ديمقراطيـة.. لا ديماغوجيـة ولا إرادة فـوق الإرادة الشعبيـة
السـادة الــولاة أنتــم محميـون.. والدولــة في خدمــة المواطــن
نظـام جديـد لتسيـير الجماعـات المحليـة ابتـداء مــن 2025
الاستجابة لاحتياجات المواطنين بما يحقق النمو الاقتصادي ويعزز مكاسب التنمية
صلاحيات أكثر وإمكانيات أكبر للبلدية والولاية
الجزائر دولــة بقوافــل مـن الشهــداء ولا تشبه أي بلــد آخر
مهمتنا إعادة إطلاق شعلة نوفمبر حتى نبني البلاد ونوصلها إلى بر الأمان
البلدية والولاية ركيزتان أساسيتان في التنمية المحلية مـع رفـع العراقـيل
رئيــس المجلس الشعبي الولائي سيكون مسيّرا وآمرا بالصرف في بعض العمليات
الاستماع الدائم للمواطنين واتباع أسلوب الإقناع والتنمية ليس شـعارا
باشرنـا استحـداث ولايات منتدبـة وستكـون ولايـات بصلاحيــات كاملــة
أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمس، عن وضع نظام جديد لتسيير الجماعات المحلية، ابتداء من سنة 2025. وأمر الحكومة والولاة بمواصلة الجهد للاستجابة لاحتياجات المواطنين، بما يحقق النمو الاقتصادي ويعزز مكاسب التنمية المحلية التي استفاد منها “6.5 مليون جزائري” ضمن برنامج مناطق الظل، مذكّرا بأن الهدف الاستراتيجي هو إعادة بناء الدولة وإيصالها إلى بر الأمان.
كشف الرئيس تبون عن تفاصيل خارطة الطريقة التي يرمي من خلالها إلى إرساء قواعد تسيير جديدة ستحكم نظام عمل البلديات والولاية، باعتبارهما الركيزة الأساسية للدولة، من خلال المراجعة الجذرية الجارية لقانوني البلدية والولاية، وعبر استراتيجية محكمة للنهوض بالتنمية الاقتصادية للبلاد، وكل هذا من “أجل إرساء الديمقراطية الحقيقية وخدمة المواطن”.
جاء ذلك، لدى ترؤسه اجتماع الحكومة مع الولاة، المنظم بقصر الأمم، تحت شعار “الجماعات المحلية قاطرة التنمية الوطنية”، وبحضور كبار إطارات الأمة.
خارطة الطريق التي قدمها رئيس الجمهورية، تقوم على الجهد المضاعف لكل “الوطنيين”، بما يخدم البلاد والساكنة، قائلا: “الدولة هي التي في خدمة المواطن وليس العكس”، مستطردا بأن ما تقوم به الجزائر “لا تفعله أية دولة أخرى”.
وأضاف الرئيس موضحا، “هذا لا يعني أننا أفضل، ولكن لأن الجزائر لا تشبه أية دولة أخرى”. لافتا إلى أن ما ينبغي أن يحرك السياسات العمومية، هو شعلة نوفمبر التي “نراها اليوم في شبابنا، الذي تجاوز في حب بلاده، الوطنية إلى الشوفينية”.
وقال الرئيس: “بلادنا استشهد من أجلها 5 ملايين و600 ألف شهيد، لهذا لا أحد يشبهها، لأنها قدمت قوافل من الشهداء طيلة 70 سنة من المقاومة الشعبية قبل أن تأتي الثورة التحريرية المجيدة وتقضي على الاستعمار”.
لذلك -يضيف رئيس الجمهورية- فمن “يظن أن باستطاعته أن يفترس هذه البلاد، حتى لو بهاشتاغ (وسم) فهو مخطئ”، في إشارة إلى الحملة الصهيو-مخزنية الخبيثة التي شنت على الجزائر قبل أيام على مواقع التواصل الاجتماعي وتصدى لها الجزائريون بهاشتاغ “أنا مع بلادي”.
