تداعيات الاعتداء الهمجي، خبراء يؤكدون:

دخينيسة: محاولة إلهاء الرأي العام الدولي عن الصحراء الغربية

فتيحة كلواز

مناس: الجزائر حجر عثرة أمام تحقيق التطبيع

مخطط لـ «صهينة» إفريقيا تنفذه أياد مخزنية

بين دعم الإرهاب وممارسته، تفاصيل مؤامرة تتجلى حقيقتها في تداعيات مخطط صهيوني ينفذ بأيادٍ مخزنية، يحاول يائسا من خلال استفزازات متكررة كان آخرها اعتداء همجي راح ضحيته ثلاثة شهداء جزائريين، استهدف الجزائر.
أجمع مختصون وخبراء في حديثهم مع «الشعب ويكاند»، على استبعاد الرد العسكري على الاعتداء الإرهابي المغربي، لأن الجزائر مدركة لما يحاك ضدها من مؤامرات من أجل جرِّها لمستنقع التطبيع والرضوخ، مؤكدين في نفس الوقت على أداء المخزن دور «لعبة خشبية» تحرّكها مخططات صهيونية للتغلغل في القارة الإفريقية؛ مهمة جعلتها الجزائر مستحيلة، بالنظر إلى ثقلها الإقليمي والجيوـ سياسي في المنطقة.
محاولات يائسة
أكد المختص في القانون الدستوري أحمد دخينيسة (جامعة الجزائر-1) في اتصال مع «الشعب ويكاند»، أن الخلفية المبيتة للاعتداء الإرهابي المخزني على الرعايا الجزائريين الثلاثة، غايتها إثارة اضطراب إقليمي لإلهاء وتوجيه الرأي العام الدولي عن القضية الأساسية قضية الصحراء الغربية. فقد روجت الصحافة المغربية، أن الاعتداء حصل في المنطقة الفاصلة، بينما وقع في المنطقة المحررة، وهو ما أقره تقرير الأمم المتحدة، حيث أكد حدوثه في المناطق المحررة وليس في المنطقة المتفق عليها كمنطقة عازلة.
ويريد المغرب الضغط بنوع من المناورة لإبعاد ملف الصحراء الغربية عن إطاره القانوني، وإخراجه من الأطر النظامية.
أما بالنسبة للجزائر فيعمل المخزن على توتير العلاقات في سلسلة من الأحداث لزعزعة استقرارها، بالتنسيق طبعا مع الكيان الصهيوني، بغية إضعاف الجزائر من خلال خلط الحسابات على المستويين الإقليمي والإفريقي، ما يجعل كل الاستراتيجيات «المخزنية» تتمحور في هذا السياق.
وكشف المتحدث، أن الاعتداء هو واحد من استفزازات بدأت بدخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لخلخلته ومحاولة التشويش على إخراج الصحراء الغربية من عضويته، في محاولة مبيّتة لإضعاف قوة هذه الهيئات وتماسكها، معتبرا أنها حلقة من حلقات قوة الدبلوماسية الجزائرية التي تعمل في إطار منظم والقانون الدولي والمنظمات الدولية.
في حين أن المغرب سلك طريق الدبلوماسية الموازية والسياسات المرتبطة بـ «الفلسفة الصهيونية»، بهدف إثارة اضطرابات، هي سلسلة أعمال تندرج في إطار دعم المخزن للمنظمة الإرهابية «الماك»، وكل المحاولات الرامية لزعزعة استقرار الجزائر وعزلها سياسيا ضمن مخطط صهيوني، كاشفا أنه حلقة من وهم أقنع الكيان الصهيوني المغرب فيه بالتوسع الإقليمي من خلال تضخيمه وإبرازه كفاعل قوي في المنطقة، مستغلا في ذلك الضعف السياسي والاقتصادي للمخزن.
