اختتمت، أمس، الأيام الدراسية التي نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتجية الشاملة حول «الأمن الغذائي من المصطلح إلى التنفيذ: الوضعية الحالية، التوجهات والتحديات الأمنية»، بعد نقاش مستفيض ومعمق، سلط الضوء على مفاتيح تمكن من تجاوز الضعف والانكماش والاستغلال الأمثل للقدرات والإمكانات ولأحدث التكنولوجيات.
حول «البحث العلمي والإبداع: ناقلات السيادة الغذائية المورد البشري في البحث العلمي»، قالت البروفسور كاميليا آيت يحي، أنه يسجل 50 مشروع بحث لكل قطاع. وعلى سبيل المثال بمجال الأمن الغذائي، يفتك حصة بـ50 مشروع بحث. وذكرت أن الجزائر تحتل المرتبة السابعة إفريقيا والخامسة عربيا في البحث العلمي، حيث تتوفر على 111 مؤسسة للبحث والتعليم و1600 مخبر، مع 26 مركز بحث و108 مخبر بحث علمي في المواد الغذائية و7300 مركز بحث في مختلف المجالات. وشددت على ضرورة إيجاد متعاملين اقتصاديين واجتماعيين، يثقون في المشاريع البحثية التي تتعلق بالموارد الغذائية، معترفة أنه أحيانا لا يتوفر تمويل للمشاريع البحثية في مجال الغذاء، حيث تمول على سبيل المثال 10 مشاريع فقط من بين 50 مشروعا.
400 باحث بالمجال الغذائي فقط
من جهته البروفسور موحوش إبراهيم، أكد أن الجزائر تتواجد بمنطقة مناخها متقلب وجاف، حيث تدفع الفاتورة المناخية، لأن 87٪ من مساحتها صحراوية. وحاول تشريح أسباب الأزمة ما بين الباحث ومن يطبق نتائج البحث، وتطرق إلى دور التكنولوجيا في عقلنة استغلال الموارد المائية، مقدرا حجم الموارد المائية التي يتم تضييعها سنويا بنحو 17 مليار متر مكعب. ودعا المستهلك للتقليل من تضييع الماء وكذا القضاء على التسربات المائية، وفي حالة تطبيق التكنولوجيا أفاد بأنه سيرفع من حجم القدرات من 30 إلى 40٪.
في حين اعترف الخبير عبد الحق كبيش، بأن الإمكانات متوفرة بالجزائر ويمكن تطويرها. علما أن ما يناهز 19 مليار متر مكعب من الموارد المائية قابلة للتجنيد، وأنه يحتاج إلى توفير 100 ألف متر مكعب لكل 1 هكتار للري الفلاحي، ويتوقع أن يرتفع الطلب في آفاق عام 2030. علما أنه يحتاج حاليا 10 ملايير متر مكعب للاستعمال اليومي. وتأسف أنه يخصص 420 متر مكعب لكل ساكن جزائري سنويا. ولم يخف أن الرقم بعيد عن الذي حددته المنظمة العالمية للصحة والمتمثل في 1000 متر مكعب لكل ساكن، واقترح تجنيد موارد جديدة، من بينها المياه المستعملة التي يقدر حجمها بحوالي 1.2 مليار متر مكعب، ولو تستغل الجزائر النصف فإنها ستوفر مواردَ مائية بحجم ما يتوفر في سد كدية أسردون.
من جهة أخرى، راهن الخبير فريد حروادي على الحوكمة وبلورة البحوث والاهتمام بالباحثين وإيلاء أهمية بنتائج بحثهم. وأثار العديد من الإشكاليات ووقف على العراقيل التي تحول دون ترقية القطاع الفلاحي والاستغلال الجيد والصحيح للموارد المائية. وتأسف لكون عدد الباحثين في المجال الفلاحي والغذاء بالجزائر لا يتعدى 400 باحث علمي، بينما في فرنسا يصل هذا الرقم إلى 14 ألف باحث.
حماية الثروة الفلاحية أولوية
ودافع الخبير مراد بلكحلة، عن التحرك السريع للحفاظ على الموروث الفلاحي، ووضع استراتجية وطنية للبحث العلمي، محذرا من وجود تهديدات للموروث الفلاحي والموارد الفلاحية التي قال إنها تأثرت بالتغير المناخي والمحيط، بهدف ضمان ديمومة النظام الفلاحي، لأنه يعتقد وجود رهانات لتأمين وحماية الأراضي الفلاحية، مقترحا إرساء إطار قانوني للتبادل مع الدول الجيران في الثروة الحيوانية من أجل التنوع، والبداية يرى أنها تبدأ من حماية الأراضي الفلاحية وعملية مسح للثروة الحيوانية والقيام ببحوث حول ذلك.