وتابع الرئيس، بأن من يقارن الجزائر بمقوماتها التاريخية مع أية دولة أخرى فهو مخطئ، لأنها “دولة ديمقراطية شعبية، وما نقوم به كلنا من أجل المواطن، ومن أجل أن يعيش الشعب مرتاحا في بلده ويسترجع روحه الوطنية”.
جديـد قانونــي البلديـة والولايـــة
رئيس الجمهورية، أعلن في كلمته، أن البلدية والولاية، على موعد مع نظام جديد للتسيير بداية من سنة 2025، وسيتم الأمر عبر المراجعة الجذرية الجارية للنصين الخاصين بالجماعات المحلية؛ نظام يثمن المكتسبات المحققة، ويكرس الديمقراطية الحقيقية، بعيدا عن الديماغوجية، ويطلق العنان للمبادرة الاقتصادية.
وبخصوص المكتسبات، المحققة في العهدة الرئاسية الماضية، فإنها تمثل بداية الطريق نحو تقويم مسار الدولة والتخلص من المظاهر والممارسات التي أدت إلى انحرافات، يفيد رئيس الجمهورية، الذي أكد استفادة 6.5 مليون جزائري من برامج مناطق الظل التي أطلقها في أول اجتماع له بالحكومة والولاة سنة 2020.
وأوضح في السياق، أنه ودراية منه بالعراقيل التي تعرفها الجماعات المحلية، قام قبل أسابيع بتنصيب لجنة خبراء وأسند لها مهمة مراجعة “قانوني البلدية والولاية”، بما سيجعل منهما ركيزتان أساسيتان في التنمية المحلية مع رفع كافة العراقيل.
وقال الرئيس تبون، “بعد 62 سنة من الاستقلال وبعد 52 سنة من أول قانون للبلدية، آن الأوان لمراجعة القوانين الخاصة بها، لأنها تزخر بإطارات وجامعيين ونشاط اقتصادي”. وأكد أن المتوخى من المسار، هو “بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، وليس ديمقراطية واجهة حتى تتبلور فيها إرادة الشعب التي تبقى هي العليا، من خلال منح الصلاحيات للمنتخبين”.
الدولـة ستأخـذ على عاتقها تمويل المدارس
وأشار إلى أن إرادة الشعب تنطلق من الخلية الأساسية للدولة (البلدية)، وبالتالي سنمنحها “صلاحيات أكثر وإمكانيات أكبر”، مع اعتماد نظام خاص لتصنيف البلديات، لأن هناك بلديات بإمكانيات ضخمة وموارد متعددة، وأخرى بإمكانيات ومداخيل مالية أقلّ، نتيجة تراكمات مراحل سابقة، وسيستفيد النوع الثاني من الدعم أكثر والمرافقة اللازمة من خلال قانون البلدية الجديد، في سابقة من نوعها.
وأفاد الرئيس تبون، بأنه لا يمكن المواصلة في معاملة البلديات بنفس النهج، لأن التي لا تملك وسائل وعائدات كبيرة “لا يمكن تكليفها بما يفوق إمكانياتها، وستذهب إليها مساعدات دولة”، بما يسمح لمن انتخبهم الشعب بتطبيق برامجهم. معلنا بأن الدولة ستأخذ على عاتقها تمويل “التكفل بالمدارس” وهي المهمة التي أثقلت كاهل البلديات طيلة السنوات الماضية.
وبخصوص قانون الولاية الجاري إعداده، أكد رئيس الجمهورية، التوجه نحو منح صلاحيات التسيير لرئيس المجلس الولائي، قائلا: “حان الوقت لكي يشارك المجلس الشعبي الولائي في التسيير المباشر، ورئيسه سيكون مسيرا وآمرا بالصرف في بعض العمليات” وبهذا “سندخل تدريجيا في النهج الديمقراطي الذي يجعل من المسؤول المنتخب هو من يسير”.