لكن النتائج جاءت عكسية، فبحسب المتحدث عزل المغرب نفسه إفريقيا وفي منطقة المغرب العربي، بل حتى علاقته على مستوى دول البحر الأبيض المتوسط كإسبانيا والدول الأوروبية عامة متوترة، لذلك يحاول أن يستند على الكيان الصهيوني ليمثل امتدادا له. لكن في الحقيقة أثبتت هذه الإستراتيجية أنها قاتلة بالنسبة للمخزن، فهو يبحث عن محاصرة الجزائر ومحاولة إرباكها في المنطقة، في حين هي تمسك بكل ما هو مسعى قانوني ودبلوماسي لإحباط كل المؤامرات التي تحاك ضدها.
تعطي الجزائر الأولوية للعمل الدبلوماسي، لكنها محقة في تحريك كل ما يحميها أمنيا، عسكريا واستخباراتيا، حيث قال المتحدث في هذا الصدد إن الجزائر لها من مقومات القوة ما يجعلها في منأى عن هذه المناورات التي تريد زعزعتها أو المساس بأمنها، وعنفوانها الذي تبديه في محيطها وتأثيرها على المستويين العربي والإفريقي خاصة.
في ذات السياق، قال دخينيسة إن الجزائر تتمسك بكل ما هو شرعي واحترام المؤسسات الدولية، لهذا راسلت المنظمات الدولية إلتزاما بالقانون الدولي، ولها من القوة لدعوة كل المنظمات والهيئات الدولية لمعرفة ما حدث في الاعتداء الإرهابي للمخزن، خاصة وأن المغرب أراد من خلاله رد فعل من الجزائر، لكنها على العكس تماما وجدت نفسها أمام ردّ كان متدرجا وقانونيا حسب التطورات الجديدة، معتبرا ما قامت به الجزائر من خطوات ردّا رصينا، لا يشكل أي مانع أمام اتخاذ الجزائر كل الإجراءات التي تحمي أمنها.
ولاحظ دخينيسة، أن مناورات الجيش الوطني الشعبي تندرج في إطار اليقظة والاستعداد لسيناريوهات مفتوحة، فالمؤامرة موجودة وتتطور، هدفها الأول ضرب استقرار الجزائر، نظرا لثقلها الجيوـ سياسي والاقتصادي المهم في المنطقة، بل هي الدولة الوحيدة التي تضمن الاستقرار في إفريقيا، مؤكدا أن دخول الكيان الصهيوني على الخط مشروع قديم، لكن في الآونة الأخيرة هناك نوع من التصعيد الذي كانت الجزائر مستعدة له، وكما تعودت دائما تتصرف في إطار المنظمات الدولية ووفق القانون الدولي.
واعتبر هذا المسعى قويا، لأن المسعى المخزني متلون ومضطرب، يريد التصعيد لكن مآلاته ضعيفة، لأن محاولته إثارة اضطراب ستواجهها الجزائر بردود مرتبطة بما تملكه من قوة رادعة، لكن ردها الأساس دبلوماسي وفقا للحركة الدبلوماسية الجزائرية المكثفة بعد الاعتداء الإرهابي، ستؤدي إلى تحقيقات دولية في الحادث ستكشف، لا محالة، عن مسؤولية المخزن، ما سيضعه أمام نتائج خطيرة، قد تدخله في مواجهة مع القانون الدولي والمؤسسات الدولية، لذلك سيبقى المسعى الجزائري قويا، لأنه يستمد قوته من احترام الشرعية والقانون الدولي والأطر الدبلوماسية.
ضغوط صهيونية للتطبيع
ويرى المحلل السياسي والأمني مصباح مناس، من جانبه، في اتصال مع «الشعب ويكاند»، أن الاعتداء المغربي عمل إجرامي وإرهاب دولة بامتياز، واجهت الجزائر سيناريوهاته المفتوحة بحكمة، لأنها تعي ما تقوم به، لذلك سيكون ردها من خلال تحريك المنظمات الدولية، حيث تعد مراسلات وزير الخارجية للأمم المتحدة والمنظمات الدولية أحد هذه الإجراءات، وكذا رد قضائي من خلال رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية، بالإضافة إلى أساليب أخرى قد تكون اقتصادية.
