أوضح جان فرانسوا داقوزان، المدير المساعد في مؤسسة البحث الاستراتيجي بفرنسا، بأن التعاون الدولي ضرورة في مكافحة الإرهاب، مشددا على ضرورة الحفاظ على المستوى المحقق لاسيما على المستوى الثنائي، معتبرا بأن القضية المالية أحسن مثال للتعاون وأن إيجاد منطق تعاون قوي وسريع لعلاج المشكل ضرورة.عاد المدير المساعد في مؤسسة البحث الاستراتيجي بفرنسا خلال محاضرة ألقاها، أمس، بفندق الهيلتون حول موضوع (الإرهاب الدولي: الثوابت والمتغيرات) المنظمة من قبل المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، إلى ظاهرة الإرهاب عبر التاريخ، لافتا إلى أنها لم تولد مع بروز تنظيم القاعدة ولا بما يصطلح عليه بـ«الإرهاب الإسلامي» وإنما هي متجذرة اقترنت بالمجتمع الإنساني، مؤكدا في سياق تحليله بأن الإرهاب تم نقله إلى دول أجنبية بعدما لقي فشلا بالداخل، وخلص إلى القول بأنه بأن الضربات الموجعة التي تلقتها المنظمة الجهادية للقاعدة بعد القضاء على أبرز عناصرها وتوقيف البعض الآخر مما أضعفها كثيرا.
وبعدما أشار إلى أن الإرهاب ليس حربا وإنما جريمة تعالج عن طريق وسائل العدالة ووسائل مكافحة الجريمة، أكد بأن مكافحة ظاهرة الإرهاب تقوم على التعاون الدولي باعتباره وسيلة ناجعة موضحا بأنه يحقق نجاحا على المستوى الثنائي ينبغي أن يكون في نفس المستوى المتعدد الأطراف، مستندا في ذلك إلى القضية المالية.
وفي سياق تحليله للظاهرة، قال ملقي المحاضرة بأن ما لم يكن يعرفه الإرهابيون، بأن ما أطلقوا عليه الجهاد على المستوى المحلي أي الوطني ببلدانهم سيلقى فشلا نظرا لمكافحته من قبل القوات النظامية، ما أدخل الظاهرة في مرحلة ثانية فبعد الخسارة في الداخل تم نقلها إلى الخارج وتدويلها من خلال أحداث ١١ سبتمبر بأمريكا، لكن بعد مرور عشر سنوات كاملة عنها، فإن الوضعية حسب توضيحات ـ داقوزان ـ شهدت تحولات كبيرة لاسيما وأن تنظيم القاعدة الذي ظهر في ١٩٩٨ تلقى ضربات موجعة وعلى رأسها موت بن لادن، كما أن موت أعضاء بارزين والقبض على البعض منهم أضعف النواة المركزية، مشيرا إلى أنه تكيف مع التحولات المعقدة ما أدى الي بروز نواة حركات مستقلة في البلدان الضعيفة ذكر منها العراق.
وحرص على التوضيح بأن الإرهاب الذي كان شكله الأول يقتصر على قتل الملوك والدكتاتوريين وتحول ليستهدف الشعوب بعد ظهور وسائل الاتصال منها الطباعة والمنشورات، يستهدف الرأي العام للضغط على الحكومات.
وتوقف داقوزان عند إغفال الحديث عن اليمين المتطرف والاقتصار على الحديث عن المهاجرين لدى تناول الظاهرة بأوروبا، تطرق إلى الأصناف الأخرى من الإرهاب ذكر منها الإرهاب الايكولوجي الذي أخذ حجما كبيرا.
الحل العسكري في مالي ليس إجباريا لكن لا مفر منه:
داقوزان: موقف الجزائر مؤسس والتعاون مع فرنسا ضرورة
اعتبر جان فرانسوا داقوزان، بأن الحل العسكري في مالي ليس إجباريا، لكن لا مفر منه، وبرأيه فإن «الأمور قد لا تصل إلى حد التدخل العسكري»، لكن «إشراكه مع الحل السياسي الذي تتمسك به الجزائر» من شأنه «التأثير على المجموعات الإرهابية» ـ أضاف يقول ـ وكذا الحيلولة دون «ميلاد دولة جهادية في الصحراء تتسبب للجزائر في مشاكل لا تنتهي».
أكد داقوزان، في تصريح أدلى به للصحافة على هامش محاضرة ألقاها أمس حول موضوع (الإرهاب الدولي: الثوابت والمتغيرات)، المندرجة في إطار سلسلة اللقاءات المنظمة من طرف المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، أن الموقف والرؤية الجزائرية تجاه الوضع في مالي مؤسس، موضحا بأنها تركز على التفاوض الذي يعتبر بمثابة حل سياسي، لأنها تفصل بين «التوارق» و«أقمي»، لكن «لا بد من معالجة المشكل عسكريا» حسب ذات المتحدث بهدف «استئصال الحركات الجهادية»، وذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيده بأن «ميلاد دولة جهادية في الصحراء» قد ينتج عن عدم انتهاج الخيار العسكري الذي تتمسك به بلاده ويتسبب في مشاكل لا تنتهي للجزائر.
وبالنسبة للمدير مساعد في مؤسسة البحث الاستراتيجي بفرنسا، فإن التفاوض حلا في حد ذاته لكن على أن يرفق بالضغط العسكري ليأتي بالنتائج المرجوة، وذهب إلى أبعد من ذلك في رده على سؤال حول ما اذا كان التدخل العسكري إجباري، بالقول بأنه ليس إجباريا لكن لا مفر منه، موضحا بأن مكافحة الإرهاب تقوم على مبادئ ذكر منها، «التعاون الدولي من قبل الدول المعنية لتجنيد الطاقات والوسائل السياسية والقانونية، بالإضافة إلى جهاز العدالة والأمن، مشددا على ضرورة المرور عبر العدالة إلا في حالات خاصة، مثلما هو الشأن بالنسبة لمالي التي تتطلب قرارا عسكريا.
واستنادا إلى توضيحات ـ ذات المتحدث ـ فإن بحث الحسم في طبيعة الحلول بالنسبة لقضية المالي، ينبغي أن تتم في إطار تشاور دولي التي تعتبر فيها الجزائر طرفا فاعلا وهاما، مرجحا إرفاق الحلين السياسي من خلال التفاوض الذي تدعمه الجزائر والعسكري الذي تدعمه فرنسا، ولدى مرافعته لهذا الأخير أكد بأنه الكفيل للضغط على المجموعات الإرهابية، لكنه لم يستثن فرضية عدم وقوع تدخل عسكري رغم ترجيحه كحل.
ونبه داقوزان إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بفصل التوارق عن أقمي فقط، وإنما من جهة أخرى توجد المطالبة بالاستقلال عن السلطة التي تتطلب من الحكومة المالية مسايرة الوضع.
للإشارة، فإنه شدد خلال المحاضرة على ضرورة التعاون والتنسيق بين الجزائر وفرنسا في هذه المسألة، لاسيما وأن التعاون بينهما أثمر في السابق وذلك من خلال وضع مقاربة لمعالجة المشكل نظرا لآثاره على الدول المجاورة وعلى أمن الجزائر في حد ذاتها.