لا تزال عملية بيع القطع الأرضية الموجّهة للبناء ضمن تجزئات عقارية يتم إعدادها خصيصا لهذا الغرض دون موافقة الجهات المعنية، تستهوي العديد من مكاتب الدراسات المنتشرة عبر ولاية تيبازة والتي تعمد إلى شراء أراض بالجملة لتجزئتها وتسويقها للزبائن بطريقة تبدو في ظاهرها شرعية غير أنّها تفتقد للعديد من الأوجه القانونية.
وحسب المتتبعين للشأن العقاري على مستوى الولاية، فإنّ ذات الأراضي لا تكون مدمجة ضمن مخططات استغلال الاراضي البلدية، ومن ثمّ فهي تفتقد إلى وثائق العمران المطلوبة ولا
يمكن للجهات المعنية المصادقة على طلبات رخص البناء بها، كما أنّ إنشاء التجزئات يخضع بقوة القانون لترخيص مسبق من المحافظة العقارية المحلية قبيل المرور إلى مرحلة التجزئة
وبيع القطع الأرضية للزبائن، إلا أنّ مكاتب الدراسات على اختلاف مواقعها وتخصصاتها تتحايل في الواقع على الجميع من خلال اقتناء قطع أرضية شاسعة بثمن بخس قبل تجزئتها بمساعدة خبير عقاري،
وتسويقها للزبائن دون مصادقة المحافظة العقارية على ذلك، الأمر الذي يربك الزبون حين مطالبته برخصة البناء لدى الجهة الوصية على العقار.
ومن الأمثلة على ذلك ما حصل ببلدية الناظور بمنطقة سيدي موسى، حيث بيعت عدة قطع أرضية قبل 4 سنوات وهي لاتزال بورا الى حد الساعة،
والامر نفسه بالنسبة لبلديات سيدي راشد ووتيبازة وفوكة والقليعة. كما تجدر الاشارة هنا، إلى أنّ أحد مكاتب الدراسات كان قد أقدم على جرد منطقة غابية من غطائها النباتي مؤخرا لعرضها على الزبائن بأثمان مريبة لا تزيد عن 8 ألاف دج للآر الواحد، مع كون المنطقة تطل على البحر غير بعيد عن منطقة البلج السياحية ببلدية تيبازة إلا أنّها تفتقد لشبكات الصرف الصحي والماء الشروب والكهرباء والهاتف وغيرها، بحيث أوهم القائمون على التجزئة زبائنهم بكون الموقع لا يصلح للاقامة الدائمة بقدر ما يصلح لقضاء فترة الاصطياف على مقربة من البحر بالنظر الى غياب مختلف المرافق الاجتماعية كالمدرسة ودار الشباب والمسجد، ومن ثمّ فقد تجرّأ العديد من الزبائن على الشراء واقتنوا قطعا لهم هناك دون علمهم باستحالة طلب رخص البناء باعتبار الموقع يعتبر تابعا للقطاع الفلاحي.وإذا كان العديد من المواطنين لا يتأخّرون على اقتناء قطع أرضية على هذا النحو وبأثمان جدّ معقولة، فإنّ مردّ ذلك الى أسباب جدّ معقولة أيضا وهي تتعلق
على وجه الخصوص بالبحث عن الاستقلالية عن الاهل من جهة ورغبة الأسر الميسورة الحال في توفير أكبر عدد من الغرف بالسكن الواحد للمّ شمل أفرادها، وجنوح بعض العائلات العاصمية والبليدية إلى حيازة سكنات إضافية لها بالساحل التيبازي لاستغلالها خلال الفترة الصيفية، إضافة إلى الرغبة الملحة لبعض العائلات في استغلال سكن فردي بعيدا عن ضوضاء العمارات والمناطق الآهلة بالسكان، ومن ثمّ فقد انتعشت تجارة هذا النمط من العقار خلال الفترة الأخيرة ولا تزال الأمور على حالها، بحيث يزداد الطلب على مختلف القطع الأرضية المخصصة للبناء لاسيما خلال الفترة الصيفية، الأمر الذي فتح المجال واسعا أمام التحايل من لدن بعض مكاتب الدراسات في هذه المسألة من حيث شراء مساحات شاسعة تابعة للقطاع الفلاحي،وتقسيمها الى قطع صغيرة لتسويقها للراغبين في الاستثمار في العقار، غير أنّ الزبون يفاجأ أخيرا بكون أرضه لا يمكن بناؤها قانونا بحكم تبعيتها للقطاع الفلاحي دون أن تتدخل السلطات المعنية لمنع الظاهرة أو تقنينها.وأشار بعض المتتبعين للشأن العقاري بأنّ ذلك يندرج ضمن تداعيات شراء السلم الاجتماعي، وزرع الأمل في وسط المتضررين من أزمة السكن مع تخفيف الضغط على مشاريع السكن العمومية، إلا أنّ البرامج السكنية المعتمدة من لدن الحكومة خلال الفترة الأخيرة قد تجبر السّلطات للتحرك سريعا لمنع الظاهرة على أرض الواقع.