ندوة حول ثورة التحرير بجامعة البليدة 1

تجارب لافتة لكفاح الطلبة الجزائريين

البليدة: أحمد حفاف

أدى الطلبة الجزائريون دورهم في الثورة التحريرية المجيدة مساهمين في تحقيق أهدافها المنشودة بتجسيد الاستقلال وطرد المستعمر الفرنسي الغاشم، ثم أسهموا في استقلال الجزائر بعد ذلك.
في ندوة علمية نظمها المكتب الولائي لمنظمة الصوت الوطني للطلبة الجزائريين نهاية الأسبوع المنقضي بجامعة البليدة 1، أبرز المشاركون أهمية العمل الذي قام به الطلبة لإنجاح الثورة، لاسيما الذين تلّقوا تكوينهم في المدارس العربية أي الزوايا والكتاتيب ومدارس جمعية العلماء المسلمين.
وقال أستاذ التاريخ الصادق دهاش: «انطلقت الثورة الجزائرية بالبسطاء من الفلاحين ثم انضمت إليها كل الفئات لذا وُصفت بالشعبية وانضم الطلبة اليها كنخبة فكرية للرفع من تيرتها»، وتابع بالقول: «يجب القول بأن الطلبة الذين درسوا بالمدارس الجزائرية هم الذين كان لهم تأثير كبير، وأقصد هؤلاء الذين تعلموا في الكتاتيب وتشبعوا بالثقافة العربية. لقد كانت كلمتهم مسموعة وخطابهم كان يحمس الناس، وفرنسا كانت تخشى أكثر من هؤلاء».
 وقال البروفيسور بجامعة البليدة 2، بأن جل الطلبة الجزائريين كانوا ينتمون للمتوسطات والثانويات وقليل جدا منهم من أسعفه الحظ ليكمل دراسته بالجامعة، وهذا بسبب الحصار التي فرضته فرنسا على تعليمهم، مشيرا إلى أن الفئة الثانية للطلبة الذين نهلوا العلم في المدارس القرآنية كان لهم إسهام في نشر الوعي للحفاظ على الهوية العربية الإسلامية.
وقام الطلبة الجزائريون بأدوار مختلفة، فهناك من التحق بالإعلام بتأسيس إذاعة الجزائر عام 1955 بالمغرب في مدن الناظور ثم طنجة والدار البيضاء، وإذاعة صوت العرب في القاهرة التي أعلنت للعالم بيان أول نوفمبر 1954، كما نشط أخرون في التمريض ممن تلقى تكوينهم في الطب، وهناك من حمل السلاح في الصفوف الأولى لجيش التحرير الوطني.
وأعطى الصادق دهاش أمثلة عن الطلبة الجزائريين الذين ناصروا الثورة وجاهدوا سرا وعلنا لأجل نيل الاستقلال، وذكر الشهيد لونيسي علي الذي تحمل جامعة البليدة 2 اسمه، حيث غادر مقاعد الدراسة في السنة الأولى حقوق بعدما طلب حزب جبهة التحرير الوطني الذي فجر الثورة الاستفادة منه، ومكث يعمل في العاصمة المصرية القاهرة، قبل صدور قرار السماح للكفاءات الثورية بإكمال دراساتها، ليتوجّه بعد سنة 1956 إلى ألمانيا ليواصل تكوينه في برلين ويصبح فيما بعد سفيرا للجزائر.
وبأقدم ثانوية في البليدة (ابن رشد التي شيُدت سنة 1881)، درس طلبة جزائريون عملوا جنبا إلى جنب على نصرة الدين والقيم قبل اندلاع ثورة التحرير، حيث كانوا يطالعون الجرائد التي تصدرها جبهة التحرير الوطني وينسقوا بينهم يضيف الأستاذ دهاش، ويتعلّق الأمر بالمجاهد المتوفى سعد دحلب الذي تحمّل جامعة البليدة 1 اسمه والذي كان أحد المفاوضين الأساسيين في اتفاقيات إيفيان الشهيرة، والمجاهد المتوفي بن يوسف بن خدة والشهيدين عبان رمضان وعلي بومنجل.
وتطرّق الدكتور كريم مناصر إلى أول منظمة طلابية جزائرية كانت تحت لوائها تنظم الطلبة الجزائريين لأجل نصرة القضية الجزائرية والتعريف بها على المستوى الدولي لأجل تحقيق الاستقلال، ويتعلّق الأمر بالاتحاد العام للطلبة المسلمين الذي تم تأسيسه في سنة 1956 وتمّ حله في عام 1958، وأبرز حدث قام به هو إضراب 19 ماي 1956.
واستحضر أستاذ التاريخ بجامعة العفرون نضال أول جزائري نال شهادة الدكتوراه في الطب، ويتعلّق الأمر بمحمد صغير بلرباي من مدينة شرشال، والذي لم يستسلم أمام اغراءات فرنسا وكان له دور بارز في الدفاع عن حقوق المظلومين حينما كان يعارض بشدة القوانين التي تٌصنف الجزائريين على أنهم آهالي ولا يتمتعون بنفس الحقوق مع المعمرين والفرنسيين المستوطنين، كما تصدى  للإدارة الفرنسية حينما قرّرت هدم مسجدين لتحويلهما إلى فندقين.
 وقال كريم مناصر بأن الطلبة الجزائريين باشروا النضال قبل اندلاع الثورة ولما أعلنوا الإضراب تخلوا عن مقاعد الدراسة وليس عن الدراسة، وأن طالب عبد الرحمن استمر في العمل النضالي بعد حلّ الاتحاد الطلابي كخبير في المتفجرات.
 
الوحدة لخوض معركة البناء  
وقبل أن يعرض تجربة الطلبة ودورهم الفعّال خلال الثورة وتنظيمها، تطرّق الأستاذ دهاش إلى كرونولوجيا الثورة التي جاءت بعد حالة يأس أصاب الجزائريين بسبب الاستعمار الاستيطاني، وكانت قلة قليلة تؤمن بإمكانية التحرّر بسبب عدم وحدة الصوفو انذاك، ولما اتحد المجتمع بكل أطيافه وفصائله وتياراته ظهرت الثورة على حدّ قوله.
ووجّه الباحث في التاريخ رسالة إلى الطلبة الحاليين وطلبة المستقبل بضرورة المضي قدما على نهج من نصروا الثورة وحرّروا الوطن، ويقول في هذا الصدد: «طلبة الجزائر في تلك الفترة (يقصد الثورة) قاموا بما عليهم وعلى طلبة الحاضر والمستقبل أن يخوضوا معركة البناء والتشييد لأننا نعاني مشكلة التخلّف وكيف نصل إلى ركب الدولة المتقدمة».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024