وركز المختص على ضرورة وضع الاعتداء في إطار وجود من يحاول إدخال الجزائر في مستنقعات تجرها إلى ما يحمد عقباه، لكنها واعية بما هو مخطط لها، كون هذه الجريمة لن تمر دون عقاب والعقاب لديه أكثر من أسلوب، والجزائر قادرة على تمرير رسائل قوية لكل الخصوم والأعداء.
أما فيما يتعلق بمحاولات المخزن طمس حقيقة الجريمة، في كونها اعتداء إرهابيا من خلال الترويج للرواية المغربية، لاحظ الأستاذ مناس أن معظم الإعلام العربي الثقيل تموله دول متحالفة مع النظام الملكي المغربي، نتيجة علاقات تاريخية ليست وليدة اليوم، مؤكدا أنه أحد الأسباب التي تجعل ذلك الإعلام الثقيل داعما للمغرب وفي كثير من الحالات مناوئا للجزائر.
وقال مناس، إن محاولة المغرب الترويج لرواية مغلوطة لما حصل بإبعاده صفة الاعتداء الإرهابي على الرعايا الجزائريين، تعكس حالة التململ الذي يعيشه النظام المخزني. فالحسابات التي راهن فيها على علاقته الجديدة والرسمية مع الكيان الصهيوني، يضاف له تحالفه مع دول عربية داعمة له ماديا وعسكريا حتى يكون رهانا ناجحا بامتياز، لكن من الواضح أن التحرك الجزائري كشف الكثير من الثغرات والمطبات في الحسابات المغربية، لذلك يعكس رد فعله لمغالطة الرأي العام الدولي ما اعتبره صورة جلية عن حالة تململ المخزن.
 وفي نفس الوقت، أكد أن ما هو مقبل لن يكون في صالح المغرب، لأنه يخسر فيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، ويخسر كذلك فيما يتعلق بالجبهة الداخلية الرافضة للتصعيد مع الجزائر، زاد غلق أنبوب الغاز من معاناتها الاجتماعية والاقتصادية، حيث سيكون له تداعيات وخيمة على توفير الطاقة داخل المغرب بالتزامن مع حلول فصل الشتاء.
«المغرب رهينة أجندة الكيان الصهيوني، ومن الواضح وجود علاقة متينة تربط المخزن المغربي وهذا الكيان»، استنادا إلى المحلل السياسي، الذي أكد أن الكيان الصهيوني لم تبق له سوى الجزائر للرضوخ لأطماعه في إفريقيا، فهو يدرك تماما ثقلها في المنطقة، بالإضافة إلى اقتناعه التام أن موجة التطبيع حتى وإن تصاعدت لن يحقق الكيان الصهيوني هدفها المنشود.
 وهنا لاحظ مناس، أن غاية الكيان الصهيوني من تحريك نظام المخزن المغربي، الضغط على الجزائر من كل الجبهات، سواء في علاقتها مع المغرب، أو من خلال ضلوعه فيما يحدث في ليبيا أو منطقة الساحل، معتبرا تصعيد الكيان الصهيوني «لعبة تطويق تاريخية» بدأها منذ سنوات ضد الجزائر، يلعبها مع الكثير من الحلفاء، في محاولة لجر الجزائر إلى ما يسمى بموجة التطبيع.
«مهما كانت التحديات والصعاب لن تنجرّ الجزائر وراء موجة التطبيع»، وفق ما أوضح المختص، الذي أكد استحالة رضوخ الجزائر لضغوط الكيان الصهيوني التي يمارسها ضدها، فالواضح أن الخاسر في نهاية المطاف هو نظام المخزن المغربي الذي يُجر إلى لعبة خاسرة، خاصة أن عامل الزمن لصالح الجزائر وليس المخزن.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19635

العدد 19635

الجمعة 29 نوفمبر 2024
العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024