قال الدكتور فؤاد جدو في حديث لـ «الشعب»، إنّ الصيام يعتبر من أعظم العبادات التي يقوم بها الإنسان لما له من فوائد كبيرة، من حيث الجانب النفسي والروحي التي ترقى إلى درجات الصفاء والنقاء وأيضا الجانب الجسدي، مؤكّدا أنّ الصيام محطة لإراحة أجسامنا مما تناولناه خلال 11 شهرا، وننظف الأعضاء الرئيسية كالكبد والكلى والجهاز الهضمي، إلا أن هناك بعض الأمراض التي قد تمنع الإنسان من الصيام، وهذا لحكمة وهي الحفاظ على النفس، وهذا من بين أهداف الإسلام، فجاءت رخصة الإفطار، حتى لا يهلك الإنسان من به مرض خطير أو مانع.
فصل الدكتور جدو في بعض الأمراض من بينها داء السكري، وأشار إلى أن فيه نوعين، النوع الأول والذي يكون مصاحب للشخص منذ الصغر أو في مرحلة الشباب، حيث يتميز بتوقف أو عدم قدرة البنكرياس على طرح الأنسولين وبالتالي يحتاج الشخص إلى العلاج القائم على حقن الأنسولين والنوع الثاني وهو المريض الذي يصاب بالسكري في سن متقدمة أي يحتاج إلى أدوية منظمة للسكر أو حمية غذائية، وهناك من يستعمل الاثنين أي الأدوية والمقصود الحبوب والأنسولين مع بعض.أما عن مرضى السكري النوع الأول، فيمنع عليهم الصيام لأنهم في حاجة إلى الأكل لأنهم معرضون لانخفاض السكر، مما قد يفقدهم حياتهم أو يتعرضون إلى الجفاف نتيجة للإجهاد وبالتالي لا بد من شرب الماء، وهذا لتجنب حالات الغيبوبة لذلك فمسالة الصيام ممنوعة بشكل أساسي، إلا أن مرضى السكر بكل أنواعه لا بد عليهم من مراجعة الطبيب المعالج قبل حلول شهر رمضان، والذي يمكنهم من السماح أو لا، حسب التحاليل ونتائجها وحالة المريض.بالمقابل يسمح للمصابين بالنوع الثاني من السكري بالصيام إذا كانت حالتهم تسمح بذلك بعد استشارة الطبيب ولا بد أن يكون سكرهم متوازنا، كما يجب عليهم مراقبة نسبة السكر أثناء الصيام وقبل الفطور وبعد الفطور بساعتين وفي السحور لمراقبة السكر في الدم، وفي حالة انخفاض السكر أو الإحساس بدوخة أو وهن، فعلى المريض الإفطار فورا حتى لا يدخل في غيبوبة تكلفه حياته.
وبالنسبة لحالات الحمل والرضاعة، فقال الدكتور فؤاد جدو إن المنع فيها ليس مطلقا، بل يعود لتقدير حالة الحامل والمرضعة من طرف الطبيب المعالج، حيث أن الحامل في الأشهر الثلاث الأولى تعاني من أعراض الحمل والوحم، مثل التقيؤ وآلام في المعدة والفشل والوهن وبالتالي قد تعاني من التعب وهذا ما يعطيها مبررا للإفطار، حتى لا تتأثر صحتها وصحة الجنين طبعا بعد مراجعة الطبيب المعالج، لكن كل الدراسات أثبتت أن الصيام في عمومه لا يؤثر على المرأة الحامل، إلا إذا كان لديها أمراض أو مشاكل صحية يحددها الطبيب المعالج.
أما في الأشهر الأخيرة من الحمل، فهي ترجع لتقدير الطبيب كما قال محدثنا، فإذا كانت حالتها مستقرة وحالة الجنين طبيعية سمح لها بالصيام وإذا كانت تعاني من أمراض أخرى أو حالة الجنين ضعيفة، وتحتاج إلى غذاء وأدوية فهي لا بد لها أن تفطر، نفس الشيء بالنسبة للمرضعة، حيث كما نعلم أن فترة الصيام تقل السوائل والغذاء التي تشكل الحليب، مما يجعله أقل وهذا قد يؤثر على حاجة الطفل، وإن كان الإرضاع للطفل أقل من ستة أشهر، ففي الغالب يمنع على المرضعة الصيام لحاجة الطفل للحليب بكميات كبيرة، خاصة إذا كانت الرضاعة طبيعية، أما إذا كانت مختلطة فيمكنها الصيام وبعد بلوغه ستة أشهر، يمكنها الصيام وحسب حالتها وحالة الطفل طبعا.
