تواجه مشاريع التّنمية المحلية العديد من العقبات البيروقراطية ببلديات بومرداس، تكون حتمية في نهاية المطاف لتعطّل عملية الانجاز وتأخّر مدة التسليم المحددة في دفتر الشروط الموقع بين الإدارة والمقاول، وداخل هذه الإشكالية تبرز المسؤوليات والجهة التي تتحمّل تبعات تعطّل المشاريع التي يتطلّع إليها المواطن، وكثرة النّزاعات التي تصل أحيانا إلى أروقة المحاكم، وأحيانا أخرى تلجأ السّلطات العمومية إلى سحب المشروع من المقاولة الفائزة بالمناقصة وتعويضها بأخرى.
تهم متبادلة بين ممثلي الإدارة المحلية والمنتخبين المحليين من جهة، والمقاولين النّاشطين عبر تراب الولاية حول تحديد المسؤوليات وأسباب تأخر المشاريع التنموية، وإعادة تقييمها في كل مرة بأضعاف مضاعفة، وقد اختارت “الشعب” في عيّنتها لهذا الملف رئيس الكنفدرالية العامة لأرباب العمل فيدرالية بومرداس عبد الله بن تورة، وهو صاحب مقاولة متخصّصة في الإنارة العمومية، الذي لم يتوان في اتّهام الإدارة وتحميلها صراحة مسؤولية تعطّل قطار التنمية المحلية، والعديد من المشاريع التي استفادت منها بلديات الولاية، وهذا راجع حسب منظوره لسلوكات تتنافى أحيانا مع مفهوم الشّفافية في منح المشاريع.
وقد لخّص رئيس الكنفدرالية العامة لأرباب العمل جملة العراقيل التي يواجهها المقاول بالقول: “هناك ظاهرة يعاني منها المقاول في الميدان هي ثقل الملف الإداري وغياب التّسهيلات، وكذا طريقة إجراء المناقصات المحلية التي تشرف عليها لجنة الصفقات العمومية من خلال ترجيح كفة بعض المقاولين الذين يقدّمون أقل عرض لكن يفتقدون للتّأهيل والتّخصص اللاّزم، إضافة إلى القوة من حيث التّجهيزات والوسائل، وهو ما يؤدّي في النّهاية إلى عجز المقاولة عن تجسيد المشروع وعدم الوفاء بالتزاماتها الموقّعة في دفتر الشّروط، وكل ذلك انعكس سلبا على مشاريع التنمية المحلية بولاية بومرداس، خاصة المشاريع الحيوية منها في حياة المواطن كمياه الشرب، الصرف الصحي، غاز المدينة. وكمثال على ذلك كنّا في السّابق نقوم بإنجاز وتسليم مشروع ثانوية في أجل لا يتعدى 18 شهرا، أما حاليا فهو يتجاوز 36 شهرا..”.
كما طرح بن تورة جملة أخرى من المشاكل والعراقيل التي يتخبّط فيها المقاول قائلا: “نعاني من تبعات سوء التّقدير في عملية دراسة المشروع التي لا تأخذ بعض الملحقات الثانوية في الحسبان، فقد تتضاعف تكاليف المشروع بنسبة 50 بالمائة لإنجاز مشاريع ثانوية ملحقة لا توجد أصلا في الصّفقة، ومتاعب أخرى مع البنوك فيما يخص طريقة إدارة قروض ضمان الكفالة التي يعجز أحيانا بعض المقاولين في تسديدها للحصول على القرض المطلوب، ومشاكل التّسوية النّهائية بعد انتهاء المشروع التي تمكّن المقاول من سد الأعباء المتعلقة بأجور العمال، الضرائب وصندوق الضمان الاجتماعي.
في الأخير طرح رئيس الكونفدرالية إشكالية الاعتراضات التي يواجهها المقاول في الميدان من طرف بعض الجهات، وخاصة المواطنين عند انطلاقه في إنجاز المشروع كفتح الطّرقات، أشغال التهيئة وتمرير قنوات المياه والغاز عبر الممتلكات الخاصة، حيث تشهد العديد من المشاريع العمومية مثلما قال نزاعات وتوقّف عن الأشغال، مقدّما مثالا أيضا بمشروع لإنجاز الإنارة العمومية لأحد المقاولين المتوقّف منذ أكثر من سنة بنسبة إنجاز وصلت إلى 93 بالمائة، وذلك نتيجة اعتراضات المواطنين على مشروع لإنشاء محول كهربائي من طرف مديرية توزيع الكهرباء والغاز لبومرداس التي عجزت في معالجة القضية بسبب عدم تعاون الإدارة المعنية، على حد قوله.
رئيس بلدية الثنية: “هناك مقاولات تتحايل بتقديم أقل عرض”
من جهته، أكّد رئيس بلدية الثنية، محمد باندو، في تشريحه للموضوع، أنّ رئيس البلدية والسّلطات المحلية على وجه الخصوص تحاول من خلال لجنة الصّفقات التي يترأّسها رئيس المجلس الشعبي البلدي الالتزام الصّارم بقانون الصّفقات العمومية أثناء دراسة المناقصة، خاصة منه قانون المنافسة والاحتكار معبرا بالقول: “من خلال التّجربة والتعامل مع المقاولين، نتوصّل مع الوقت إلى تحديد المقاولة المؤهّلة صاحبة الإمكانيات من الأخرى المتحايلة، فمن خلال قانون المنافسة والاحتكار نستطيع تسيير مشاريع الصّفقات العمومية، حيث لا يمكن لمقاولة واحدة احتكار أكثر من مشروعين في بلدية واحدة إلاّ إذا كانت فعلا مؤهلة لذلك..”.
وفي سؤال عن طبيعة المشاكل التي تواجهها السّلطات المحلية في تعاملها مع المقاولات وأساليب التّحايل المستعملة، ردّ رئيس بلدية الثنية بالقول: “من خلال التّجارب السّابقة بالبلدية سجّلنا العديد من أساليب التّحايل التي تلجأ إليها بعض المقاولات حتى تفوز بالصّفقة، منها تكسير القيمة المالية للمشروع بتقديم أقل عرض لأقل من عشر سنوات وهو ما يعني فوزها القانوني بالمشروع، مع تقديم وثائق ثبوتية في الملف لإبراز مؤهّلاتها المادية كالوثائق الإدارية، البطاقات الرّمادية لمختلف الوسائل والآلات الخاصة بالأشغال، ليتم الكشف في النّهاية أنّ هذه المقاولة تملك العديد من المشاريع وفي مناطق مختلفة، لكنّها تعجز في نهاية المطاف عن الوفاء بتعهّداتها وتبقى كل مشاريعها معلّقة..”.
هذا وكشف رئيس بلدية الثنية بالمناسبة، أنّ البلدية ومنذ بداية العهدة الجديدة لم تسجّل حالات مماثلة خاصة وأنّ أغلب الصّفقات المتعلّقة بالمشاريع التنموية تمّ الشروع فيها مؤخّرا، وهي حاليا قيد الانجاز.
سوء اختيار المقاولة وعدم احترام دفتر الشّروط
عقبات إدارية تعرقل المشاريع التّنموية ببومرداس
ز ــ كمال
شوهد:879 مرة