تحصيــل الضرائــب والقـروض البنكيـة
رئيس الجمهورية، فصل في كلمته، في كيفية النهوض بدور البلدية والولاية، خاصة من الجانب الاقتصادي، من خلال دعم الدولة ومرافقتها للبلديات المتواجدة في وضعية صعبة، عبر تقديم مساهمات لها، وتفعيل المخطط البلدي التشاركي، مع تمكينها من اللجوء إلى القروض البنكية لإنجاز المشاريع.
وذكر الرئيس بأن بنك التنمية الريفية استحدث سنوات السبعينيات لهذا الغرض، قبل أن يتحول إلى بنك تجاري، داعيا إلى التفكير في إنشاء بنك “لإقراض الجماعات المحلية”، مع إمكانية اللجوء إلى التعاقد بين القطاعين العام والخاص. وأفاد في السياق، بأن البلدية ليست ملزمة أن يكون لها مصلحة خاصة بالنظافة “إذ بإمكانها أن تمنح عقود امتياز لشركات تتولى عمليات رفع النفايات وصيانة الطرق وهذا موجود في القوانين الحالية ولكن قليل من يعمل به”.
ومن بين الورشات التي يعتزم الرئيس تبون فتحها لتطوير نمط تسيير الجماعات المحلية، هي تقاسم الضرائب بينها وبين الدولة، ما يمنح لها موارد تمكنها من تسيير الشأن العام.
وحرص رئيس الجمهورية على التذكير، بأن كل هذا الجهد ينصب على “توفير المحيط اللائق والعيش الكريم للساكنة”، مشيرا إلى أنه ومع بداية عهدته الأولى، وجد فوارق تنموية شاسعة بين ما سمي آنذاك مناطق الظل ومناطق أخرى، حيث “كان التأخر يقدر بعشرات السنين”، ونظير هذا الحرص أصبح ما يفوق 6.5 مليون جزائري “يعيش بكرامة” في تلك المناطق.
في انتظـــار التقسيـم الإداري الجديـد
رئيس الجمهورية، أمر الحكومة والولاة بمواصلة الاستماع الدائم للمواطنين واتباع أسلوب اإٌقناع، وإشراك المنتخبين، مؤكدا أن التنمية ليس شعارا وإنما “لابد أن تكون حقيقة ميدانية”. وقال، إن هذه الإرادة تمت ترجمتها في بعدها اللامركزي من خلال استحداث ولايات ومقاطعات إدارية جديدة، “في انتظار إعادة التقسيم الإداري الجديد، باشرنا خلق ولايات منتدبة وستكون لها ولايات بصلاحيات كاملة”.
وأكد الرئيس تبون، أن التقسيم المنتظر سيأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية، على أن يتبع بتحسين الموارد المالية من خلال “مخطط تنمية البلديات” الذي وصفه بأفضل استثمار أنجزته الدولة الجزائرية المستقلة.
وجدد الرئيس في المقابل، التأكيد على أن ما ترصده الدولة من أموال معتبرة للجماعات المحلية، تتيح لولاة الجمهورية معالجة كل الملفات المرتبطة بتحسين الإطار المعيشي للمواطن، سيما بالوسط الحضري، ليأمر بإعادة عصرنة عواصم الولايات والبلديات والقضاء على الأوساخ والتسريع بتسوية البنايات غير المكتملة.
استحـداث مناصب الشغل.. أولوية الأولويات
وشدد الرئيس على أن استحداث مناصب الشغل سيكون أولوية الأولويات في المرحلة المقبلة، معلنا عن إخضاع الأمر للمنافسة بين الولايات، وللتقييم السنوي ابتداء من السنة المقبلة. داعيا إلى التفكير في استحداث مناطق للنشاط المهني بالبلديات الأقل مداخيل، بما يمكن أصحاب الحرف، خاصة النساء الماكثات بالبيت، من خلق نشاطهم.ووجه الرئيس تبون تعليماته للولاة، بضرورة تطهير محفظة الاستثمارات المسجلة في إطار القانون السابق للاستثمار، لتتكفل الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار وشباكها الموحد، بدراسة ملفات الاستثمار الجديدة، معتبرا “أن إنعاش النشاط الاقتصادي، رهان أساسي نسعى لكسبه، نظرا لما تملكه البلاد من إمكانيات، وعلى الولاة دعم الاستثمار مهما كان حجمه”.
