التقى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء الأربعاء، بروما، بممثلين عن الجالية الجزائرية المقيمة بإيطاليا.
وبالمناسبة، أكد رئيس الجمهورية أن برمجة هذا اللقاء مع الجالية في مستهل زيارته، جاء حرصا منه على الاستماع لانشغالات أفرادها وتطلعاتهم، وتأكيدا على أهمية إشراكهم في المسار التنموي والاقتصادي الذي تشهده البلاد.
وثمن الرئيس تبون في هذا السياق، مبادرة إنشاء اتحاد الجزائريين المقيمين بإيطاليا، معتبرا أنها ستكون «قوة اقتراح» في كل المجالات.
ولدى تطرقه للعلاقات التي تربط البلدين، أشاد رئيس الجمهورية بالمواقف التاريخية المشرفة لإيطاليا تجاه الجزائر، لاسيما خلال ثورة التحرير، مستذكرا دعم انريكو ماتيي الذي وصفه بالصديق «فوق العادة».
وأضاف، أن العلاقات التي تجمع الجزائر بإيطاليا متينة ومن أقوى العلاقات العربية-الأوروبية في منطقة الحوض المتوسط.
كما أن إيطاليا -يضيف الرئيس تبون- ساندت الجزائر في أصعب الظروف التي مرت بها، بما في ذلك في فترة التسعينيات.
وقال في هذا الصدد: «لما دخلت الجزائر في نفق مظلم ودموي في سنوات التسعينيات، لم نجد إلى جانبنا إلا إيطاليا. فرض علينا حصار جوي قوي، وبري، وكانت الشركة الوحيدة التي كسرت الحصار هي أليطاليا».
وذكر الرئيس تبون أيضا، بدعم إيطاليا المالي للجزائر في أزمتها المالية بداية التسعينيات، مذكرا بمواقفها عندما عجزت الجزائر عن تسديد ديونها تجاه صندوق النقد الدولي، ولم يتبق في خزينتنا سوى 300 مليون دولار، من خلال فتحها خطوط إئتمان جعلت الجزائريين لا يشعرون بالعزلة».
تعزيز الشراكة في مجال الغاز
وحول العلاقات الاقتصادية مع إيطاليا، لفت الرئيس تبون إلى أهمية الجزائر كممون رئيسي بالغاز للسوق الإيطالية.
وصرح في هذا الإطار: «الجزائر هي ثاني ممون بالغاز للسوق الإيطالية»، مضيفا بقوله، «نسعى لتعزيز الشراكة مع إيطاليا للقيام باكتشافات أخرى، لكي ترتفع الكميات الموجهة لها ولكي تصبح الموزع لهذه المادة في أوروبا».
كما أكد أن البلدين سيواصلان الاستثمار في الصناعات العسكرية والبحرية والإلكترونية.
وتشكل المؤسسات الناشئة أيضا، أحد محاور التعاون الذي تصبو إليه الجزائر مع إيطاليا، حسب الرئيس تبون، الذي كشف بأن الطرف الإيطالي اقترح على الجانب الجزائري الاستفادة من مرافقة وتمويلات الصندوق الإيطالي الخاص بالمؤسسات الناشئة والذي يحتوي على 3 ملايير دولار.
وعلاوة على ذلك، يمكن للجزائر أن تستفيد من التجربة الإيطالية فيما يتعلق بالقضاء على الاقتصاد الموازي، والذي تقلص في إيطاليا من معدل 70٪ بعد الحرب العالمية الثانية إلى 15٪ حاليا.
واعتبر أن هناك آفاقا واعدة للشراكة الاقتصادية بين البلدين، قائلا: «لا يوجد هناك حواجز بين الجزائر وإيطاليا. نحن نتوافق في عدة ميادين ونصبو إلى تقوية الشراكة الاقتصادية في عدة مجالات، على غرار صناعة السفن والطيران والصناعات الخفيفة مثل الصناعات الغذائية والأثاث».
