طائرات بلا طيار وصواريخ تدك عمق الكيان الصهيوني

المقاومة تفاجئ العدو بتكتيك حربي جديد

فنيدس بن بلة

أسلحة صنعت تحت الحصار

قدم الدكتور عمار طالبي، نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ورئيس لجنة إغاثة غزة، والدكتور عيسى بن مكي، المختض في الأنثربولوجيا السياسية، قراءة في ما يشهده العالم العربي الإسلامي من اضطرابات واختلالات، ضربت في العمق العمل المشترك والقرار الموحّد تجاه تحديات الظرف.

وأعطى المحللان في نقاش مفتوح بمنبر “ضيف الشعب”، أمثلة عن ما تعرفه غزة المحاصرة المكافحة الجريحة، من عدوان إسرائيلي وحشي مصمّم على تدمير الأرض الفلسطينية ومن عليها، بادّعات واهية ظلت تروّج على الملإ ضمن سياسة الهروب إلى الأمام والمخادعة، هدفها الوحيد تمديد الاحتلال لفلسطين والتنصّل من الالتزامات والاتفاقات الموقعة بأوسلو ومدريد وغيرها.
وزاد في تشجيع إسرائيل على العدوان وارتكاب جرائم تحدّت ما زعمته عن “الهولوكوست”، التشتت العربي والإسلامي، وانغلاق كل دولة وراء حسابات ومصالح، بل الكثير منها متورط في الجريمة التي تستهدف القضية المركزية، جوهر الصراع في الشرق الأوسط.
يظهر هذا جيدا في بروز ما يعرف “بالربيع العربي” ومواصلة حركات تدّعي الشرعية في التغيير والاستحواذ على الحكم، مهما كلفها من ثمن. وتنامي حركات أصولية ترى نفسها أهلا من غيرها في الدعوة إلى الدين الإسلامي الصحيح حتى باعتماد العنف وتكفير الآخر، بالرغم من سماحة الديانة الإسلامية وقيامها على مبدإ التعايش والجدل بالتي هي أحسن، بعيدا عن الغلوّ والتطرف تطبيقا للقاعدة المقدسة “لا إكراه في الدين”.
تحدث عن هذا مطولا، الدكتور عيسى بن مكي، مرافعا للتدقيق في المصطلحات وفهمها كما يجب قبل، قبل الغوص في كبريات الأمور وصغارها ومجادلة أهل العلم والثقافة والترويج للحكم المطلق والحقيقة الكاملة.
وكشف الدكتور عن حالات كثيرة من النقاشات البيزنطية والجدل العقيم، من قبل الكثير من الناس يدركون أنهم وحدهم مالكين للمعارف والحقيقة ويتهمون الآخرين بالجهل والتكفير أحيانا. تفشت هذه الظاهرة مع بروز نعرات وتيارات تلفظ سمومها عبر فضائيات يدلي من خلالها من يقدمون أنفسهم للمشاهد على أنهم مدركين بأمور الدين متفقهين فيه بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، أدخلت المجتمع الإسلامي في صراعات إيديولوجية وتناحر فكري، زادت في الحراك العربي الإسلامي من جاكرتا إلى تيطوان.
في هذا الجو المشحون بالتناحر والتشبع الفكري المتطرف، بات العالم الإسلامي يهتز تحت التناقضات والشروخ ولم يعد يقوى على مواجهة التحديات والتصدي للأخطار، باتت كل دولة غارقة في مشاكل داخلية منطوية على الذات غير مبالية بتهديدات الجوار والأخطار المحدقة بهذه المجموعة.
في المقابل، أعطت إسرائيل الفرصة الذهبية وزادت غطرستها وهمجيتها وكبرياءها. زادت في ضرب كل متحرك ضدها بدعوى حماية “أمنها القومي” ولم تبال بأحد.
العدوان الهمجي على غزة، المثال الحي. كيف المواجهة في ظل هذا الوضع الثابت والمتغير؟ هل هذه الاعتداءات تزيد في تغيير خارطة المنطقة وتؤثر سلبا على القضية الفلسطينية؟
بالنسبة للدكتور عمار طالبي، فإن هذا العدوان الإسرائيلي يحمل في طياته خطورة على الجيش الإسرائيلي المتمادي في الترويج لنظريات تقول إنه لا يُهزم، وعلى الاستراتيجية الإسرائيلية التي وضعت لتأمين الكيان الصهيوني من أيّ اعتداء أو تهديد خارجي.
بالنسبة للدكتور طالبي، تغيّرت المعادلة الحربية في المنطقة، واختلت كفة المواجهة مع العدوّ من خلال تطبيق المقاومة الفلسطينية نظرية جديدة في الكفاح وإيصال رسالة القضية العادلة إلى العالم المغمض الأعين، المغلوب على أمره، المتنكر للحق الفلسطيني في العودة وإقامة الدولة المستقلة.
لقد فوجئ العدو الإسرائيلي بالمقاومة الفلسطينية الباسلة التي انخرطت فيها مختلف الفصائل، دفاعا عن الأرض والعرض، ولم تكن حماس وحدها في المواجهة، كيّفت المقاومة نفسها مع الظرف وغيّرت وسائل النضال موظفة عتادا حربيا صنعته، وهي تحت الحصار، مستعملة طائرة بلا طيار وصواريخ أذهلت مقرري السياسة الحربية في الدولة العبرية بضربها عمق الكيان الصهيوني وزرع الرعب في مطار “بن غوريون” الذي قيل إنه مؤمّن دوما من أية أخطار وتهديدات.
نجحت المقاومة في توظيف التكنولوجيا الحربية التي صنعتها بنفسها، واستخدمت البحث العلمي في تعدي عقدة الهزيمة المرسخة في الأذهان والمولدة لليأس والقنوط، والممهدة الأرضية لتقبل الواقع كما هو دون تكليف الذات عناء الاجتهاد والثورة عليه، ليس فقط كرد فعل عاطفي، لكن من منطق التغيير ومراجعة الحسابات وأساليب الكفاح. وهي وحدها كفيلة بإقناع العدو بأن هناك شيء تغير وأن الحصار الذي فرضه على القطاع والضفة ولّد شرارة قوة كامنة تنتفض من أجل استعادة الوطن المغتصب والحرية المسلوبة والسيادة المحتلة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024