وفيما يتعلق بالأمراض الباطنية والداخلية، أكد الدكتور فؤاد جدو أن هناك بعض الأمراض التي يمنع فيها الصيام، وأولها السرطانات التي تصيب الجهاز الهضمي بأكمله ومهما كان موضعه، مثل سرطان المعدة أو الكبد والبنكرياس والقولون وغيرها لأنهم يحتاجون لتناول الأدوية والغذاء، وبالتالي فالصوم ممنوع عليهم.أيضا مرضى قرحة المعدة الحاد، وهؤلاء في الغالب الطبيب المعالج يمنع عنهم الصيام لأنهم بحاجة للدواء، وأن يتناولوا وجبات على فترات زمنية، حتى لا تحدث الآلام في المعدة وتزيد القرحة وتطول مدة الشفاء أو قد يحدث نزيف، وبالتالي فالطبيب هو الذي يحدد عموما حسب حالة القرحة.أيضا تليف الكبد، من بين الأمراض التي تمنع الصيام، وهذا لأن الكبد في هذه الحالة لا يستطيع أن يؤدي وظائفه، وقد يصاب صاحبها في حال الصيام إلى انخفاض نسبة السكر، ويسبب غيبوبة ويتوفى لا قدر الله، وبالتالي الطبيب المعالج يمنع الصيام على أصحاب التليف الكبدي.
كذلك المصابين بالتهاب البنكرياس الحاد يمنع عليهم الصيام، وهم يحتاجون إلى العلاج والدواء والسوائل، وبالتالي يمنع عليه الصيام حتى لا تتعقد حالتهم.مرض قصور الغدة الكظرية وهي غدة تقع فوق الكلى، ولها وظائف أساسية في جسم الإنسان، من أهمها تنظيم الماء في جسم الإنسان وفي حال اختلال هذه الغدة، قد يمنع الطبيب المعالج صيام المريض المصاب بقصور الغدة الكظرية. وتطرق الدكتور جدو إلى بعض أمراض الكلى مثل الحصى في الكلى، مشيرا إلى أن الصيام قد يسبب جفاف الجسم ونقص السوائل، مما قد يزيد من ألم في الكلى، ونفس الشيء بالنسبة للالتهابات التي تصيب المسالك البولية والكلى، فالطبيب المعالج هو المحدد هل يصوم أم، لا لكن في الغالب يمنع الصيام حتى يشفى المريض لحاجته للدواء والسوائل، أما أصحاب الغسيل الكلوي فهم أيضا يمنع عليهم الطبيب الصيام.
وعن أمراض القلب، قال المتحدث إن هناك بعض الأمراض التي يمنع فيها الطبيب الصيام، مثل أصحاب قصور القلب أو من لديهم احتشاء عضلة القلب أو الذبحة القلبية، أين يحتاج المريض لتناول دوائه بشكل منتظم حتى لا تتعقد حالاتهم.
وأضاف أيضا أن هناك حالات أخرى لا يستطيع المريض أن يصوم فيها مثل من يخضعون للاستشفاء من عمليات جراحية أو متابعة أمراض بأنواعها أين يخضع المريض لعلاج بالمحاليل «السيروم» وأدوية ومتابعة مستمرة، مؤكدا أن هذه أهم الحالات التي يمنع فيها الصيام أو لا يقدر فيها المريض على الصيام والتي يحددها الطبيب المعالج، وله صلاحية تقدير الحالة وهل يمنع منعا مطلقا أو مؤقتا، وبالتالي يجب على المريض مراجعة طبيبه وتقدير حالته، ويأخذ برخص الله للحفاظ على حياته وصحته.