بقايـا العصابة تروج للدعاية المغرضة لتثبيط العزائم
على صعيد آخر، ذكر الرئيس تبون، ولاة الجمهورية بعدم الإنصات للدعاية المغرضة التي تقف وراءها بقايا العصابة والتي مفادها، أن “من يمضي على المحررات الرسمية سيكون مصيره السجن”، حيث أفاد بأن هؤلاء يعتمدون خطابا مزدوجا، لأنهم وعندما يثبطون عزيمة الولاة يقولون في الجهة المقابلة إن “كل شيء متوقف ولا أحد يطبق البرامج ما أدى إلى توقف المشاريع”.
وقال الرئيس مخاطبا إياهم (الولاة): “السادة الولاة، أنتم محميون.. قلتها أمام الجميع وأعيدها”، مذكرا بإقرار قبول الخطإ الإداري إذا لم يقترن بالفساد، مشيرا بأن الهدف الأسمى “هو إطلاق شعلة نوفمبر حتى نبني البلاد ونوصلها إلى بر الأمان”.
وبخصوص مشاريع التزود بالمياه الصالحة للشرب، أكد رئيس الجمهورية أنها مرتبطة بعمل دائم، مع ضرورة احترام الآجال. وأعلن في السياق، عن استلام 5 محطات لتحلية مياه البحر قبل شهر رمضان، بسعة 300 ألف متر مكعب يوميا، لكل محطة، ما يجعل إنتاجها الشهري يفوق 300 مليون متر مكعب، ومع ربطها بعمق 150 كلم للمدن الداخلية تكون “البلاد قد نجحت في تخفيف آثار الجفاف”.
استلام 5 محطات لتحلية مياه البحر قبل رمضان
وأكد الرئيس تبون، على ضرورة اعتماد نموذج رسكلة المياه المستعملة الذي يمكن من استعادة 30٪ من أصل 1.3 مليار متر مكعب مستعملة يتم إهدارها، ليعاد توظيفها في القطاع الفلاحي والزراعات بمختلف أنواعها.ووجه رئيس الجمهورية، الحكومة والولاة إلى وضع مخطط عمل خاص بالمرحلة المقبلة يتضمن مخرجات اللقاء، على أن يدرس في اجتماع مجلس الوزراء القادم، إلى جانب وضع استراتيجية متعددة الأبعاد في الثلاثي الأول من سنة 2025، تخص مكافحة ظاهر المخدرات والأقراص المهلوسة في أوساط الشباب.
ودعا الرئيس تبون أيضا إلى مواصلة مكافحة ظاهرة البيروقراطية والرداءة التي أضرت كثيرا بالمرفق العام، باعتماد الرقمنة وتجند الجميع، حرصا على راحة المواطن ومن أجل غلق الطريق أمام المغرضين.
قانـون جديـد للأحزاب قريبــا
في سياق آخر، أعلن السيد الرئيس عن تحضير نسخة خاصة بقانون الأحزاب، سيتم عرضها على كل التشكيلات السياسية، بداية السنة المقبلة.وقال، إن الأمر يتعلق بقانون “يؤسسه الأحزاب بأنفسهم.. ويلبي رغباتهم”، ليضاف إلى كل الإصلاحات الأخرى والتي من خلالها “نكون قد رفعنا الدولة إلى الطريق الصحيح ونقضي نهائيا على الأعراض التي أدت إلى كل الانحرافات السابقة”.