بعد تراجع ماكرون عن تصريحاته

التّدخل في الشّؤون الداخلية للجزائر خطّ أحمر

هيام لعيون

بعد ساعات فقط، عن التصعيد الجزائري تجاه باريس، بعد التصريحات الخطيرة للرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، والتي صوّب فيها سهاما “مسمومة” نحو رئيس الجمهورية والمؤسسة العسكرية وذاكرة الشّعب الجزائري، في انزلاق خطير وسقطة غير مبررة، تراجع الأخير، وعاد ليدعو للتهدئة والإشادة برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، واضعا “ثقته” فيه، كمال قال.
التّصريحات التي جاءت على لسان ماكرون، لم تكن يوما سويّة، بل متضاربة في كل مرة، والتاريخ شاهد على ذلك، وهو ما حصل هذه المرة، خاصة حينما يتعلق الأمر بملف الذاكرة، الذي تعتبره باريس ملفا محايدا، وهو ما ترفضه الجزائر وتعتبره من بين أهم الملفات في بناء العلاقة مع الطرف الفرنسي، و«بارومتر”، في قياس درجة الروابط بين الدولتين، التي تتأرجح بين الدفء والبرودة.
يرى أستاذ العلوم السياسية أسامة بوشماخ، أن تراجع الرئيس الفرنسي عن تصريحاته، جاء بسبب مخاوف باريس من انعكاس ملفات حسّاسة على مستقبلها، لو هي استمرت في رفع التوتر مع الجزائر، ويمكن تفسير ما حدث لماكرون على أنه “فقد بوصلته”.
وقال بوشماخ في تصريح لـ “الشعب”، إن إعادة مراجعة هذه التصريحات يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط رئيسة:
أولها، أن “ فرنسا ستفقد تسمية دولة محورية في المنطقة، بعد قرار الجزائر منع تحليق الطائرات الفرنسية في أجوائها، فهو بالنسبة للفرنسيين قرار صعب جدا، خصوصا في ظل تزايد النفوذ الروسي في منطقة الساحل الافريقي”.
أما ثاني نقطة ــ بالنسبة لبوشماخ ــ فهي رسالة الجزائر التي وصلت إلى الساسة الفرنسيين، والتي مفادها أنه من غير الممكن من وغير المقبول التدخل في شؤونها الداخلية، بعد فقدان فرنسا موقعها كشريك أول بالنسبة للجزائر في المنطقة، ومخاوف من مضي الجزائر في تهديداتها أكثر في هذا الخصوص، والذهاب نحو تخفيض معاملاتها التجارية مع فرنسا.
فيما يعتقد أستاذ العلوم السياسية، أن النقطة الثالثة، وهي في غاية الأهمية في نظره، وهي “دور الجزائر في التنسيق الأمني الاستخباراتي في دول الجوار ومنطقة الساحل، خاصة بليبيا، رغم عدم توافق الرؤى في هاتين الدولتين، ومع ذلك هناك تنسيق استخباراتي وفرنسا فهمت الرسالة، على أنه لا يمكن أبدا التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر”.
وأبرز محدثنا، أن هذه التصريحات المتناقضة للرئيس الفرنسي، جاءت بعد سلسلة من الاستفزازات سابقا، ولم تكن الأولى من نوعها، ففي سنة 2020 تحدث ماكرون عن الحراك الشعبي الجزائري، وعن النظام السياسي في الجزائر، وعن المؤسسة العسكرية، لكن في كل مرة كان يتراجع حول كل ما يقوله”، موضحا أن “اليمين المتطرف ضغط بشكل كبير جدا، لكن ما يجب التأكيد عليه أن الضرر كان سيكون كبيرا لو استمر ماكرون على موقفه، وأبقى التوتر بين الجزائر وفرنسا على هذا الشكل، وهذا كله أيضا يدخل في إطار الحملة الانتخابية لرئاسيات فرنسا والمقررة السنة المقبلة، وفي اعتقادي فإن العلاقات ستعود إلى ما كانت عليه سابقا بعد انتخابات ماي 2022”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19554

العدد 19554

الإثنين 26 أوث 2024
العدد 19553

العدد 19553

الأحد 25 أوث 2024
العدد 19552

العدد 19552

السبت 24 أوث 2024
العدد 19551

العدد 19551

الخميس 22 أوث 2024