وردا على انشغالات وتساؤلات ممثلي الجالية الوطنية بإيطاليا، دعا الرئيس تبون المتعاملين الجزائريين إلى إنشاء مشاريع مع نظرائهم الإيطاليين، مشيرا إلى أن الجزائر توفر كل التسهيلات الضرورية لتحقيق ذلك.
وقال أيضا، في صدد ذي صلة: «ليس هناك مانع لإنشاء بنك جزائري-إيطالي لمساعدة الجالية الموجودة بأوروبا لتحويل الأموال بطريقة قانونية، ولإنشاء مؤسسات مختلطة جزائرية-إيطالية، بما في ذلك في مجال الجيوفيزياء».
كما دعا الباحثين الجزائريين المتواجدين في إيطاليا، إلى إنشاء جمعيات وربط الاتصال ببلادهم لنقل المعرفة المكتسبة في الخارج والمساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني.
وأبرز، في هذا الإطار، بعض الإنجازات المحققة في مجال التكنولوجيات الفضائية، حيث أصبح لدى الجزائر ثلاثة أقمار صناعية وتسعى إلى صناعة أربعة أقمار أخرى. «حان الوقت لتجسيد مشاريع حقيقية في مجال البحث العلمي والأبواب مفتوحة للجميع»، يقول الرئيس تبون.
١عصابات منظمة وراء الهجرة غير الشرعية
وخلال اللقاء، تطرق رئيس الجمهورية كذلك إلى ظاهرة الهجرة غير الشرعية، مؤكدا أن الجزائر تسعى بكل الوسائل لحراسة الحدود والشواطئ ومحاربة منابع تغذية هذه الظاهرة.
وأشار الرئيس تبون، إلى وجود عصابات منظمة تقوم بتجنيد الناس للهجرة غير الشرعية من أجل جمع المال، من خلال تقديم وعود كاذبة للشباب وإيهامهم بأنهم سيجدون جنة خارج وطنهم. وتأسف لوقوع بعض المواطنين فريسة لهذه العصابات.
وفي معرض حديثه عن جهود الجزائر في محاربة هذه الظاهرة، أشار رئيس الجمهورية لتصريحات وزير داخلية دولة «متقدمة»، إدّعى فيها أن 7000 مهاجر جزائري غير شرعي يتواجدون في بلاده، مع أن العدد الحقيقي لا يتجاوز 200 مهاجر جزائري.
وأكد الرئيس، أن الهدف من هذه التصريحات هو المساس بسمعة الجزائر.
كما أبرز في ذات الإطار، جهود الدولة في التكفل الاجتماعي بالمواطنين، إذ أنه «في الوقت الذي نجد فيه الكثير من الدول منشغلة بالبحث عن توفير مادة الخبز لسكانها، تستمر الجزائر في توزيع السكنات».
وأشار تبون إلى مكانة الجزائر المتقدمة ضمن التصنيف الدولي في مجال التغذية في العالم، حسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للتغذية، فضلا عن نسبة الربط بالكهرباء التي تفوق المعدل العالمي وشبكة الغاز التي تمتد إلى أعالي جبال جرجرة والونشريس والأوراس، والعدد الهائل من المدارس التي شيدت في كل مكان من الوطن.
كما ذكر بجهود الدولة في قطاع التعليم، حيث أن هناك 12 مليون تلميذ جزائري يزاولون الدراسة في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، إضافة إلى 1,7 مليون جامعي.
ومن بين المشاريع الأخرى التي تم تجسيدها في الجانب الاجتماعي، أشار الرئيس إلى تأسيس منحة البطالة كشبه راتب شهري في الجزائر التي تعتبر البلد الوحيد في المنطقة الذي يمنحها.
وبعد أن أكد بأن الهجرة «رغبه إنسانية تتعامل معها الدولة بكل لطف ومرونة»، دعا الرئيس الجزائريين والجزائريات إلى «المساهمة في تطوير بلادهم أينما وجدوا».