عهدة ثانيــة من أجل جزائر منتصرة.. واستكمـال مسـيـرة البنـاء
رهانات وتحديات المرحلة القادمة..تقوية اللحمة الداخلية وإسماع كلمة الجزائر دوليا
مواصلة القرارات الثورية والإجراءات الجريئة خدمة للمواطنين اجتماعيا واقتصاديا
جدد الجزائريون، يوم 7 سبتمبر 2024، الثقة في شخص السيد عبد المجيد تبون رئيسا للبلاد لعهدة رئاسية ثانية، ليقود الجزائر في مرحلة جديدة، تحتاج إلى قيادته القوية وحكمته البالغة وصراحته وجرأته ورؤيته الاستراتيجية، لمعالجة التحديات الداخلية والخارجية، خاصة وأن هذه المرحلة تحمل رهانات كبيرة تتعلق باستكمال بناء دولة قوية مستقرة، عن طريق تقوية الاقتصاد الوطني، تعزيز الجبهة الاجتماعية، ترسيخ الديمقراطية، تقوية الجبهة الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية وتحسين العلاقات مع الدول الأخرى.
الفوز الكاسح للمترشح الحر، الرئيس عبد المجيد تبون، في الانتخابات الرئاسية المسبقة، بعهدة جديدة، في انتظار ترسيم النتائج من قبل المحكمة الدستورية، استمرارا للسياسة التي انتهجها خلال فترته الرئاسية الأولى التي عرفت تحولات سياسية واقتصادية كبيرة، حيث عمل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون على خلق توازن بين تلبية مطالب الشعب وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، عن طريق إطلاق جملة من الإصلاحات، بدأت بتعديل الدستور بهدف تعزيز النظام الديمقراطي، وتنويع الاقتصاد الجزائري بعيدا عن الاعتماد الكبير على عائدات المحروقات (النفط والغاز)، عبر تشجيع الاستثمارات الكبرى في قطاع الفلاحة والصناعات الصغيرة، وتقديم المزيد من التسهيلات والحوافز للمستثمرين، كما أطلق العديد من المشاريع التنموية في مختلف المناطق لتعزيز البنى التحتية وخلق فرص العمل، مثل مشاريع السكن، الطرق والسكك الحديدية والمناجم.
نحو مزيد من المكاسب والنجاحات
هذه الخلفية المهمة تضع البلاد أمام تحديات كبيرة تستدعي استمرارية في تنفيذ الاستراتيجيات الجريئة والمبتكرة، لتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات، في مختلف القطاعات.
ففي مجال الاقتصاد، لاتزال الجزائر تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز، وهذا ما يجعلها -بحسب خبراء اقتصاديين- عرضة لتقلبات أسعار الطاقة العالمية، لذا فإن الرئيس تبون سيواصل العمل على تنويع الاقتصاد من خلال استمرار دعم القطاعات المنتجة مثل الزراعة، الصناعة والسياحة، وتشجيع الابتكار وتطبيق سياسات حديثة لجذب المستثمرين ومواصلة تحسين مناخ الأعمال الذي يعتبر أحد التحديات الرئيسية لزيادة الناتج المحلي الإجمالي، ويتبوأ الاقتصاد الوطني المراتب الأولى ضمن أقوى الاقتصاديات الإفريقية.
وتحتاج الجزائر، وفق خبراء، إلى استراتيجية واضحة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، من خلال مكافحة البيروقراطية وتبسيط القوانين وتعزيز الشفافية.. هذه الإجراءات ستساهم في تنمية القطاع الخاص وتحفيز النمو الاقتصادي.
ومع استمرار التحديات الاقتصادية العالمية، ستواجه بلادنا تحدي مواصلة تخفيض معدلات البطالة في أوساط الشباب، وتحسين مستوى المعيشة. وتتطلب هذه المسألة استراتيجيات فعالة وخططا تنموية طموحة. ويرى مراقبون أن السياسات يجب أن تركز على الاستمرار في خلق فرص العمل، وذلك من خلال الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير التكوين والتعليم اللازمين.
ولعل أكبر رهان اجتماعي يريده الجزائريون، مواصلة المكتسبات العديدة المحققة خلال العهدة الأولى وتحسين المستوى المعيشي أكثر، بالإضافة إلى تحسين الخدمات العامة مثل التعليم، الصحة والنقل، برفع المنح الاجتماعية من خلال زيادات أخرى في الأجور، ومنح البطالة ومعاشات المتقاعدين، وهو ما التزم به الرئيس تبون، مرارا وتكرارا، وأوفى بعهده من خلال قرارات ثورية وإجراءات جريئة، إلى جانب تحقيق العدل والمساواة في التنمية عبر جميع الولايات، عن طريق ضخ أموال للجماعات المحلية من خزينة الدولة لتسجيل مشاريع تدعم التنمية المحلية، وهذه في مجملها سجلها الرئيس تبون في خطابه الانتخابي، وأكد أنه سيحرص على الوصول بها إلى الحلول التي تكون في صالح الجزائريين.
