تعاني العديد من التجمعات السكنية بولاية عين تموشنت، التي تحتل موقعا طبيعيا خلابا تشوها على مستوى نسيجها العمراني الذي بات يهدد وجهها العام كقطب سياحي ويؤثر على محيطها البيئي وسط ما تشهده من نفايات مترامية في كل الجهات ما أجهض سبل إقامة مساحات خضراء.
يتعلق الأمر بتلك المباني الفوضوية التي انتشرت على أطراف المدينة، وهي المباني التي أقيمت في أغلبها في ظل غفلة الجهات المعنية الساهرة على تطبيق قوانين ردع البناء الفوضوي، حيث أثرت سلبا على النسيج العمراني للمدينة.
من جانب آخر تظل عاصمة الولاية تشكو انعدام المساحات الخضراء، بسبب زحف الأسمنت على كل ما هو أخضر وبالتالي تسجيل ضياع أحد الحقوق الطبيعية الأساسية لسكان عين تموشنت، لا سيما على مستوى التجمعات السكانية الكبرى.
وفي ذات السياق تضررت فئة الأطفال جراء غياب مساحات اللعب وفضاءات الترفيه والتسلية، وهذا ما أثر سلبا على نفسية الكبار و الصغار الذين لم يجدوا متنفسا لهم سوى المقاهي، خاصة أن الظروف في السنوات الماضية، قد أنست السكان حاليا التوجه نحو الجبال والغابات المجاورة.
ونظرا لأهمية وجود المساحات الخضراء في إحداث التوازن البيئي فإن عدم إدراجها في المخططات العمرانية حديثا أو التي هي في طريق الإنجاز ليس له مبرر أو حجة، لاسيما أمام إلحاح رئيس الجمهورية في كثير من الأحيان على حتمية وإجبارية إنجاز المساحات الخضراء ضمن كل المشاريع العمرانية والطرق، ومن جانب آخر يستلزم تدخل السلطات المختصة وفي مقدمتها الساهرون على حماية البيئة، حيث غدت واجبا على عاتق الجميع طالما أن الكثير منهم لا يملكون ثقافة بيئية تجعلهم يكفون عن القيام ببعض السلوكات التي تؤول في النهاية إلى تعفن محيطهم ومن ثم بيئتهم.
ومن ذلك رمي القمامات الخاصة بهم بشكل عشوائي في الشوارع دون مراعاة آثارها السلبية على حاجة السكان، كما أضحت فوضى النفايات المتراكمة بمختلف أحياء المدينة أحد المشاهد المألوفة لدى العام والخاص، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على نقص الثقافة البيئية لدى السكان الذين يفضل معظمهم تحقيق النظافة الشخصية أو المنزلية على حساب النظافة العامة أو الجماعية وهو سبب يحول دون تحقيق التمدن في غياب الوعي المطلوب فبدل أن تستغل أماكن عديدة كمساحات خضراء تضفي على التربة طابعا جماليا أو كفضاءات آمنة يمارس أطفال المنطقة وشبابها فيها ألعابهم، خاصة أن معظمها متموقعة وسط السكنات الاجتماعية استغلت كمفارغ مجاورة لتجنب تكبد عناء احترام الوقت ولا غير والتخلص الأصح من هذه النفايات.
وحتى نكون واقعيين ونتوقف عن إلقاء اللوم على الجهات المعنية التي قامت بدورها هذه المرة ووفرت شاحنات لهذا الغرض ليبقى المسؤول الأول المواطن الذي يشتكي من الروائح الكريهة التي تنبعث من المفارغ المتعددة ناسيا أو متناسيا أنه سبب في انبعاثها بفعل تنصله من واجباته للحفاظ على المحيط العام انطلاقا من المحيط الخاص به.