدة لتصنيفهم وتحديد المهام الموكلة إليهم (موظفو الدعم التربوي)، القانون الأساسي وبناءً على تثمين الخبرة المهنية حسن في تصنيف الأسلاك، كما يضمن تخفيض الحجم الساعي في الأطوار التعليمية الثلاثة، بالإضافة الى القانون التعويضي الذي يترجم قرار رئيس الجمهورية بتحسين الوضعية الاجتماعية والمادية للأسرة التربوية بزيادة 30 نقطة للأساتذة و15 نقطة لباقي الأسلاك.
كانت الرقمنة من بين الملفات التي أعطتها وزارة التربية الوطنية أولوية قصوى، حيث اتخذ مسار الرقمنة السرعة القصوى، اعتبارا من نهاية سنة 2021، بعد الانخراط التام في برنامج رئيس الجمهورية والارتكاز الكلي على الاستراتيجية الوطنية للرقمنة التي أقرها، والتي حددت الأهداف ورتبت الأولويات وأعطت الإمكانات وجعلت من هذا الملف ملف دولة وليس ملف قطاعات.
وعرف مسار التحول الرقمي سنة 2024 الذروة، من خلال النظام المعلوماتي الذي اعتمدته وزارة التربية الوطنية لرقمنة عمليات القطاع. وستكون نسخته المحينة، ابتداء من مارس 2025. وهذا بعد التحسينات والتعديلات التي استقتها الوزارة من الندوات الولائية والجهوية والوطنية، من أجل تسهيل عملية الرقمنة في جميع العمليات التربوية.
وتعمل وزارة التربية الوطنية من خلال هذا النظام المعلوماتي، على إدخال جميع عمليات القطاع في النسخة الرقمية الجديدة، التي كان لها دور كبير خلال سنة 2024 في رقمنة العمليات التربوية التي حققت السرعة والشفافية، كونها تمت بمرافقة وزارة المحافظة السامية للرقمنة التي تولت تصميم الاستراتيجية الوطنية للرقمنة بالتشاور مع القطاعات المعنية.
دفــتر شــروط
بعد الخطوات الجبارة التي اعتمدتها وزارة التربية الوطنية في الإعلان عن قانون المعلم، أعلنت خلال سنة 2024 عن التحضير لدفتر شروط جديد خاص بالمدارس الخاصة، الذي لم يغير منذ سنوات، ليحظى هذه السنة بعناية رئيس الجمهورية الذي شدد على وجوب تطابق برامج المدارس الخاصة مع البرنامج الوطني للتربية الوطنية دون سواه. وحدد شروطا صارمة لتنظيم سيرها ومراقبتها، مع العمل وفق عقود نجاعة للوقوف الدقيق على القيمة المضافة لهذه المدارس الخاصة ومستوى النجاح.
وأكد رئيس الجمهورية على ضرورة إقرار مراقبة دورية مستمرة، أي أن يتفق الأولياء مع المدرسة على ضمان نجاح الأبناء في دراستهم ولا مجال للرسوب أو الفصل من الدراسة، مادام فيها مقابل مالي يسدده الأولياء طيلة السنة الدراسية، مراجعة شروط منح الرخص، تشجيع الاستثمار في مجال التدريس الخاص، من خلال المدارس المتخصصة، لاسيما في مجال العلوم الدقيقة، كإنشاء مؤسسات متخصصة كثانوية الرياضيات مثلا، التي عددها قليل جدا على المستوى الوطني.( ثانويتان فقط واحدة في القبة والأخرى في قسنطينة).
تخفيـف البرامـج
واستكمالا لجهود تحسين المنظومة التربوية، واصلت وزارة التربية الوطنية خلال سنة 2024، استراتيجية مراجعة البرامج والمناهج، حيت قامت بتخفيف البرامج في الطور الابتدائي، بتقليص عدد المواد في الطور الأول، مع الحفاظ على مواد الهوية “اللغة، التربية إسلامية والرياضيات”.
وعملت أيضا على إعادة هيكلة مواد ومواقيت الطور الأول من التعليم الابتدائي، من خلال التقليص من عدد المواد المدرّسة في الطور الأول من الابتدائي، مع تأجيل تدريس بعض المواد إلى الطورين الثاني والثالث من التعليم الابتدائي، وكذا تدعيم الأنشطة الرياضياتية والرياضية والفنية، من خلال تنصيب الهيكلة الجديدة لمواد الطور الأول للتعليم الابتدائي، حيث انتقل الحجم الساعي الأسبوعي الممنوح للأنشطة في هذا الطور من 7٪ إلى قرابة 20٪.
وحقق قطاع التربية الوطنية، إلى جانب الشق البيداغوجي، إنجازات هامة في الشق الاجتماعي، من خلال تحسين وتعزيز الإطعام والنقل المدرسي والمنح المدرسية المختلفة وضمان مجانية الكتاب المدرسي والصحة المدرسية.
ولتحقيق ذلك، هيأت الدولة كل الظروف والموارد لمتابعة مسيرة التنمية المستدامة، في جميع مجالات الحياة، وفق نظرة استشرافية، حيث عملت الوزارة على تتبع التدفئة والإطعام بأغلب المدارس، من خلال توسيع خدمات جهاز التتبع الآني، ليشمل متابعة وضعية الإطعام المدرسي في جميع مدارس الوطن، سعيا لتحسين جودة الخدمات المقدمة للتلاميذ وتعزيز الجهود المبذولة في هذا المجال.
وعليه، فإن سنة 2024 كانت محطة لاستكمال مسار الإصلاحات الذي باشرته وزارة التربية الوطنية منذ سنوات، ويهدف الى تجويد نوعية التعليم والارتقاء بأداء المنظومة التربوية لتستجيب لطموحات الأمة، بما يتيح الوصول إلى النوعية والكيفية المطلوبتين، وهذا وفقا للأهداف المسطرة في برنامج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.