التزامات تحققت وعهود ستتحقق..
ولقد تعهد الرئيس تبون، في حملته الانتخابية التي نشطها تحت شعار «من أجل جزائر منتصرة»، باستحداث 450 ألف منصب شغل جديد وإنجاز مليوني وحدة سكنية بمختلف الصيغ، إلى جانب رفع الأجور والعلاوات والمنحة الجامعية، بالإضافة إلى تخصيص منحة للمرأة الماكثة في البيت وتعزيز القدرة الشرائية للمواطن، كما تعهد أيضا بخلق 20 ألف مشروع استثماري تشمل عديد المجالات، مع تقديم «التسهيلات اللازمة من عقار وقروض بنكية لتمكين الجزائر من التقدم والازدهار وخلق مناصب عمل جديدة».
ولأن انتخاب الرئيس تبون لعهدة رئاسية جديدة، يأتي في وقت يتطلع فيه أغلب الجزائريين، والطبقة السياسية، إلى مواصلة الإصلاحات السياسية، ينتظر استكمال إصلاح القوانين الخاصة بالأحزاب والمجالس المحلية والولائية. وقد التزم في حملته الانتخابية بمراجعة التقسيم الإداري واستحداث ولايات جديدة، لاسيما وأن الجزائر، مثلما قال، «لديها ولايات بمساحة دول أجنبية». وتعهد كذلك بمراجعة قانون البلدية لوضع «الإمكانات أمام الشباب المنتخبين» وإعادة النظر في قوانين أخرى، بهدف «تسيير البلاد وفق نظرة استشرافية تحسبا لارتفاع عدد السكان مستقبلا ومن أجل تفادي مختلف الأزمات وتسيير شؤون البلاد بسلاسة».
وسبق لرئيس الجمهورية أن خاض معركة ضد الفساد، واسترجع ثقة الشعب في مؤسسات الدولة وفي الجهاز التنفيذي، وهذا المسعى جزء مستمر في برنامجه للعهدة الرئاسية الجديدة.
ويرى مراقبون، أن اتخاذ مواقف حازمة ضد الفساد، بتطبيق صارم لإجراءات تعزيز الشفافية والمساءلة في المؤسسات الحكومية، ضرورة لابد منها، خاصة وأن الجزائر قطعت في هذا المجال أشواطا مهمة استطاعت استعادة جزء من الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج، ومحاكمة أطراف كانت في السلطة تورطت في قضايا فساد.
لا تراجع عن دبلوماسية الأسياد..
من جهة أخرى، تعتبر السياسة الخارجية ركيزة أساسية في برنامج الرئيس تبون. وقد التزم بتعزيز دور الجزائر كقوة إقليمية والعمل على تعزيز علاقات التعاون مع الدول العربية والإفريقية والدول الغربية، والعمل على تعزيز التعاون معها في مجالات الاقتصاد، التجارة والأمن، وهو ما برز في السنتين الأخيرتين من فتره ولايته الأولى، حيث وضع صندوق النقد الدولي الجزائر في المرتبة الثالثة، ضمن أهمّ اقتصاديات إفريقيا، برسم عام 2024، بعد جنوب إفريقيا ومصر، متجاوزة نيجيريا التي جاءت هذه المرة في المرتبة الرابعة.
وبحكم أن الانتخابات الرئاسية المسبقة، جرت في سياق دولي بالغ التوتر والاضطرابات وتنامي الاستقطابات، في إطار رسم النظام الدولي الجديد، سبب تعقيدات سياسية واقتصادية وأمنية مرتبطة بتوسع بؤر التوتر والصراع الدولي، وتطور لافت للأزمات الإقليمية في المنطقة الإفريقية، على غرار ليبيا ومالي والنيجر، فإن الرئيس تبون يدرك تماما أهمية هذه التحديات والرهانات في محيطنا الإقليمي والدولي المعروفة تداعياتها على أمن واستقرار الجزائر.
وفي السياق، سيواصل الرئيس تبون جهود الجزائر في تعزيز دعائم السلم والاستقرار إقليميا ودوليا، ويقود المبادرات الرامية لإيجاد حلول سياسية توافقية للأزمات التي تعرفها دول الجوار، بعيدا عن التدخلات الأجنبية وحفاظا على سيادة هذه الدول. وقد تعهد بمواصلة مساعي رفع الظلم التاريخي عن القارة الإفريقية، والحصول على منصب دائم بمجلس الأمن، ودعم القضايا العادلة في العالم، وفي مقدمتها القضيتان الفلسطينية والصحراوية، وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بنفسه، وفقا للشرعية الدولية. كما التزم بمواصلة الدفاع عن دولة فلسطين حتى تصبح كاملة العضوية في هيئة الأمم المتحدة.
العهدة الرئاسية الثانية للرئيس تبون، تمثل فرصة لتنفيذ رؤية تتطلع إلى تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في الجزائر، وتحقيق ذلك يتطلب جهدا مركزا وبرنامجا فعالا لمواجهة التحديات المطروحة.