واقترح الخبير بلكحلة، أرساء إستراتجية وطنية للبحث العلمي، يتم فيها تطوير الثروة الحيوانية وتحسين الأراضي الفلاحية، مع أهمية استحداث بنوك محلية وتثمين الثروة، مشترطا الخبرة التقنية لتحقيق الأمن الغذائي واعتبرها ملفا يجب أن تتكفل به السلطات العمومية حتى البحث العلمي يلبي الاحتياجات، مع إشراك عدة وزارات في العملية، من أجل تحسين بنك الثروة الحيوانية في ظل غياب أرضية تقنية لتستوعب تحويل التكنولوجيا، رغم توفر الإمكانات.
أما الخبير رشيد عنان، اشترط الارتكاز على البحث العلمي والابتكار والتطوير في المواد الغذائية، وتناول الصيد البحري وتربية المائيات أنموذجا، حيث أوضح علاقتها بالأمن الغذائي والصحي، كونها مصدرا هاما للبروتين الحيواني والنباتي وموردا متاحا لتطوير الصناعات الغذائية وكذا يعد طاقة لتحريك الصناعة الصيدلانية والتحويلية عبر استغلال الموارد البحرية من أسماك ونباتات، لأنها تحتوي على دهون غير مشبعة، جد صحية.
الطلب على الغذاء يرتفع سنويا 1,9٪
وفوق ذلك، أكد الخبير أن المنتجات المائية مورد هام للأسمدة لتحقيق منتجات عضوية ذات علامة «بيو». ومن الجانب الاقتصادي، ذكر أنها ترفع من إنتاج الفلاح من 10 إلى 20٪، مع اقتصادها للأسمدة واقتصاد التحويل من الأسمدة الصناعية إلى الفلاحية. وقال في سياق آخر، إن حصة الفرد المحددة من طرف منظمة الأغذية العالمية من الأسماك سنويا، تتراوح بين 6,5 و7 كلغ، وقال إن الفرد في مصر يستهلك 20 كلغ، وفي دول أوروبية تصل الكمية التي يتناولها الفرد 11 كلغ سنويا، في حين بالجزائر يستهلك الفرد سنويا 3,5 كلغ. وقال الخبير عنان، إنه لا يمكن اصطياد أكثر من 120 ألف طن من الأسماك في السنة، لأن الثروة السمكية في البحر المتوسط محدودة، والحل يعتقد أنه يكمن في الأحياء المائية وتربية الأسماك، حيث أشار أنه منذ 10 سنوات بدأت بالجزائر، مثل هذه المشاريع واليوم تتطور، وبدا متشائما عندما قال: مؤشرات الأمن الغذائي في السمك ضعيفة، على خلفية تسجيل 100 ألف طن من صيد الأسماك في الجزائر، و50 ألف طن مستوردة، وتطرح في السوق نحو 5134 طن من تربية المائيات، أي في المياه البحرية والعذبة. والقيمة المضافة للأسماك أشار أنها تمثل 10 ملايير دولار، وتوقع أنه في آفاق عام 2030 سيتضاعف إنتاج الأسماك في ظل تسجيل 12 محطة تجريبية ومزرعة ومركز بحث في الصيد وتربية المائيات.
وخلص الخبير إلى القول، إن الأمن الغذائي يكمن في الاستصلاح السمكي، لأنه يسجل مؤشرات استدامة هشة، كون تأمين المدخرات يتم عبر الاستيراد. علما أن الزيادة في الطلب على الغذاء يزداد 1,9٪ سنويا.
وفي ظل غياب القنوات لترقية الابتكار، دعا الخبير عنان إلى تكثيف الإنتاج بأساليب بيولوجية واستعمال أقل للماء، مع تنويع الأقطاب السمكية واستحداث خلية يقظة للأمن الغذائي، مع تأهيل الموارد البشرية الناشطة في مخابر الجودة.
خبراء في ندوة الأمن الغذائي:
استحداث خلية يقظة وتمويل أكبر للبحوث العلمية
فضيلة بودريش
شوهد:317 مرة