«صفقة القرن» كما يسميها ترامب لأنه لا يفهم إلا لغة الصفقات ومنطق البيع و الشراء ولكنّه لم يخبرنا بين من ومن تمت، من هُم أطرافها، لأن الفلسطينيين بما فيهم السلطة لم يقبلوا بها ولم يحضروا مراسم الإعلان عنها ؟ ! وبعد تشويق، وتسويق وانتظار طويل، تمخّض ترامب فولد فأرا ؟.
لماذا أطلق ترامب على هذه الخيبة (صفقة) ولماذا اختار هذا التوقيت؟ قد تكون السيناريوهات التالية تحمل بعض الإجابات على هذا السؤال، أما الأول فيبدو أن الرئيس الأمريكي رقم 45 عقد بالفعل صفقة مع الكيان الصهيوني، مقابل إيصاله إلى البيت الأبيض وبالتالي كان عليه إكمال صفقة استكمال إقامة دولة اسمها إسرائيل وعاصمتها القدس قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية أي قبل ترك منصبه للرئيس 46 والثاني أنها في بدايتها وبالتالي مساعدته على افتكاك عهدة رئاسية ثانية عربونها صفقة ترامب – نتنياهو، أما المعنيين مباشرة بالملف فلا وجود لهم في هذه الصفقة الثنائية أو الصفعة الجماعية لكل العرب، المسلمين و حتى المسيحيين؟.
رفع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب شعار «أمريكا أوّلا» في حملته الانتخابية الرئاسية ؟ ولكن كان من الواضح أن إسرائيل شكّلت أولى أولوياته وإلا كيف نفسّر هذا الفحش البوّاح والاحتقار الفاضح للشرعية الدولية من خلال الدوس على كل القرارات واللوائح الأممية حتى تلك التي شاركت في صياغة بعضها الإدارات الأمريكية السابقة؟ لم يجرأ أي من الرؤساء الأمريكيين الـ 44 الذين تعاقبوا على المكتب البيضاوي فعل ما اقترفه ترامب في حق شعب أعزل مظلوم يعيش تحت نير احتلال، من فرط وقاحته دعا زعماء العالم قبل أسبوع ليقاسموه مراسم إحياء الذكرى الـ 70 لمعتقل «أوزفيتش» النازي، بينما أقام العديد من «الأوزفيتشات» للفلسطينيين أكبرها «أوزفيتش» اسمه غزة ؟ ولكن لا أحد من هؤلاء الزعماء تجرّأ على تحريك الشفاه ولو بالتمتمة خوفا من اتهامه بمعاداة السامية ؟.
عندما تستمع إلى ترامب وهو يدعو العرب والمسلمين إلى التكفير عن ذنوب ارتكبوها في حق الكيان المحتل سنة 1948 ، تدرك حجم تأثير اللّوبي الصهيوني ممثلا في جاريد كوشنير، صهر ترامب الذي يبدو أنه لم يشترط على ايفانكا التحوّل عن ديانتها المسيحية الى اليهودية قبل الزواج منها فقط، ولكنه اشترط على والدها أن تكون هدية زواجهما القضية الفلسطينية، وهكذا تسلّم الصهر الملف، لهذا جاءت الصفقة على المقاس ؟ !.
بغض النظر عن كونها «صفقة»، كما وصفها ترامب أو «مؤامرة»، كما وصفها محمود عباس، الأهم أن تكون صفعة وصفعة وصفعة، توقظ الفلسطينيين الذين عليهم أن يفهموا أنه يكفيهم الشتات الجغرافي وأنهم في غنى عن شتات الأفكار والمشاريع، والأهم أن يدركوا أن مشروعهم ومصيرهم واحد ؟ !.